صفقة الغواصات الأسترالية تعزز المخاوف من مخاطر الانتشار النووي في المنطقة

صفقة الغواصات الأسترالية تعزز المخاوف من مخاطر الانتشار النووي في المنطقة

واشنطن- تطرح صفقة شراء أستراليا غواصات نووية الدفع وسط أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين الولايات المتحدة وفرنسا، أسئلة كثيرة حول مخاطر انتشار السلاح النووي في المنطقة وما وراءها، برأي محللين.

ووقعت أستراليا بالأساس عقدا مع فرنسا لشراء غواصات ذات دفع “تقليدي” تطفو كل بضعة أيام لشحن بطارياتها. أما الغواصات النووية الأميركية والبريطانية فهي مجهزة بنظام دفع نووي يتيح لها شحن بطارياتها بشكل متواصل، وبإمكانها بالتالي البقاء تحت الماء إلى حين نفاد إمدادات طواقمها، وهي مهلة نادرا ما تتعدى ثلاثة أشهر.

وتمتلك باريس التكنولوجيا النووية التي تجهز حاملة الطائرات شارل ديغول وجميع الغواصات الفرنسية، غير أن فرنسا تستخدم اليورانيوم ضعيف التخصيب بنسبة تقل عن 20 في المئة وهو المستوى المستخدم في المحطات النووية لإنتاج الكهرباء. وهذا اليورانيوم يتطلب تجديده كل عشر سنوات وفق عملية دقيقة وخطيرة، غير أنه من المستحيل تحويله إلى أهداف عسكرية.

أما الغواصات الأميركية والبريطانية فتستخدم اليورانيوم عالي التخصيب بأكثر من 93 في المئة وتصل مدة حياته إلى ثلاثين عاما، غير أن مستوى تخصيبه يسمح باستخدامه لصنع قنبلة نووية.

وأوضح ألان كوبرمان من جامعة تكساس في مقال كتبه قبيل الإعلان عن التحالف الأمني الاستراتيجي الأميركي – البريطاني – الأسترالي “أوكوس”، أن “مفاعلات البحرية الأميركية تستخدم حاليا كمية من اليورانيوم عالي التخصيب توازي مئة قنبلة نووية، أكثر من كل المحطات النووية في العالم بأسره معا”.

وأوصى هذا الخبير في انتشار الأسلحة النووية في مجلة “بريكنغ ديفنس” المتخصصة بأن يخصص الكونغرس الذي يناقش حاليا الميزانية العسكرية للعام 2022 أموالا لانتقال البحرية الأميركية إلى استخدام اليورانيوم ضعيف التخصيب لاعتباره أكثر أمانا.

ويرى جيمس أكتون من معهد كارنيغي أن بيع أستراليا غواصات نووية يطرح “مخاطر كبرى بانتشار الأسلحة النووية”، ولاسيما في ظل فراغ قانوني في القانون الدولي.

وأوضح على تويتر أنه بما أن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لا تحظر على الدول التي لا تملك السلاح النووي شراء غواصات نووية، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية “تسمح لها بسحب الوقود النووي دون أي مراقبة لاستخدامه في ‘أنشطة عسكرية غير محظورة’”.

وتابع “لا أخشى أن تمتلك أستراليا أسلحة نووية. ما يقلقني هو أن تستخدم دول أخرى هذه السابقة لاستغلال فراغ قانوني قد يكون خطيرا في ظل النظام العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية”.

وحذر طارق رؤوف الخبير السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يعمل اليوم باحثا في معهد “تودا” للسلام من أن ذلك “قد يفتح فعلا مجالا لانتشار” الأسلحة النووية.

وقال إن “دولا لا تملك السلاح النووي مثل الأرجنتين والبرازيل وكندا وإيران واليابان والسعودية وكوريا الجنوبية ستتجه إلى الغواصات النووية وتحتفظ بالوقود النووي” خارج رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ورأى هانس كريستنسن من اتحاد العلماء الأميركيين أن روسيا “قد تزيد مبادلاتها التكنولوجية مع الهند، والصين قد تقدم تقنياتها في مجال المفاعلات النووية لباكستان وسواها، والبرازيل قد تجد بمزيد من السهولة سوقا لمشروعها المتعثر لبناء مفاعل غواصة”.

غراف

وأكدت واشنطن مؤخرا التزامها بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي الإثنين أن أستراليا تشكل “حالة استثنائية لا ترسي سابقة” على هذا الصعيد.

لكن داريل كيمبال مدير مركز “أرمز كونترول” للدراسات اعتبر أن “التوصل إلى اتفاق تعاون دفاعي مع حليف قريب أمر، وإبرام الاتفاق بما ينقض مبادئنا ومبادئ الأسرة الدولية أمر مختلف”.

وقال “حين تواصل الولايات المتحدة التي تقول إنها في موقع متقدم على صعيد منع انتشار الأسلحة النووية الالتفاف على قواعد ومبادئ منع الانتشار لمساعدة حلفائها، فهذا يؤدي إلى تقويض النظام الدولي الذي تؤكد هذه الإدارة أنها تدافع عنه”.

العرب