شذى خليل*
يسهم الغاز الطبيعي بنحو ربع الطاقة المستهلكة في العالم انه الوقود الانظف والاقل للانبعاثات ، وهو مصدر مهم للطاقة الحرارية والميكانيكية والكهربائية في قطاعات النقل والصناعة والكهرباء والاسكان.
وكثير من الدول تستغل وتستثمر هذه الطاقة بشكل صحيح اذ تعد جزء من عائداتها على ثروة الغاز مثل روسيا وقطر وايران فضلا عن كونه مادة اولية للصناعات البتروكيمياوية ولإنتاج مبيدات الحشرات ومواد الانتاج الزراعي والمواد البروتينية؛ ولذلك يمثل الغاز اهم مصادر الطاقة البديلة للنفط،، واقل انواع الوقود تكلفة لا نتاج الطاقة، ويتميز الغاز الطبيعي بانه اخف من الهواء بنسبة 40 % ويتصاعد ليتلاشى في الجو عند التسرب.
ويحتل العراق في المرتبة الحادية عشر بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي بعد كل من روسيا وإيران وقطر والسعودية والإمارات وأميركا ونيجريا وفنزويلا والجزائر، وتبلغ الاحتياطيات المؤكدة فيه نحو 112 ترليون قدم مكعبة.
ويرجع تاريخ صناعة الغاز في العراق ، على المستوى التجاري عام 1927 ، وعلى الرغم من امتلاك العراق ثروة هائلة من الغاز الطبيعي المصاحب لإنتاج النفط الخام والغاز الحر من حيث الحجم الكبير من الاحتياطيات المؤكدة والمحتملة ، الا ان انتاج الغاز الطبيعي المسوق لا يتناسب مع الانتاج الاجمالي من الغاز الطبيعي ولا يتناسب مع ما يمتلكه العراق من احتياطيات كبيرة ، فضلا عن تراجع مستوى صناعة الغاز في العراق وتدني قدرتها في تحويل الغاز الطبيعي الى منتجات غازية تعزز القيمة المضافة لهذه الصناعة وقوة الدفع للصناعات والقطاعات الاخرى .
ولم تهتم شركات النفط الاجنبية باستثمار الغاز المصاحب لإنتاج النفط في العراق عند اكتشاف النفط في حقل بابا كركر بكركوك عام 1927، ومنذ ذلك الوقت والغاز العراقي المصاحب يهدر حرقا، اضافة الى اغلاق العديد من آبار الغاز في بعض الحقول ومنها: كورمور، وجمجمال، وخشم الاحمر .
وبدأ الاهتمام باستخدام الغاز الطبيعي على نحو محدود في اواخر الخمسينيات.
وعملت الحكومة العراقية في الستينيات على بناء مشاريع مهمة لاستثمار الغاز في البصرة شملت محطة كهرباء النجيبية ومعمل الاسمدة في ابو الفلوس ومعمل الورق في نهران عمر ومحطة كهرباء الشعيبة .
وبدا الاهتمام الفعلي بالغاز في السبعينيات في العراق ، اذ وصفت هذه الفترة بالذهبية، لاستثمار الغاز في العراق سواء في جانب الانتاج من خلال شركة النفط الوطنية او في جانب الاستهلاك من خلال وزارة الصناعة والمؤسسة العامة للكهرباء وقد استمر بناء المشاريع الجديدة حتى السنوات الاولى من الثمانينيات رغم ظروف الحرب مع ايران .
و قامت شركة النفط الوطنية في الثمانينيات بتنفيذ مشروع غاز الجنوب العملاق بطاقة 1050 مقمق (مليون قدم مكعبة قياسية ) في اليوم ثم مشروع غاز الشمال
وتم انشاء شبكة وطنية للغاز تمتد من الجنوب الى بغداد والوسط لتلتقي بالشبكة الشمالية وصولا الى كركوك مع توفير ما يلزم لتجهيز الغاز من الاتجاهين، كما تم لاحقا تنفيذ مشروع الخزن الجوفي للغاز السائل في كركوك
اما في الجانب الصناعي فقد تم بناء محطات كهرباء الناصرية -الهارثة -وخور الزبير- والنجف- والحلة -ومجمعات الاسمدة ، والبتروكيمياويات -والحديد والصلب- في خور الزبير ومعامل السمنت في السماوة والنجف وكبيسة ومشاريع اخرى لاستثمار الغاز.
