إنتاج النفط التقليدي آخذ في الانخفاض بشكل أسرع مما كان متوقعا، متجاوزا الانخفاض في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. إنتاج النفط الخام والمكثفات النفطية من خارج دول “أوبك” في اتجاه تنازلي، حيث إن إنتاج “أبريل” أقل بأكثر من 1.5 مليون برميل في اليوم من الذروة الموسمية خلال “ديسمبر” وبانخفاض 1.4 مليون برميل في اليوم عن الشهر نفسه من العام الماضي. ولكن معظم الانخفاضات لا علاقة لها بإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، على الرغم من التوقعات بأنه سيقود الانخفاض في الإمدادات من خارج “أوبك” هذا العام.
يستجيب إنتاج النفط الصخري الأمريكي بسرعة أكبر لتغير الأسعار من باقي أنواع العرض الأخرى، ولكنه يمثل فقط 10 في المائة من إنتاج الدول خارج “أوبك”، وهذا يعني أن تأثيره سيكون قليلا لصغر نسبته. وصل إنتاج النفط الصخري الأمريكي إلى أعلى مستوى له في نيسان (أبريل) من العام الماضي، أي قبل نحو ثمانية ـــ تسعة أشهر من الذروة التي وصلها إنتاج باقي الدول خارج “أوبك”، وينخفض بمعدل أسرع. ولكن مساهمته في إجمالي حجم الانخفاض في إمدادات النفط من خارج “أوبك” أقل الآن من غيره من مصادر العرض.
بين كانون الثاني (يناير) ونيسان (أبريل)، كان متوسط إنتاج النفط من خارج “أوبك” أقل بما يقرب من 800 ألف برميل في اليوم من الفترة نفسها من العام الماضي. لكن النفط الصخري الأمريكي شكّل أقل من ثلث هذا الانخفاض ـــ حيث تراجع بنحو 250 ألف برميل في اليوم، أو تقريبا 5 في المائة ـــ في حين أن مصادر العرض الأخرى مثلت أكثر من ثلثي التراجع، منخفضة بنحو 550 ألف برميل في اليوم أو ما يزيد قليلا على واحد في المائة من إنتاج العام الماضي.
الانخفاض الحاد الأخير في الإنفاق على المشاريع الاستخراجية يعني أن عديدا من الشركات سوف لن تتمكن من الحفاظ على طاقاتها الإنتاجية. ونتيجة لذلك، إنتاج النفط التقليدي يتراجع، على الرغم من أن نحو عشرة مشاريع عملاقة من خارج “أوبك” قد بدأت في الإنتاج منذ بداية العام الماضي. بالفعل نحو مليون برميل في اليوم من الطاقات الجديدة بدأت في الإنتاج، لكن هذه المشاريع كانت متركزة في عدد قليل من البلدان ـــ البرازيل، كندا، النرويج والولايات المتحدة. الطاقات الإنتاجية في تراجع في معظم البلدان الأخرى، حيث إن الشركات لا تستطيع أن تتحمل نفقات حفر آبار جديدة ضرورية لديمومة الإنتاج. عدد منصات الحفر خارج الولايات المتحدة، الشرق الأوسط والاتحاد السوفياتي السابق انخفض بنحو الثلث في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى نيسان (أبريل) مقارنة بالعام السابق، استنادا إلى شركة بيكر هيوز.
فقط عدد قليل من الدول من خارج “أوبك” حقق مكاسب كبيرة في الإنتاج – المملكة المتحدة، النرويج، روسيا وعمان ـــ مجتمعة أضافت نحو 450 ألف برميل في اليوم. في المناطق الأخرى، كان هناك تراجع شبه عالمي. حتى البرازيل ـــ التي استثمرت في السنوات الأخيرة بشكل كبير في طاقات المياه العميقة ـــ انخفض إنتاجها في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى نيسان (أبريل) بنحو 4 في المائة، بسبب قلة المشاريع التي بدأت الإنتاج في عام 2015، عمليات الصيانة والحريق في سفينة الإنتاج. إنتاج الصين – التي تعتبر ثالث أكبر منتج من خارج “أوبك” بعد روسيا والولايات المتحدة ـــ انخفض بنحو 150 ألف برميل منذ بداية العام. كما أن إنتاج كندا انخفض أقل من مستوى العام الماضي حتى قبل حرائق الغابات التي تسببت في إغلاق نحو مليون برميل في اليوم من طاقات الرمال النفطية في أيار (مايو) الماضي.
