لندن – توصل مهندس في جامعة كندية إلى اختراع يمكن أن يحدث ثورة في نقل النفط الثقيل من الطرق التقليدية إلى طرق صديقة للبيئة، عبر تحويله إلى كـرات جامدة تسمى “كرات البيتـومـين” التي يمكـن نقلها بـوسائل عديدة بينها خطوط أنابيب النفط المضغوطة.
وقام إيان غيتس من كلية شوليتش للهندسة في جامعة كالغاري باختراع تقنية جديدة تحول النفط إلى ما يسمى “كريات الختم الذاتي” التي تضم السائل داخل جلد مطاطي يحيط به، وتسمى أيضا “كرات البيتومين”.
ويمكن لهذه الطريقة أن تحدث انقلابا كبيرا في صناعة نقل الخام الثقيل، حيث تتيح إمكانية نقله بتكلفة زهيدة وأكثر كفاءة بواسطة السكك الحديد أو عبر الشاحنات والناقلات البحرية، إضافة إلى خطوط أنابيب النفط.
ويقول غيتس إن أساليب النقل أساءت في الماضي التعاطي مع النفط الثقيل وكانت “تحاول تحطيم مستوى البيتومين لزيادة سيولة النفـط بـدلا من زيـادة تركيز البيتومين”.
ويضيف أنه “بمجرد تبني تحويل النفط إلى كرات سنتمكن من نقله بسهولة وتكرير الكرات مثل تكرير وتصفية النفط العادي تماما، لأن تحويل النفط إلى كرات لن يؤثر على حجـم الطـاقة المخـزونة في النفـط الثقيل”.
وأوضـح أن الهـدف من ذلـك هـو “تسهيل النقـل الآمن وبمجرد وصوله إلى محطـات التكـريـر يمكـن الاستفـادة منـه تمـامـا كمـا لـو كـان نفطـا سائـلا”، حيـث يمكـن تكوين الكرات بأحجام مختلفة بدءا من حجم حبوب الأسبرين إلى حجم كرات الغولف.
ويـؤكد غيتس أن هذه الطريقـة هي الأكثــر ملاءمة للبيئة لأنهـا تستبعـد القلـق من حـدوث تسرب ويمكـن حقنها عبر الهـواء المضغوط في الأنـابيـب أو نقلها جافة بالقطارات والشـاحنـات والنـاقلات البحـريـة.
إيان غيتس: يمكن تكرير كرات النفط كما يتم تكرير النفط العادي تماما
وقال إنه في حال حـدوث تسرب في ناقلـة نفـط في عــرض البحـر فإن النفـط لـن يهـدد البيئـة البحرية بل سيكـون عبارة عن كرات تطفو فوق سطح البحر.
وستكون الشركة الناقلـة قـادرة على سحب وشفـط تلـك الكــرات العائمة وإعادتهـا إلى النـاقلة دون أي تهديد بيئـي ودون أي خســارة لقيمـة النفــط المسـرب.
وتواجه الشركات التي تنشئ خطوط أنابيب النفط احتجاجات ومعارضة شعبية عند مرور تلك الأنابيب قرب المناطق السكنية أو المحميات الطبيعية.
وأشار غيتس إلى ما يحدث الآن في منطقة ألبرتا في كندا، حيث تواجه الشركات معارضة شديـدة لأن النفـط يتم نقلـه في حالتـه السـائلة عبر خطوط الأنابيب. ويمثل ذلك خطرا كبيرا على البيئة في حال حدوث تسرب وهو ما يقلق السكان والجماعات المدافعة عن البيئة.
أما في حال نقل النفط في شكل كرات الختم الذاتي، التي يقترحها غيتس فإن تلك المشكلة ستزول لأن حدوث أي تسرب لن تكون له أضرار خطيرة على البيئة وستتمكن الشركة من شفط وجمع الكرات من مكان التسريب.
وعلى نفس القدر من الأهمية فإن “كرات النفط” ستعالج مشاكل شركات توزيع النفط لأنها ستتمكن من إيصاله بوسائل متعددة دون الاضطرار إلى الاعتماد على خطوط الأنابيب “المحدودة” فقط.
ويشير غيتس إلى “قلة خطوط الأنابيب المتاحة في مقابل وجود خيارات أخرى مثل السكك الحديد وبذلك يمكن إيصال الكرات النفطية إلى جميع الأماكن التي تصلها السكك الحديد”.
كما أن هذه الطريقة ستكون الأقل تكلفة لشركات التوزيع التي يمكنها أن تستخدم خطوط السكك الحديد الكثيرة التي كانت تستخدم لنقل الفحم الحجري والتي دخلت مـرحلـة الخمـول بعـد تـوقـف استخـدام الفحـم.
وقال غيتس إن تلك الخطوط المهملة تتيح وسيلة رخيصة لنقل مئات الآلاف من براميل النفط يوميا بصيغة الكرات الجامدة، كما كان يتم نقل الفحم الحجري إلى الأسواق في جميع أنحاء العالم.
وكانت شركات النفط قد حاولت في الماضي خلق شكل صلب من البيتومين، لكن ذلك كان يتطلب مكونات من البوليمرات والمواد المضافة الكيميائية الأخرى، إضافة إلى استخدام معدات باهظة الثمن، لكن اختراع غيتس لا يتطلب كل ذلك ويمكنه إنتاج تلك الكرات بتكلفة منخفضة جدا.
ومن المقرر إجراء تجربة كاملة على هذه الكرات بحلول نوفمبر المقبل واستخدام تكنولوجيا مؤتمتة لإنتاج “مئات الآلاف من البراميل يوميا” من الكريات بحلول العام المقبل.
وبمجرد اعتماد هذا الابتكار من قبل شركات صناعة ونقل النفط، فإنه سيوفر حماية أكبر للبيئة ويقلل من الاعتراضات الحكومية والشعبية المطالبة باعتماد أساليب صديقة للبيئة.
كما أنها تعزز الالتزام بمعايير “اتفاق باريس للمناخ” الذي يدعو إلى تقليص الانبعاثات وزيادة الحيطة والحذر لتقليل عمليات التلوث الناجمة عن الطرق الأخرى.
العرب اللندنية