وشهدت الثمانينيات ايضا تصدير الغاز الجاف والسوائل الغازية من الرميلة الى دولة الكويت وكذلك تصدير الغاز السائل بواسطة الحوضيات الى دول الجوار الاردن وسوريا وتركيا.
الانتاج:
ينتج الغاز الطبيعي في العراق من منطقتين رئيستين هما المنطقة الجنوبية والمنطقة الشمالية، وقد شهد إنتاج الغاز الطبيعي تغيرات مماثلة لتغيرات انتاج النفط نظرا لان معظم الكميات المنتجة من الغاز الطبيعي هي من الغاز المصاحب للنفط. كان معظم الغاز الطبيعي المنتج غير مستخدم بسبب عدم توافر المنشآت لمعالجته، وفي بدية عقد الثمانينيات تم بناء وتشغيل مجمعي غاز الجنوب وغاز الشمال، ما ادى الى ارتفاع نسبة استثمار انتاج الغاز الطبيعي من 11.4% عام 1980 الى 88.7% عام 1998. وفي ذات الوقت ارتفع انتاج الغاز الطبيعي المسوق من 1.3 مليار متر مكعبة/ سنة الى 5.5 مليار متر مكعبة بين عامي 1980 و 1998، غير ان عام 2002 شهد تراجع انتاج الغاز الطبيعي المسوق الى 2.36 مليار متر مكعبة ثم استمر بتراجعه الى 1 مليار متر مكعب عام 2004. وقد تراجعت نسبة استثمار الغاز الطبيعي الى ادنى مستوى لها نتيجة لتوقف معامل معالجة الغاز متأثرة بالاحداث التي شهدها العراق منذ عام 2003، الا انها ارتفعت قليلا نتيجة لاعادة تأهيل بعض منشآت ومجمعات الغاز الطبيعي.
ويسوق العراق نحو 1.1 مليار متر مكعبة/ سنة في عام 2009 وهو ما يعادل 0.04% من اجمالي الغاز الطبيعي المسوق في الوطن العربي.
يوجد مجمعان لمعالجة وتصنيع الغاز الطبيعي في العراق الاول في كركوك والثاني في البصرة:
شركة غاز الشمال:
تم تأسيس المنشاة العامة لصناعة الغاز في المنطقة الشمالية استنادا” إلى قرار مجلس قيادة الثورة الملغي ذي الرقـــم (1400) في 1/9/1980وقانون تنظيم وزارة النفط لمرقم (101) لسنة 1976وتعديلاته واستنادا” إلى المادة (7) مــــن قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 تم استحداث شركة غاز الشمال (شركة عامة) واعتبارا” من 1/6/1998.
وتهدف الشركة معالجة كميات الغاز الخام المصاحب لإنتاج النفط الخام في الحقول الشمالية وتحويله إلى مشتقاته من المنتجات التالية:
– الغاز الجاف: يستعمل وقودا نظيفا وسهل الاستعمال في محطات توليد الكهرباء ومعامل السمنت والعديد من الشركات الصناعية في شمالي ووسط العراق ويستعمل مادة أولية في معامل الأسمدة والبتروكيمياويات.
– الغاز السائل: يستخدم وقودا للأغراض المنزلية للاستهلاك المحلي والتصدير.
– الغازولين الطبيعي:- يستخدم وقودا بعد تحسينه أو يحقن مع النفط الخام لتحسين مواصفاته.
– الكبريت: يستخدم مادة أولية في عدد من الصناعات المحلية ويصدر الفائض الى خارج العراق.
