تتوجه الحكومة العراقية إلى زيادة صادرات النفط الخام مستقبلا وتقليل استيراد المشتقات النفطية والغاز، من خلال تشجيع الاستثمارات في المشاريع النفطية والغازية وتوقيع المزيد من العقود مع الشركات العالمية المتخصصة لاستكشاف حقول نفطية وغازية جديدة واستثمار المصافي النفطية الحالية.
فقد أقر مجلس الوزراء العراقي، في اجتماعه الأسبوع الماضي، خطة لزيادة طاقة إنتاج النفط الخام في البلاد إلى 6،5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2022. وركز رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي خلال زيارته العاصمة اليابانية طوكيو في بداية نيسان/ابريل الحالي، على زيادة الاستثمار الياباني في القطاع النفطي، حيث استقبل رئيس شركة جابيكس اليابانية هيديشي اوكادا والوفد المرافق له، وناقش معه الاستثمارات في القطاع النفطي وفي الأخص في محافظة الناصرية وزيادتها إلى 4،5 مليار دولار والتي ستوفر فرص عمل للمواطنـين في المحـــافظة، اضافة إلى إنشاء مراكز تدريب وتطوير للخبرات العراقية.
وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان وزارة النفط العراقية، ان «معدل الصادرات النفطية والإيرادات المتحققة لشهر آذار/مارس الماضي، بلغت أكثر من 107 ملايين 50 ألف برميل، بإيرادات بلغت أكثر من 6 مليارات و418 مليون دولار» مبينة ان «المعدل اليومي للصادرات بلغ 3 ملايين و453 ألف برميل وبمعدل سعر البرميل الواحد نحو 60 دولارا. ولا تشمل هذه الاحصائيات صادرات حقول كركوك شمال العراق التي تزيد عن 250 ألف برميل يوميا».
وكان وزير النفط العراقي جبار اللعيبي قد ذكر في كانون الثاني/يناير الماضي إن الطاقة الإنتاجية الحالية للعراق تقارب خمسة ملايين برميل يوميا.
وتتحرك وزارة النفط العراقية حاليا على عدة مسارات منها تطوير القدرة التصديرية للنفط الخام والغاز، وزيادة الحقول المستكشفة حديثا، وطرح عدة مصافي نفط للاستثمار والتطوير، اضافة إلى زيادة استثمار الغاز المصاحب للنفط المستخرج لتقليل المستورد منه.
وفي السياق، عقدت وزارة النفط مؤتمرا ترويجيا في بغداد يهدف إلى طرح 11 رقعة استكشافية حدودية للتطوير والتأهيل بموجب عقود خدمة مجددة، تقع على الحدود بين العراق وإيران والكويت اضافة إلى رقعة بحرية على الخليج العربي.
وقال وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج كريم حطاب، ان الرقع الاستكشافية التي طرحتها الوزارة للتطوير والتأهيل تضمنت الرقع الاستكشافية الحدودية مع الكويت وهي رقع خضر الماي والسنام والفاو ورقعة بحرية على الخليج، وبالنسبة للرقع الاستكشافية مع إيران فشملت الرقع السندباد والحويزة والشهابي وزرباطية ونفط خانة، وتم اضافة رقعتين في محافظة ديالى هي، كلابات وخشم الأحمر. وقال مدير عام دائرة العقود والتراخيص البترولية عبد المهدي العميدي، ان الوزارة قدمت في المؤتمر عرضا تفصيلا أمام الشركات المؤهلة التي اشترت حقائب المعلومات تضمن شرحا عن الملامح الأساسية للعقد والتعديلات التي طرأت عليه، موضحا ان صيغة العقود ستكون «عقد خدمة مع تعديلات بسيطة عليه» فضلا عن عرض المعلومات الفنية للرقع الاستكشافية الحدودية المذكورة.
وبلغ عدد الشركات العالمية التي اشترت حقائب المعلومات 13 شركة بالإضافة إلى ثلاث شركات أعلنت عن نيتها شراء حقيبة المعلومات لتصبح 16 شركة تتنافس على تطوير وتأهيل الرقع الاستكشافية من أصل 26 شركة مؤهلة للمشاركة في التنافس تحمل جنسيات مختلفة من بينها شركتان عربيتان. ويفترض ان تقوم الشركات بتقديم عطاءاتها للوزارة في يوم 15 نيسان/ابريل الحالي.
عقود مع شركات عالمية
وبهدف الاستفادة من الخبرات العالمية، وقّع العراق مؤخرا، عدة عقود جديدة مع شركات عالمية لمعالجة الغاز الطبيعي المصاحب لعملية استخراج النفط الخام، وذلك في إطار الجهود لإنهاء هذه الظاهرة بحلول عام 2021.
وأعلنت وزارة النفط أنها وقعت عقدا مع شركتي «بيكر هيوز» و«جنرال إلكتريك» لمعالجة الغاز الطبيعي المصاحب للنفط الخام المستخرج من حقلي الناصرية والغراف في جنوب البلاد.
وذكر وزير النفط جبار اللعيبي ان «هذا العقد يعد من العقود المهمة على صعيد استثمار الغاز، وان هناك العديد من العقود لاستثمار الغاز في المحافظات الأخرى» مشددا على ضرورة بناء وانشاء المجمعات السكنية للعاملين في القطاع النفطي.
