في أعقاب قرار الإدارة الأميركية إلغاء الإعفاء الذي منحته لثماني دول من كبار مستوردي النفط الإيراني، هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز الذي يعد من أهم المضائق التجارية في العالم.
وقال قائد البحرية التابعة للحرس الثوري الجنرال علي رضا تنكسيري، إن إيران ستغلق مضيق هرمز، إذا تم منع طهران من استخدامه. ونسبت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية، عن تنكسيري قوله أول من أمس الإثنين: “وفقاً للقانون الدولي فإن مضيق هرمز ممر بحري وإذا مُنعنا من استخدامه فسوف نغلقه”.
وهذه ليست المرة الأولى التي هددت إيران بإغلاق الممر المائي المهم لتجارة الطاقة العالمية، خاصة لدول آسيا التي تستهلك النفط والغاز المصدر من المنطقة العربية خاصة من دول الخليج.
ومن ناحيته، قال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية، في رده على التهديدات الإيرانية، إن أي تحرك من إيران لإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي رداً على إنهاء الولايات المتحدة إعفاءات شراء النفط الإيراني لن يكون مبرراً ولا مقبولاً.
لكن بعيداً عن التهديدات الكلامية، هل تستطيع إيران حقاً إغلاق المضيق عملياً؟
من الناحية العسكرية تستطيع إيران إغلاق المضيق أو تعطيل حركة الملاحة فيه، حسب رأي خبراء في الملاحة البحرية.
في هذا الصدد، يرى البروفسور الأميركي روكفورد ويتز، أن الجيش الإيراني لا يحتاج إلى قدرات عسكرية خارقة لإغلاق الممر، إذ من الممكن أن يضرب السفن التجارية بالصواريخ أو استخدام القوارب البحرية أو الغواصات أو حتى الألغام البحرية. وبالتالي يمكن تعطيل الحركة الملاحية وإحداث أضرار بالغة بالحركة التجارية أو حتى توقفها تماماً لفترة.
وفي هذه الحال، يقول البروفسور ويتز الخبير في الممرات المائية، في دراسة معمقة، نشر مقتطفات منها موقع “ذا كونفرسيشن” الأكاديمي، سترتفع أسعار التأمين على السفن والشحنات التجارية التي تمر عبر المضيق بمعدلات جنونية، ربما تجبر العديد من الشركات العالمية على تعليق مرور سفنها وحمولاتها التجارية عبر المضيق.
وأشار ويتز، في هذا الصدد، إلى أن أسعار التأمين على السفن والشحنات التجارية التي تمر عبر مضيق هرمز، ارتفعت بمعدل 400%، أثناء الحرب العراقية الإيرانية في العام 1980.
ومن الناحية القانونية، يعتبر مضيق هرمز في نظر القانون الدولي جزءاً من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه، ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها، وحاولت إيران عدة مرات في مؤتمر قانون البحار، الذي يقع تحت مظلة الأمم المتحدة أن يكون لها حق الإشراف على المضيق، إلا أن طلبها رفض عدة مرات. وبالتالي، فإن طهران لا تملك حق إغلاق الممر، إلا إذا تحول التوتر القائم بينها وبين واشنطن إلى حرب.
ومن الناحية السياسية والاقتصادية، يلاحظ أن معظم الطاقة المصدرة إلى الخارج من منطقة الخليج سواء كانت نفطاً أو غازاً، تتجه إلى دول آسيوية وعلى رأسها الصين التي تتحالف مع الحكومة الإيرانية، ولا تستوردها الولايات المتحدة التي باتت شبه مكتفية نفطياً.
وبالتالي فإن إغلاق إيران للمضيق يضر بعلاقات طهران السياسية والاقتصادية بالدول الآسيوية التي تتاجر معها ولن يكون ذلك في مصلحتها، حيث أن اضطراب حركة التجارة العالمية، ستلام عليه إإيران.
وتمر عبر مضيق هرمز نحو 17 مليون برميل يومياً من النفط، و40% من إنتاج النفط العالمي، لكن هذه الإحصائيات قبل استحداث بعض البدائل للمضيق في بعض الدول الخليجية.
ومنذ العام 2012، بدأت بعض الدول الخليجية في استحداث بدائل لتصدير النفط لا تمر عبر مضيق هرمز.
من تلك استخدام الإمارات لخط أنابيب نفط حبشان – الفجيرة الجديد الذي ينقل النفط من حقول حبشان في أبوظبي إلى محطة نفط الفجيرة على خليج عمان، متخطية فعلياً مضيق هرمز. وقد شيدت شركة صينية هذا الخط البديل، الذي تبلغ طاقته نحو مليوني برميل في اليوم.
كما تدرس السعودية بناء خطوط أنابيب جديدة إلى سلطنة عمان واليمن، وأن العراق قد يعيد إحياء خط الأنابيب بين العراق وسورية الذي كان مهجوراً لشحن النفط إلى البحر المتوسط. وحسب مجلة “فورين بوليسي”، فإن هذه الخطوط تقدم “فرصة جديدة لتعزيز استراتيجية واشنطن لاحتواء إيران”.
العربي الجديد