وتبلغ الطاقة التصميمية لشركة غاز الشمال 15 مليون متر مكعبة/ يوم من الغاز الطبيعي الحامضي، ويتكون من خطي انتاج متماثلين في الطاقة. واكتمل بناء المجمع في منتصف الثمانينيات، ويستهدف انتاج ما يقرب من 8-11 مليون متر مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي الجاف المسوق، و735 ألف طن في السنة من غاز البروبان و448 ألف طن من غاز البيوتان فضلا عن 384 ألف طن في السنة من الغازولين الطبيعي و528 ألف طن في السنة من الكبريت.
ويتضمن المجمع ثماني محطات لضغط الغاز الطبيعي ونقله من محطات الانتاج الى معمل الغاز من خلال شبكة انابيب يبلغ طولها نحو 250 كم.
شركة غاز الجنوب:
تأسست شركة غاز الجنوب سنة 1979 , وبالرغم من تعاظم أهمية الغاز الطبيعي كمصدر مهم للطاقة, فإن قطاع الغاز لم يحظ بالاهتمام الكافي إذ أن حجم الغاز المحروق (غير المستثمر) بلغ كميات كبيرة تعكس الهدر الكبير لهذه الثروة ويعود جزء كبير من ذلك إلى بطء عمليات صيانة منشآت الغاز في البصرة , إذ تعرض مجمع تصنيع الغاز ومحطات كبس الغاز إلى أضرار كبيرة في أحداث عام 2003 مما أدى الى تدهور الطاقة الإنتاجية إلى ما دون الثلث عما كانت عليه في العقد الماضي، ويبلغ عدد محطات عزل الغاز في البصرة 29 محطة, وتوفر شركة نفط الجنوب الغاز المغذي بمعدل 292 مليون قدم مكعبة قياسية يومياً.
تبلغ الطاقة التصميمية الاجمالية لشركة غاز الجنوب نحو 29.7 مليون متر مكعبة يوميا. وتضم الشركة ثلاث وحدات رئيسة لنزع سوائل الغاز الطبيعي، (NGL) وتقع الوحدة الاولى عند معمل غاز شمال الرميلة، ويتم ضخ السوائل جنوبا الى مجمع غاز خور الزبير لاستكمال مراحل معالجته وفصل مكوناته، ويحتوي معمل غاز خور الزبير على وحدتي نزع سوائل الغاز الطبيعي الثانية والثالثة، فضلا عن وحدات تجزئة السوائل لانتاج البروبان والبيوتان والنافتا، ويقوم المعمل بمعالجة انتاج الغاز الطبيعي المصاحب لحقل الرميلة الجنوبي والحقول الاخرى المنتجة والمجاورة له.
تضم الشركة ايضا مستودعات مبردة لتخزين غاز البروبان وصهاريج لتخزين غاز البيوتان ، وكذلك النافتا وضمن مرافق الشركة مرفأ لتصدير تلك المنتجات يقع على خور عبد الله على الخليج العربي. ويسوق الغاز الطبيعي المنتج من شركة غاز الجنوب الى شبكة نقل وتوزيع الغاز الجنوبية، كما يتم ضخ مزيج البروبان والبيوتان الى شبكة غاز البترول المسال، وتضخ النافتا الى مصافي تكرير النفط في البصرة.
وتم تأسيس شركة غاز البصرة في عام 2010 بمشاركة شركة غاز الجنوب بنسبة 51% وشركتي شل بنسبة 44% وميتسوبيشي بنسبة 5% يتضمن المشروع وحدة إنتاج الغاز المسال بطاقة (600) متر مكعبة قياسي يومياً حيث تمول كلياً من قبل الشريك الأجنبي.