الولايات المتحدة كانت أكبر مساهم في خفض الإمدادات من خارج “أوبك” هذا العام، بسبب تراجع إنتاج النفط الصخري. لكن النفط الصخري ليس هو المصدر الوحيد في الانخفاض. حسب إدارة معلومات الطاقة، انخفض إنتاج النفط الخام والمكثفات في الولايات المتحدة بنحو 420 ألف برميل في اليوم في المتوسط منذ بداية العام، شكل النفط الصخري أكثر من نصف هذا التراجع. ارتفع إنتاج النفط في خليج المكسيك وألاسكا على أساس سنوي بعد أن بدأت حقول جديدة في الإنتاج، في حين أن الإنتاج في الولايات الـ 48 السفلى ـــ باستثناء خليج المكسيك ـــ انخفض بنحو 580 ألف برميل في اليوم. نحو 250 ألف برميل في اليوم من الانخفاض جاء من المناطق السبع الرئيسة المنتجة للنفط الصخري ـــ وخصوصا في ولايتي داكوتا الشمالية وتكساس ـــ حسب تقرير إنتاجية الحفر لإدارة معلومات الطاقة، لكن باقي الانخفاض في الولايات الـ 48 السفلى كان من المصادر التقليدية، حيث إن ركود أسعار النفط كبح نشاط الحفر.
يتراجع إنتاج النفط الصخري بسبب عدم حفر آبار جديدة كافية لتعويض الانخفاض السريع في الآبار القديمة. تقول معظم شركات النفط الصخري إن أسعار خام غرب تكساس الوسيط يجب أن تكون على الأقل قرب 50 دولارا للبرميل قبل أن ينشروا المزيد من أبراج الحفر. تراجع عدد منصات الحفر في المناطق السبع الرئيسة المنتجة للنفط الصخري إلى 281 منصة في نيسان (أبريل) ـــ هذا أقل من ربع عدد منصات الحفر التي كانت عاملة في الشهر نفسه قبل عامين، قبل بدء أسعار النفط في الانخفاض. ولكن عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة قد يكون وصل إلى القاع مع ارتفاع الأسعار ـــ حسب بيكر هيوز عدد منصات الحفر لم يتغير في النصف الثاني من أيار (مايو) الماضي.
مع ذلك ارتفاع إنتاج النفط الصخري لا يزال بعيد المنال، حتى لو ارتفعت أسعار النفط أكثر. إنتاج النفط من الآبار الجديدة في المناطق السبع الرئيسة المنتجة للنفط الصخري ارتفع بنحو 150 ألف برميل في اليوم فقط في نيسان (أبريل) ـــ أقل من نصف معدل الارتفاع قبل عامين ـــ مقارنة بانخفاض 285 ألف برميل في اليوم من الآبار القديمة. لا تزال الشركات في حاجة إلى إضافة 260 منصة حفر أخرى لكي تتمكن من وقف تراجع إنتاج النفط الصخري، على الرغم من تضاعف إنتاجية منصة الحفر على مدى العامين الماضيين. السبب في ارتفاع إنتاجية منصات الحفر يعود لعدة عوامل منها؛ قيام الشركات بالتركيز على تشكيلات النفط الصخري عالية الجودة، تحسين كفاءة الحفر وتكثيف عمليات التكسير الهيدروليكي. أسعار تعادل منصات الحفر العاملة في تشكيل باكن في ولاية داكوتا الشمالية جميعها تحت 50 دولارا للبرميل، حسب دائرة الموارد المعدنية للولاية.
* نقلا عن صحيفة ” الاقتصادية “