لا يمكن إعطاء فرصة جديدة لإنعاش السلوك الإيراني العدواني ضد استقرار المنطقة، ولا التفكير في التخفيف من حدة الضغط الأقصى عليها ومن ذلك رفع حظر السلاح عنها، بل الاستمرار في ذلك للحصول على نتائج هذه السياسة والتي تبدو ملامحها الآن واضحة.
تحثّ الرياض على مواصلة الموقف الدولي تجاه العبث الإيراني، وأبدت ثقتها بهيئة الأمم المتحدة، وأجهزتها الرئيسية، ومنها مجلس الأمن الدولي، في قيامه بواجباته لصون الأمن والسلم الدوليين، ووقف الخروقات الممنهجة للقوانين والأعراف الدولية التي عكف عليها النظام الإيراني، واستخدامه لأدواته الإرهابية منذ عام 1979.
وشجع التساهل الذي أبداه المجتمع الدولي حكام طهران على التمادي في الإساءة لدول المنطقة والمنظومة الدولية ككل، بعد أن أغراها ذلك لتتوسع فوق ما تطيق قدراتها وتحمل المنطقة تبعات سياساتها التخريبية.
يخوض المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، براين هوك، جولة دولية بدأها من الخليج لتثبيت بنود سياسات الضغط الأقصى على إيران، ويجد كل التشجيع والتأييد والدعم من عواصم عربية
واليوم بدأ النفوذ الإيراني بالتآكل والانهيار لدى الكثير من دول المنطقة، فضلاً عن الخسائر المعنوية التي يسجلها المحور التابع لها، بعد أن ذابت الشعارات واتضحت الحقائق.
في العراق، حصلت استفاقة حكومية مهمة في إظهار الشجاعة للتخلص من الأدوات الإيرانية وميليشياتها المدججة بالطائفية والتبعية الكاملة، في ظل محاولات رئيس الوزراء العراقي الجديد، مصطفى الكاظمي، الحثيثة للسيطرة على الميليشيات الشيعية الموالية لطهران.
لم تنجح الجولة الأولى رغم كل الدعم والتشجيع الشعبي الصريح والمكتوم خشية من الانتقام، ولكنها خطوة في الطريق الصحيح لرفع أعباء النفوذ الإيراني عن كاهل العراقيين.
في لبنان، تواجه الدولة والمجتمع تبعات قاسية وربما الحلقة الأخيرة من مسلسل ارتهان الحكومة لسيطرة ميليشيا حزب الله وارتهانها لسيطرته، من ذلك اعتراف وزيرة الدفاع في حكومة دياب، بإقفال المجتمع الدولي أبوابه في وجه لبنان نتيجة لعدم ثقته فيه، الأمر الذي ينذر بتعميق الفشل وزيادة الإحباط وانفجار الأوضاع في وجه الراعي الأول للحكومة في لبنان وولائه الكامل لإيران.
غير بعيد عنه ما يحدث في سوريا وهي تترقب الآثار العميقة لقانون قيصر، وما يشير إليه من تبنٍّ أميركي لمشروع يشجع المجتمع الدولي على أن يكون حازماً ويمنع أي تطبيع سياسي أو اقتصادي مع نظام الأسد، حتى يتم التوصل إلى حل سياسي للنزاع وتطبيق القرار 2254.
وفي اليمن يواجه وكلاء إيران الحوثيون، جولة جديدة من التصعيد العسكري بعد إصرارهم على البقاء مطية بيد طهران، وأداة لإيذاء الدول العربية، وأداة طعن في خاصرة الخليج، ويشنّ التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة الرياض عملية عسكرية ضد الحوثيين المدعومين من إيران، بعد أن صعّدت الحركة في هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة عبر الحدود.
شجع التساهل الذي أبداه المجتمع الدولي حكام طهران على التمادي في الإساءة لدول المنطقة والمنظومة الدولية ككل، بعد أن أغراها ذلك لتتوسع فوق ما تطيق قدراتها
لقد توقفت طهران عند نقطة معينة من تاريخ توسعها، وبدأت تدفع ثمنًا باهظا لخياراتها المكلفة، عبر تفتيت نفوذها ونقمة شعوب المحيط الإقليمي عليها، فضلاً عن الوهن الذي تعيشه من الداخل جراء العقوبات الاقتصادية وجائحة كورونا التي ضاعفت من الآثار السلبية للواقع الإيراني.
ويخوض المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، براين هوك، جولة دولية بدأها من الخليج لتثبيت بنود سياسات الضغط الأقصى على إيران، ويجد كل التشجيع والتأييد والدعم من عواصم عربية، كانت أول من اكتوى بنيران السلوك والعبث الإيرانيَّيْنِ خلال عدد من المناسبات التي لا تزال جراحها مفتوحة بلا أمل قريب بالشفاء.
ويشجع الخليج على استثمار هذه اللحظة المواتية لوقف تمدد إيران ويطالب المجتمع الدولي بموقف حازم ضدها، وسيكون لهذا أثره الإيجابي على ظروف المنطقة الآخذة في إصلاح واقعها.
العرب