وبدأت شركة شل وغاز الجنوب في العمل على عدد من المشاريع المبكرة لتحقيق انتاج المزيد من الغاز الجاف المتوفر لتوليد الطاقة الكهربائية، مما يؤدي الى خفض كمية الطاقة المستمدة من الشبكة اضافة الى استخراج المزيد من غاز البترول المسال حيث يستورد العراق حاليا 1200 طن يوميا من غاز البترول المسال فيما يحرق 4000 طن يوميا.
وفي ظل هذه التطورات يرى الخبراء ان مشروعات الغاز باتت مطروحة بقوة على اولويات الحكومة العراقية، للاستفادة من الثروة الغازية الضخمة التي يتربع عليها العراق والتي لا تقل اهمية عن ثروته النفطية, وبحسب خبراء يعملون في صناعة الغاز، ان العراق قادر على انتاج اكثر من 6000 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز المصاحب، تكفي لتغطية الاستهلاك المحلي والتصدير لكن لا يتعدى الإنتاج 1000 مليون قدم مكعبة قياسية ومنها قرابة 700 مليون قدم مكعبة تُحرق يومياً في حقول البصرة.
ويواجه العراق مشكلة حقيقة في الوقت الراهن بسبب حرق الغاز العراقي، الذي يتسبب في تراكم 20 مليون طن سنوياً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حين لايزال العراق يستورد غاز الطبخ من الخارج وغير قادر على توليد الطاقة الكهربائية من الغاز لاعتماده الي البدائل التقليدية مثل الديزل.
العراق يحرُق يومياً 700 مليون قدم مكعبة من الغاز
قال المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد، بتصريح صحفي، ان “ما يستورده العراق من غاز يذهب للمحطات الغازية لتوليد الطاقة الكهربائية، فمنذ عام 2003 يحرق العراق كميات من الغاز تصل الى 700 مليون قدم مكعبة قياسية باليوم ولكن العدد في تناقص، بسبب تنامي الاستثمارات للشركات المنتجة للغاز”، مشيراً الى ان “وزارة الكهرباء قررت استيراد المحطات الغازية دون استشارة وزارة النفط”.
وهناك مشروع قيد الدراسة توقف كليا هو مشروع الغاز العربي الذي سينقل الغاز من حقول أكاس في محافظة الأنبار عبر سوريا إلى الحدود التركية ومن ثم إلى أوربا، وكل هذه مشاريع توقفت الآن لكنها مشاريع مستقبلية قابلة للتحقيق، إذا ما توافرت لذلك خطط مدروسة بعناية للتعاون على انجازها بين ذوي المصالح المشتركة حول العالم رغم كل الصعوبات واعمال العنف العسكري التي يشهدها العراق وسقوط اراض بيد تنظيمات متطرفة.
الخسائر الاقتصادية للغاز في العراق لعام 2016 حسب دراسة تحليلية للخبير عصري موسى خبير صناعة النفط والغاز في العراق .
ان اكثر من 1.5 مليار قدم مكعبة من الغاز تحرق يوميا في جنوب العراق 2016 وهذا يعني فقدان 1200 مليون قدم مكعبة غاز جاف ، 7500 طن غاز سائل، 650 طن بنزين طبيعي كل هذه الخسائر باليوم الواحد .
وصل اجمالي كميات الغاز المحروق للفترة 2011 – 2015 الى 2220 مليار قدم مكعبة.
وعند احتساب معدل سعر الغاز خلال هذه الفترة ب 7 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، التي تعني هي وحدة معهودة للطاقة تبلغ نحو 1055 جول. وتعرف بأنها كمية الطاقة اللازمة لتسخين 1 باوند (1 رطل) من الماء درجة واحدة فهرنهايت . بهذا تكون مجموع الخسائر بالأموال 15.5 مليار دولار، يمكن ان تستخدم في بناء المدارس والمستشفيات والوحدات السكنية.
اما الخسائر اليومية، التي تعني فقدان الكهرباء وغاز الطبخ، فتشير الى ان فقدان 1200 مليون قدم مكعبة من الغاز الجاف باليوم يعني خسارة 6000 ميغاواط كهرباء.
