روسيا تتمسّك باتفاق إدلب رغم إخفاقات تركيا

روسيا تتمسّك باتفاق إدلب رغم إخفاقات تركيا

تعكس تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه نظيره التركي رجب طيب أردوغان، السبت على هامش قمة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، تمسك موسكو باتفاق إدلب، رغم انتهاء المهل المحددة لتنفيذه، وغياب مؤشرات على إمكانية حصول خرق جديد في هذا الملف، على المدى القريب.

ويرى مراقبون أن أسبابا عديدة خلف إصرار موسكو على الالتزام بنص الاتفاق رغم تحفظات النظام السوري وحليفته إيران، وأهمها أن هناك فيتو أميركيا أوروبيا على أي عملية عسكرية كبيرة ضد المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا، فضلا عن كون موسكو تريد الحفاظ على التعاون مع أنقرة في سوريا، للحيلولة دون انتقال الأخيرة إلى المربع الآخر أي معسكر الولايات المتحدة.

ولا يعني تمسك موسكو باتفاق إدلب أنها راضية عن سير تنفيذه على أرض الواقع، حيث طالب الرئيس فلاديمير بوتين، نظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال لقاء بينهما السبت على هامش قمة العشرين بضرورة اتخاذ إجراءات أشد لتطبيق الاتفاق، ووفق تجاوزات المجموعات المتشددة.

ونقلت وكالة ريا نوفوستي عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله إن الرئيس الروسي شدد خلال لقائه نظيره التركي “على أهمية اتخاذ تدابير أكثر فاعلية لتطبيق الاتفاق الروسي التركي بشأن إدلب”.

وأكد المتحدث أن هذه التدابير ضرورية “لمنع حصول حالات مثل الهجوم الذي تعرّضت له حلب (المجاورة لإدلب) بقذائف صاروخية وسامة”.

وكانت روسيا قد اتهمت هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام (تسيطر على أكثر من نصف محافظة إدلب)، بخرق وقف إطلاق النار الذي نص عليه الاتفاق بإقدامها على استهداف مدينة حلب التي يسيطر عليها النظام السوري بغاز الكلور، ما أدى إلى إصابات في صفوف المدنيين.

واعتبرت فصائل المعارضة آنذاك أن الاتهامات الروسية تمهد الطريق لنسف اتفاق إدلب وشن عملية عسكرية واسعة ضد المحافظة التي تؤوي أكثر من 3 ملايين نسمة، وهو ما نفاه بوتين، في اللقاء مع أردوغان، مشددا على ضرورة منح أنقرة المزيد من الوقت.

وقال  بوتين إن الوضع في إدلب يثير قلق موسكو مثلما يقلق الدول الغربية، مضيفا “نرى أن جهود شركائنا الأتراك هناك لا تزال تتعثر بعض الشيء، لكنهم يعملون بالفعل”.

وتابع “أرى أن الأتراك يعملون على إقامة المنطقة المنزوعة السلاح، ونأمل أن تنجح استخباراتنا ووزارتا دفاعنا في تنفيذ هذه المهمة في أقرب وقت”.

ويجمع العديد من المتابعين على أن روسيا لا تزال تراهن على سياسة الصبر الاستراتيجي في التعامل مع معضلة إدلب، وأنها تأمل أن تنجح أنقرة في إقناع المعارضة المسلحة بتولي مهمة القضاء على هيئة التحرير، وقد أظهرت موسكو فعليا هذه الرغبة في الجولة الأخيرة من محادثات أستانة الأسبوع الماضي.

ويرى مراقبون أن روسيا تدفع نحو اقتتال بين الفصائل هناك، وترى أن في ذلك تكلفة أقل بكثير من شن هجوم على المحافظة، هو محل رفض دولي. ولا يبدو واضحا كيف ستتعاطى تركيا مع الطلب الروسي، ويرجح مراقبون أن تحاول أنقرة إقناع هيئة تحرير الشام بالاستجابة لمطلب الانسحاب من المنطقة العازلة، وفق ما نص عليه الاتفاق، لتجنب هذا المصير.

وخلال اجتماعه بالرئيس بوتين شدد أردوغان على أن بلاده ستواصل العمل مع موسكو في تنفيذ بنود اتفاق إدلب. وأبلغ أردوغان نظيره الروسي بضرورة عقد قمة أخرى لبحث الوضع في المحافظة.

وأبرمت روسيا وتركيا في سبتمبر اتفاقا نص على إقامة “منطقة منزوعة السلاح” في إدلب، آخر معقل للفصائل المعارضة والجهادية في سوريا، وجنّب المحافظة الواقعة في شمال غرب البلاد هجوماً وشيكاً كان يعدّ له نظام الرئيس بشار الأسد.

وتدعم روسيا النظام السوري في النزاع الذي تشهده البلاد منذ أكثر من سبع سنوات في حين تدعم تركيا الفصائل المعارضة.

وتعثّر تطبيق الاتفاق بسبب رفض الفصائل الجهادية إخلاء المنطقة التي تشهد منذ أسابيع قصفا واشتباكات متقطعة بين الجهاديين وقوات النظام. وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) مع فصائل جهادية أخرى على ثلثي المنطقة المنزوعة السلاح.

وشنت روسيا الأسبوع الماضي غارات جوية على مناطق في إدلب، هي الأولى منذ أكثر من شهرين، ردا على هجوم حلب الذي قال النظام السوري إنه تم بواسطة “قذائف صاروخية تحوي غازات سامّة”.