وأكد الوزير ان هذا العقد يمثل إضافة مهمة لقطاع الغاز في محافظة ذي قار بشكل خاص وللعراق بشكل عام، وستصل معدلات الاستثمار من الحقلين أكثر من 200 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز في اليوم، من خلال التطوير باستخدام أحدث الأجهزة والمعدات والتكنولوجيا السريعة والمتقدمة في العالم، مشيرا إلى ان المشروع سيوفر كذلك أكثر من 1000 طن يوميا من الغاز السائل وأكثر من 900 متر مكعب من المكثفات، فضلاً عن توفير أكثر من 500 فرصة عمل.
وكان العراق وقع عقدا آخر لمعالجة الغاز المصاحب مع شركة «أوريون» الأمريكية في كانون الثاني/يناير الماضي.
كما استقبل وزير النفط جبار علي اللعيبي، مدير شركة شل في العراق ماركوس انتونيني، والوفد المرافق له، وبحث معه تطوير قطاع الغاز في البلاد. وقال الوزير ان وزارته تتطلع إلى تعزيز فرص التعاون وتطوير العمل مع شركة شل بهدف تطوير صناعة الغاز.
وبحثت وزارة النفط أيضا، مع وفد شركة كوكاز الكورية، سبل تعزيز التعاون المشترك لتطوير قطاع الغاز في العراق، والخطوات التي اتخذتها الشركة والترتيبات التي قامت بها لاستئناف العمل في حقل عكاس، مؤكدة الحرص على تهيئة البيئة المناسبة للعمل.
وفي الإطار ذاته، استقبل وزير النفط اللعيبي رئيس شركة «جنهوا» الصينية لو يغيانغ، والوفد المرافق له وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون المشترك وتطوير حقل شرقي بغداد.
وحسب تقديرات البنك الدولي، فان العراق يفقد من حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط، إيرادات تقدر بنحو 2،5 مليار دولار سنويا، وهي كميات تكفي لسد معظم النقص في الغاز اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
تأهيل حقول مدمرة
وتبذل كوادر وزارة النفط جهودا لإعادة تأهيل وإصلاح الحقول النفطية والمنشآت التابعة لها في المناطق المحررة من تنظيم «داعش».
وأعلن وزير النفط اللعيبي، ان الجهود الوطنية أثمرت عن تأهيل وانجاز المرحلة الأولى في وقت وزمن قياسي لحقل عجيل النفطي، بعد ان تعرض هذا الحقل إلى عمليات التخريب والدمار الشامل من قبل العصابات الإرهابية، حيث وصل حجم الدمار للمنشآت والأنابيب ومحطات الضخ والتوليد إلى نسب كبيرة، فضلا عن تدمير وحرق عدد من الآبار النفطية والغازية.
وأشار إلى المباشرة بعمليات التشغيل التجريبي للحقل بعد الانتهاء من تأهيل وربط عدد من الآبار النفطية وبدء عمليات الإنتاج بمعدلات تبدأ من 5000 برميل باليوم وصولاً إلى 17000 ألف برميل.
وأكد وزير النفط، ان جهود العاملين في وزارته، أثمرت عن الوصول بإنتاج الغاز من حقل عجيل إلى أكثر من 100 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم والمباشرة بتجهيز شركة غاز الشمال بالكميات المطلوبة لتضاف بذلك طاقة جديدة من الغاز إلى الإنتاج الوطني.
وفي إطار زيادة إنتاج المشتقات النفطية، أعلنت وزارة النفط عن تحقيق انجازات جديدة في قطاع التصفية ووصول الطاقة الإنتاجية لمصفى الصينية في صلاح الدين إلى 30 ألف برميل باليوم بعد تأهيل وحدة جديدة في المصفى، فضلاً عن وصول الطاقة الإنتاجية لمصفى حديثة إلى 20 ألف برميل في اليوم بعد انجاز وتأهيل وحدة جديدة من قبل العاملين في شركة مصافي الشمال والجهات الساندة لها، مشيدة بالجهود الوطنية التي حققت الشيء الكثير رغم التحديات والظروف الصعبة.
كما طرحت وزارة النفط عددا من المصافي للاستثمار والتطوير، ومنها، مصفى استثماري في محافظة واسط/ الكوت بطاقة 100 ألف برميل في اليوم، ومصفى استثماري في محافظة الديوانية طاقة 70 ألف برميل / يوم، ومصفى استثماري في محافظة الأنبار/ حديثة طاقة 70 ألف برميل / يوم، اضافة إلى المباشرة بمشروع مصفى ميسان الاستثماري، بطاقة 150 ألف برميل يومياً، وهو من المشاريع المهمة ويعمل بتكنولوجيا حديثة.
ويبدي العديد من الخبراء الاقتصاديين، جملة اعتراضات على سياسة الحكومة العراقية بتوقيع العقود مع الشركات النفطية العالمية لاستثمار الحقول والمنشآت النفطية أو تطويرها. ولعل أبرز الاعتراضات ان هذه العقود تحمّل الحكومات الحالية والمقبلة، ديونا كبيرة مرهقة لصالح الشركات العالمية جراء عقود الخدمة للمنشآت النفطية، وان وزارة النفط العراقية التي يديرها التحالف الشيعي، تنفرد برسم السياسة النفطية والتعاقد مع الشركات العالمية وسط بيئة سياسية يتحكم بها الفساد باعتراف الجميع، مع قلة الاعتماد على الكوادر والخبرات العراقية في هذه الصناعة الحيوية، كما ان توقيت توقيع العقود مع انتهاء فترة مجلس النواب وعدم امكانية تدقيقها، يثير الكثير من التحفظات والخشية من رهن أهم ثروة في العراق، الذي يعد البلد الثاني في إنتاج منظمة اوبك، بيد الشركات العالمية وحيتان الفساد.