وان فقدان 7500طن غاز سائل يعني خسارة 600 الف اسطوانة غاز للطبخ يوميا .
اما بالنسبة للأضرار البيئية لحرق 1.5 مليار قدم مكعبة غاز باليوم، يؤدي الى انتاج 44 مليون طن ثاني اكسيد الكربون بالسنة، ما يعادل الانبعاثات من اكثر من 7 ملايين سيارة على الطريق .
وتقدر خسائر العراق السنوية بمليارات الدولارات، بالإضافة الى التلوث البيئي، ففي العراق احتياطات مؤكدة ، من الغاز تبلغ 112 ترليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي ، حسب تصريح وزير المالية في ابريل 2017 ، وكالة عبد الرزاق العيسى ، اذ يحتل العراق المرتبة الحادية عشر بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي بعد كل من روسيا وإيران وقطر والسعودية والإمارات وأميركا ونيجريا وفنزويلا والجزائر، وتبلغ الاحتياطيات المؤكدة فيه نحو 112 ترليون قدم مكعبة. ويبلغ الاحتياطي الاجمالي للغاز المصاحب 98.3 ترليون قدم مكعبة ويمثل نسبة 75% من الاحتياطي الاجمالي للغاز الطبيعي.
اما الاحتياطي الاجمالي للغاز الحر فهو 32.7 ترليون قدم مكعبة ويمثل نسبة 25% من احتياطات العراق من الغاز، ولا يشمل ذلك الكثير من مناطق كردستان المستثمرة في السنوات الاخيرة، ومن المؤمل ان يتقدم ترتيبه، اذا ما احتسبت التطورات الاخيرة، وعندما يستكمل استكشافاته، خصوصاً في طبقات اعمق، والتي تعطلت لعقود طويلة بسبب الوضع الامني المتردي والحرب ضد داعش، والتي من المقدر ان يحتل بعدها المرتبة الخامسة.
يسعى العراق للتطور في مجال الغاز من خلال مشاركته في قمة منتدى الدول المصدرة للغاز الثالث المنعقد في طهران، اذ يشارك العراق الان بدور عضو مراقب، ويعمل ليحتل موقع عضو كامل العضوية ليسهم مع بقية الدول المنتجة والمصدرة للغاز لتطوير هذا القطاع والاستفادة منه.
علماً ان دول المنتدى تستحوذ على 70% من احتياطي الغاز العالمي، و45% من انتاجه، و85% من تجارته و40% من خطوط امداده، اذ بلغت نسبة استثمار الغاز الطبيعي المصاحب خلال عام2015 في العراق الى 50% من الكميات المنتجة البالغة 3000 مليون قدم مكعب يومياً .
وهناك جهود لتعظيم استثماره، ووقف عمليات حرقه حماية للبيئة وللاستفادة من موارده ولتوليد الطاقة الكهربائية والاستفادة منه في القطاعات الصناعية والزراعية وغيرها.. وبالفعل اسست «شركة غاز البصرة» التي يمتلك العراق 51% من اسهمها، في حين تمتلك الباقي شركتا «شل و ميتسوبشي».
والعمل مستمر لا ضافة مشاريع جديدة في كل من الحقول قيد التطوير، وذلك لاستيعاب الزيادة المتوقعة في انتاج الغاز المصاحب حسب الزيادة المتوقعة في انتاج النفط. ويتضمن ذلك استثمار الغاز بالكامل ومعالجته لانتاج الغاز الجاف، والغاز السائل، والبنزين الطبيعي، والكبريت، مما سيلبي بنحو متزايد حاجات الاستهلاك المحلي، والفائض لاغراض التصدير. وسيساعد استخلاص غاز «الايثان» على تطوير الصناعات البتروكيمياوية، التي من شأنها احداث تقدم في عدد كبير من الصناعات المرافقة.
