تراوح محاولات التوصل إلى تسوية في درعا البلد، بمدينة درعا جنوب سورية، مكانها، مع اقتراب انتهاء مهلة الـ15 يوماً التي كان حددها الجانب الروسي للنظام ووفد الأهالي المفاوض، للتوصل لحل على أساس “خريطة حل” كان قدمها الروس للجانبين. في هذه الأثناء، يستمر التصعيد في شمال غربي سورية، حيث عاود الطيران الروسي أمس القصف الذي يتضرر منه المدنيون.
قتل مدني وأصيب آخرون بقصف النظام درعا البلد ليلاً
وساد الهدوء في أحياء درعا البلد، أمس، بعد ليلة وُصفت بـ”العصيبة” دارت خلالها اشتباكات بين مقاتلين محليين يدافعون عن المنطقة، وبين قوات النظام ومليشيات تتبع لإيران. وأوضح الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن قوات النظام قصفت أحياء درعا البلد من راجمات صواريخ منتصف ليل الإثنين- الثلاثاء، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين. وأشار إلى أن جولة مفاوضات عقدت أول من أمس الإثنين، بين وفد الأهالي ووفد النظام، إلا أنها باءت بالفشل، مضيفاً: “لم يتفق الجانبان على أي شيء من خريطة الحل الروسي”. ولفت إلى أن قوات النظام “تعمل على قصف أحياء درعا المحطة (بمدينة درعا) الواقعة تحت سيطرتها، لاتهام الثوار بذلك، وزعزعة الحاضنة الشعبية وإيهام الرأي العام أن المدافعين عن درعا البلد يستهدفون المدنيين”. وقال المسالمة إنّ “التعزيزات للمليشيات الإيرانية في محيط أحياء درعا البلد المحاصرة لم تتوقف”، مشيراً إلى أنّ هذه المليشيات “تحاصر منذ أكثر من شهرين آلاف المدنيين وتمنع عنهم الدواء والغذاء”.
من جهتهم، نشر عدد من الصحافيين في محافظة درعا، صوراً على أطراف درعا البلد أكدوا أنها لمتزعم مليشيا “لواء الحسين” العراقية، وهو يقف إلى جانب العميد غياث دلة، قائد عمليات الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام في محافظة درعا. وكان “تجمّع أحرار حوران” المعارض، أكد قبل أيام مشاركة مليشيات عراقية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، في حصار أحياء درعا البلد، ومنها “أسود العراق”، و”لواء أبو الفضل العباس”، و”لواء الرسول الأعظم”، بالإضافة إلى مليشيا “الحاج” اللبنانية.
تقارير عربية
60 يوماً على حصار درعا البلد ولا حلول في الأفق
من جانبه، يتهم النظام وفد الأهالي بـ”رفض جهود التسوية التي تبذل لترسيخ الأمن والاستقرار في عموم محافظة درعا”. وزعمت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، أمس، أن اللجنة الأمنية التابعة للنظام التي تفاوض وفد الأهالي “مصرّة على الحل السلمي وفرض الدولة لكامل سيادتها في المحافظة، والتوصل إلى تسوية لتجنيب المنطقة الدمار وحقن الدماء”. وأكدت الصحيفة أنّ قوات النظام تواصل إرسال المزيد من التعزيزات إلى مناطق محيطة بمدينة درعا. ويصر النظام على تجريد الأهالي في أحياء درعا البلد من كل صنوف الأسلحة، وتهجير من لا يقبل البقاء تحت سيطرته إلى الشمال السوري.
في موازاة التطورات في الجنوب السوري، يشهد الشمال الغربي من البلاد تصعيداً من قبل قوات النظام والطيران الروسي الذي عاود أمس الثلاثاء قصف مناطق في إدلب. وفي السياق، أفاد ناشطون محليون بأن الطائرات الحربية الروسية جددت صباح أمس غاراتها الجوية على شمال غرب سورية، مستهدفة قرية كفرميد بريف إدلب الغربي بصواريخ شديدة الانفجار، موضحين أن الغارات خلفت دماراً كبيراً في ممتلكات المدنيين. من جهته، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، 52 ضربة جوية روسية على مواقع وتجمعات عسكرية ومدنية في محافظة إدلب ومحيطها منذ مطلع أغسطس/آب الحالي.
52 غارة روسية على مواقع بمحافظة إدلب منذ مطلع أغسطس
وتعليقاً على ذلك، قال القيادي في فصائل المعارضة في محافظة إدلب، العقيد مصطفى البكور، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “التصعيد الروسي لم يتوقف ضد الشمال السوري المحرر منذ تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020 بين الروس والأتراك”، مضيفاً: “ولكنه يشتد أحياناً، ويخبو أحياناً أخرى”. واعتبر البكور أن التصعيد الأخير “يندرج في إطار توجيه رسائل إلى طرفين هما؛ الأتراك والمدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة”، موضحاً أن “الرسائل للأتراك تتجلى باستهداف المناطق القريبة من النقاط التركية في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وسهل الغاب في ريف حماة، للضغط على أنقرة لتنفيذ الاتفاقات السابقة وخاصة فتح الطريق الدولي حلب اللاذقية (أم 4)”. وتابع: “أما الرسائل للمدنيين، فهي بأن وجود الجيش التركي في المناطق المحررة لن يؤمن الحماية لسكانها، وبالتالي لكي تضمنوا سلامتكم من القصف والمجازر عليكم مساعدة الروس وقوات الأسد في استعادة هذه المناطق”.
في الأثناء، يتواصل التصعيد على خطوط التماس بين “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) وفصائل سورية معارضة مرتبطة بالجيش التركي. إذ ذكرت مصادر محلية أن هذه الفصائل قصفت أمس أهدافاً لـ”قسد” في ريف مدينة منبج غربي نهر الفرات.
من جهته، قال المركز الإعلامي لـ”قسد”، إن “الجيش التركي استهدف أمس بالأسلحة الثقيلة قرى: خربة شعير، باب الخير، نويحات، ربيعات العبوش، تل الورد والطريق الدولي أم 4 في أطراف بلدة أبو راسين، ما تسبب بأضرار مادية بممتلكات المدنيين”. وأضاف: “لا تغيير في الخريطة العسكرية في المنطقة، والأوضاع الميدانية ثابتة بما فيها خطوط التماس”.
العربي الجديد