عشية بدء المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، روّج الرئيس دونالد ترمب بـما أسماه «اختراق تاريخي» في علاج «كوفيد – 19». إذ أعلن في الأسبوع الماضي أن الحكومة سمحت بالاستخدام الطارئ لبلازما الدم من مرضى «كوفيد – 19» المتعافين لمكافحة المرض. إلا أن العلماء قالوا إن الفوائد العلاجية للعلاج، الذي استخدم بالفعل على نحو 70 ألف مريض، لم تُفهم بالكامل بعد، وتساءل بعض خبراء الصحة العامة عما إذا كانت الاعتبارات السياسية قد أثّرت في عملية صنع القرار.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يشيد فيها ترمب بما وصفه بأنه «تغيير قواعد اللعبة» في مكافحة الفيروس الذي أودى بحياة أكثر من 175 ألف أميركي. بل عكست نمطاً سابقاً عندما كان الرئيس يتخطى أو يقوض علماء حكومته في مواجهة تفشي الجائحة الذي استمر 6 أشهر، والذي دمر الاقتصاد الأميركي وقلب الحياة اليومية في جميع أنحاء البلاد.
إبان ظهوره في البيت الأبيض، ادّعى ترمب الفضل في مكافحة ما وصفه بأنه «بيروقراطية مترددة» في استصدار أمر عاجل عن «إدارة الغذاء والدواء» لاستخدام البلازما. وتابع: «سيؤدي إجراء اليوم إلى توسيع نطاق الوصول إلى هذا العلاج بشكل كبير. النتائج كانت مذهلة، ولن ندعها تتوقف». وبدوره، أشاد أليكس عازار، وزير الصحة والخدمات الإنسانية، بالعملية باعتبارها «تقدماً كبيراً في علاج المرضى».
لقد جاء إعلان الرئيس على خلفية استطلاعات الرأي العام التي تشير إلى أن نحو ثلثي الأميركيين لا يوافقون على طريقة تعامله مع الوباء الذي أصاب الولايات المتحدة أكثر من أي دولة متقدمة أخرى. وكان البيت الأبيض قد جادل لأيام بأن «إدارة الغذاء والدواء» متقاعسة عن الموافقة على العلاجات المنقذة للحياة، وهو أمر عارضه بشدة سكوت غوتليب، الرئيس السابق لإدارة الغذاء والدواء في عهد ترمب. فقد قال غوتليب على شبكة «سي بي إس»، معترضاً: «أرفض بشدة فكرة أنهم (إدارة الغذاء والدواء) سيبطئون السير في أي شيء أو يسرّعون أي شيء في هذا الشأن، بناءً على أي نوع من الاعتبارات السياسية وأي اعتبارات بخلاف ما هو الأفضل للصحة العامة».
كذلك، شكّك علماء في دور ترمب في الترويج للعلاج. فقال بنجامين كورب، مدير الشؤون العامة في «الجمعية الأميركية للكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية»، إن ترمب «مرة أخرى، يضع أهدافه السياسية قبل صحة ورفاهية الجمهور الأميركي». في المقابل، لم يقدّم رئيس موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز أي دليل يدعم ادعاء الرئيس بالتباطؤ المتعمد في الموافقة على علاجات الجائحة، وإن كان ألقى باللوم على «البيروقراطيين الذين يعتقدون أن بإمكانهم فعل ذلك بالطريقة التي يريدونها».
ما يذكر أنه في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، الذي عقد الأسبوع الماضي، تعرضت سياسات ترمب حول «كوفيد – 19» للشجب والانتقادات اللاذعة. ومن المتوقع أن يكون المسار القاتم لتفشي الجائحة نقطة نقاش مركزية للحملة الانتخابية من قبل مرشح الديمقراطيين، نائب الرئيس السابق جو بايدن. وهنا يقول برايان أربور، أستاذ العلوم السياسية في كلية جون جاي بجامعة نيويورك، إن «هناك كثيراً من الأمور المجهولة حول الأحداث التي يمكن أن تحدد ما إذا كان الرئيس ترمب سيعاد انتخابه أو أن نائب الرئيس السابق جو بايدن سينتقل إلى البيت الأبيض». وتابع أن الأمر يتعلق بالإجابة عن عدة أسئلة، منها هل سيزداد التفشي أم يقل؟ وهل سيخفض التعافي الاقتصادي معدلات البطالة، أم أن انتهاء صلاحية أموال التحفيز الفيدرالي وتخفيضات ميزانيات الولايات سيسبب مزيداً من المصاعب؟ ثم إلى متى ستستمر الاحتجاجات التي أثارها مقتل جورج فلويد؟ وهل ستتحسن العلاقات العرقية أو تسوء؟ وكيف سيكون أداء ترمب وبايدن عندما يتواجهان في 3 مناظرات مقررة للمرشح الرئاسي؟ وما التطورات المفاجئة التي ستقلب كل افتراضاتنا؟
تشير البيانات لاستطلاعات الرأي لشبكة «فوكس نيوز» (المؤيدة لترمب) إلى أن آراء الناخبين حول أداء الرئيس ترمب قد تراجعت بشكل ملحوظ بعد توليه منصبه في يناير 2017. إذ حصل ترمب على نسبة تأييد بلغت 43 في المائة في مارس 2017. وانخفضت معدلات التأييد له عندما بدأ فيروس «كوفيد – 19» ينتشر، وحصل ترمب على نسبة تأييد تبلغ 48 في المائة في مارس العام الحالي، و49 في المائة في أبريل، لكنه عاد إلى 44 في المائة في مايو (أيار).
الشرق الأوسط