وكذلك انتاج غاز «الميثان» الذي يعد الاساس لا نتاج الاسمدة، وما يمكن ان تحدثه انعكاسا على تطوير القطاع الزراعي، والكثير غيرهما. وهناك جهد كبير لاستخلاص «الغاز الحر» في كل المواقع التي يتوفر فيها، وهناك ايضاً متابعة للإسراع في استخلاصه في «المنصورية»، وانتظار تحسن الظروف الامنية في «عكاس». وبجانب ذلك هناك عمل دؤوب لمد شبكة انابيب الغاز وتوفير الخزانات ومحطات الضخ المطلوبة،
وان تصاعد حرق الغاز بشكل كبير وهدر اكثر من الفي مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي تقدر قيمتها بأكثر من 15 مليار دولار في بلد يعاني من نقص الكهرباء واستيراد مشتقات النفط والغاز بمليارات الدولارات سنويا.
يأتي العراق بالمرتبة العاشرة على مستوى العالم من حيث الاحتياطات المؤكدة من الغاز الطبيعي المصاحب والغاز المنفرد، وفق تقرير الطاقة الأمريكي، حيث يوجد 70 % منه في محافظة البصرة جنوبي العراق.
وتقدر كميات احتياطي الغاز العراقية بـ اكثر من 112 تريليون قدم مكعبة، 2/3 منها متوافر مع احتياطيات النفط في كركوك وجنوب حقل بن عمر، ومجنون، وحلفايا في الناصرية، والرميلة، وغرب القرنة والزبير، بينما يوجد 20% من احتياطيات الغاز في مناطق لا يتواجد فيها حقول نفط، وهي مركزة في الشمال، بجمبور، وجمجمال، وباي حسن، وعجيل، وبابا كركر، وقاسم عمر، والمنصورية.، وحقل عكاس في الانبار.
ويرشح وجود مثل هذه الاحتياطيات من الغاز في العراق الى ان يكون ثاني اهم ثروة كربوهيدراتية بعد النفط في البلاد، حيث يستطيع العراق مباشرة انتاجها لأغراض الاستهلاك المحلي أولا، وللتصدير ثانيا عبر المنافذ الشمالية الغربية حيث تركيا للانضمام إلى خط (نابوكو) عبر انبوب الغاز ايران – أوربا.
نظرة عامة لمستقبل الغاز في العراق 2020
يعتمد تسريع استثمار الغاز في العراق على مدى التعاون الجاد بين المؤسسات الدستورية متمثلة بمجلس النواب والحكومة المركزية والحكومات المحلية . اذ ان وضع الخطط المدروسة يسهم في تنمية قطاع انتاج الغاز ان يأخذ الغاز دورا مهما في رفد الخزينة من الاحتياط النقدي الاجنبي .
ولكنه يواجه بعض معوقات استثماره في العراق، ومنها: اضطراب الوضع الأمني الذي يؤثر سلباً في استقرار العاملين واستمرار وجودهم في أثناء العمل.
ويشهد العراق انخفاض معدلات الغاز الُمغذي لشركتي غاز الشمال وغاز الجنوب الجنوب, فالطاقة المخططة للإنتاج في شركة غاز الجنوب مثلا تبلغ 450 مقمق/ يوما, في حين الكمية المغذية المستلمة فعلاً 292 مقمق/ يوم كمعدل، وبذلك يكون العجز في التغذية المخططة نحو 158 مقمق/ يوم كمعدل؛ مما يؤثر في كمية الغاز السائل المنتج يومياً من 2500 طن/ يوم إلى 956 طناً/ يوم أي بعجز مقداره (1544) طناً/ يوم. ويتسبب ذلك العجز بأزمة حادة في كمية الغاز السائل المعد للاستهلاك اليومي, هذا في الوقت الذي يتم فيه حرق كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المصاحب للنفط.
ومن معوقات استثمار الغاز ايضا: كثرة العطلات الميكانيكية والكهربائية، وعدم توفر المواد الاحتياطية بالمستوى المطلوب, مما ينعكس على تردي عمليات الصيانة الدورية والسنوية بسبب تقادم الأجهزة والمعدات إذ انتهى العمر الإنتاجي لها, مما يستلزم تحديث الأجهزة والمعدات لا نها اصبحت غير كافية وغير كفؤة، عدم تخصيص الاموال لتأهيل و تطوير وتوسيع منشآت الغاز، وانقطاع التيار الكهربائي المستمر عن الشركات وعدم توافر مولدات كهربائية كافية لتشغيل المصنع , مما يقلل من كمية الانتاج المقررة، وضعف التنسيق بين قطاع النفط وقطاع الغاز ضمن وزارة النفط ، نقص الاهتمام بالثروة الغازية لدى المؤسسات الدستورية وانعدام المسائلة حول حرق الغاز، الحاجة الى قانون يمنع حرق الغاز ويشجع الاستثمار في بناء وتطوير قطاع الغاز.
المعالجات : لابد من العمل على تسريع استثمار الغاز في العراق وتعظيمه، بوضع تشريع يمنع حرق الغاز ويلزم الحكومة بتوفير الأموال لقطاع الغاز مع وضع سقف زمني قريب للوصول الى نقطة الصفر في حرق الغاز.
ووضع آلية فاعلة وملزمة للتعاون بين قطاع النفط وقطاع الغاز ضمن وزارة النفط ومتابعة النتائج من لجنة النفط والطاقة النيابية ومجالس المحافظات التي تتعرض للأضرار من حرق الغاز.
اصدار قانون خاص للاستثمار في قطاع الغاز والانفتاح على صناعة الغاز في العالم.
ولابد من تأسيس شركة غاز وطنية بمعايير صناعة الغاز العالمية، تدعمها الحكومة الاتحادية والبرلمان والحكومات المحلية وشركات النفط والغاز الحكومية وشركات النفط الاجنبية ،العاملة في تطوير حقول النفط والغاز في العراق مدعوة للتعاون والعمل بشكل عاجل لا يقاف حرق الغاز وتسريع استثمار الثروة الغازية للبلد وبناء صناعة غاز وطنية حديثة واللحاق بالعصر الذهبي للغاز في العالم.
وأعلن وزير المالية العراقي، وكالة عبد الرزاق العيسى في (21 ابريـل.2017 ).أن البنك الدولي أبدى استعداده لتخصيص 9 مليون دولار، لدعم استثمار الغاز المصاحب في العراق.( البنك الدولي مستعد لتخصيص 9 مليون دولار لدعم استثمار الغاز المصاحب في العراق
وأشار العيسى إلى “استعداد البنك الدولي لتوفير منحة بقيمة تسعة ملايين دولار لدعم المشاريع والدراسات لاستثمار الغاز المصاحب في العراق”.
ويذكر ان العراق صدر الدفعة الأولى من مادة الغاز الطبيعي المكثف (c5 plus) بكمية تبلغ عشرة آلاف متر مكعب، وذلك من ميناء خور الزبير النفطي في البصرة، ليدخل بذلك سوق الغاز العالمي بعدما دخل منذ عقود سوق النفط.
ووفقاً لمتحدث وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد ، ان الوزارة تثني على الجهود المشتركة للكوادر الوطنية في شركة غاز البصرة بالتعاون مع شركتي شل ومتسيوبشى حيث تهدف الوزارة عبر خططها الآنية والمستقبلية الى الاستثمار الأمثل للثروة الهايدروكاربونية و زيادة وتعظيم الإيرادات المالية من الثروة الغازية إلى جانب تصدير النفط الخام.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
المصادر : (1) دراسة تحليلية للخبير عصري موسى خبير صناعة النفط والغاز في العراق .
(2)جريدة الصباح
(3) محمد علي زيني ، الغاز الطبيعي هدر ام استغلال لمصلحة الوطن ؟ ، الحوار المتمدن ، 2010
(4) الاوابك ، التقرير الاحصائي السنوي 2010 ، الكويت ، صفحات مختلفة