الاحتواء والمشاركة: الإستراتيجية الأمريكية في آسيا

الاحتواء والمشاركة: الإستراتيجية الأمريكية في آسيا

2

ممّا لا شك فيه أن الصين هي أهم أولويات أمريكا والأكثر منطقية لديها، في استدارتها نحو منطقة آسيا الباسيفيك، وربما تكون أفضل طريقة لتحليل أهمية الصين هي أن ننظر إلى الكيفية التي تحاول الولايات المتحدة بها احتواء هذه القوة الإقليمية العظمى، حيث تسعى الولايات المتحدة لتطويق الصين، سواء من خلال الدخول في تحالفات مع الدول المناوئة لها في جنوب شرق آسيا، أو إثارة الاضطرابات في الدول التي تمثل أهمية إستراتيجية للصين مثل ميانمار، أو حتى التورط في إثارة الاضطرابات داخل الصين نفسهما من خلال دعم حركة – احتلوا وسط المدينة – في هونج كونج، وهو ما تسعى الصين لمواجهته من خلال إستراتيجية التوجه غربًا.
ووفق ذلك، قامت الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل أكتوبر 2015، وإحدى عشرة دولة مطلة على المحيط الهادئ، وهي: أستراليا، بروناي، كندا، شيلي، اليابان، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلندا، بيرو، سنغافورة، فيتنام، بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادي، وهي اتفاقية تجارة حرة متعدد الأطراف تهدف إلى زيادة تحرر اقتصادات منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما أخذ بالرئيس الأمريكي باراك أوباما بالقول “أن واشنطن لن تسمح لبلدان مثل الصين أو غيرها بكتابة قواعد الاقتصاد العالمي، كما صرح أوباما: “عندما يعيش ما يزيد على 95% من مستهلكينا المحتملين خارج حدودنا، فلا يمكن أن نجعل دولا كالصين تكتب قواعد الاقتصاد العالمي، ويضيف أوباما: “ينبغي لنا أن نكتب هذه القواعد، وأن نفتح أسواقا جديدة للمنتجات الأمريكية في الوقت الذي نرسي فيه معايير عالية لحماية عمالنا إلى جانب الحفاظ على بيئتنا”.
وبذلك، أصبحت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادئ، تطرح العديد من التساؤلات حول تأثير الشراكة المزمعة على النظام الاقتصادي العالمي، ولاسيما على اتجاهات التجارة الدولية، ويذهب كثير من المراقبين إلى أن سعي الولايات المتحدة إلى إبرام هذه الشراكة، لا يقف ورائه فقط بعض المكاسب الاقتصادية، وإنما بواعث سياسية أكبر تتمثل في تعزيز ارتباطها واتصالها بالقارة الآسيوية ومن ثم تطويق الإستراتيجية الصينية التوسعية هناك، وأخيرًا تؤيد العديد من الدلائل النظرية والتجريبية بأن الصين ستتعرض لخسائر في الدخل القومي والصادرات حال إتمام هذه الشراكة بشكل نهائي(1).

يتلخص النهج الأمريكي تجاه الصين بأنه يهدف إلى الاحتواء والمشاركة في آن معًا، فبينما تدعم الديناميات الاقتصادية والسياسية منطق المشاركة، فإن الديناميات العسكرية تحقق منطق الاحتواء
أولًا: موقع الصين في الإستراتيجية الأمريكية
يمكن تلخيص النهج الأمريكي الحالي تجاه الصين بأنه إستراتيجيًا يهدف إلى الاحتواء والمشاركة في آن معًا، فبينما تدعم الديناميات الاقتصادية والسياسية منطق المشاركة، فإن الديناميات العسكرية تحقق منطق الاحتواء، والحاجة إلى المشاركة تفرضها العولمة والاعتقاد الأمريكي أن المشاركة الاقتصادية ستقود إلى تحقيق الديمقراطية في الصين. فوفقًا لهذا المذهب، فإن النمو الاقتصادي المذهل للصين سيفضي في نهاية المطاف إلى تحوّل ديمقراطي في البلد.
وهناك مستوى غير مسبوق من الترابط الاقتصادي ما بين الصين والولايات المتحدة أحدثته العولمة، فأمريكا تعتمد على إفراط الصين في الادخار، في حين أن الصين تعتمد على إفراط أميركا في الاقتراض، وفي الاستهلاك. إن الاقتصاد الصيني اقتصاد قائم على النمو الذي تقوده الصادرات، والصين مثال فريد لدولة رأسمالية بقيادة شيوعية، والطريقة الوحيدة التي تمكّن هذا النظام من تأمين الاستقرار هي اعتماد اقتصاد قائم على النمو بمعدل يتراوح ما بين 7% و 10%، إذ دون هذا المستوى من النمو ستبدأ معدلات البطالة في الارتفاع، ومع ارتفاع مستوى البطالة ستزداد مخاطر حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية، والنمو الاقتصادي الصيني وفق هذه المعدلات يعتمد على ثلاثة عوامل لها القدر نفسه من الأهمية: التصدير إلى الولايات المتحدة وأوربا واليابان، الوصول إلى مصادر الطاقة، عملة مقدّرة بأقل من قيمتها تساعد على زيادة القدرة التنافسية(2).
وليست أمريكا أهم سوق للصادرات الصينية فحسب، بل هي أيضًا وربما هذا هو الأهم، السوق المالية الرئيسية للصين، فالصين تحتفظ ب 3 تريليونات دولار في احتياطها الأجنبي، معظمها على شكل سندات وأصول مالية وأذونات خزينة أمريكية. ولدى الصين فائض تجاري كبير(3)، لكنها مترددة في استثماره داخليًا لعدة أسباب: الأول، سياسي بشكل رئيسي. فعلى الرغم من أن الصين بدأت مؤخرًا بالاستثمار داخليًا أكثر فأكثر من أجل تقليل اعتمادها على التصدير، فإنها لا تزال ترغب في تجنّب تشكّل طبقة وسطى واعية سياسيًا من شأنها أن تطالب بالحرية السياسية بمجرد تحقيقها الرخاء الاقتصادي. وهذا المنطق يتوافق مع نظرية التحديث المذكورة أعلاه. بعبارة أُخرى، إن ظهور طبقة وسطى صينية يصعب السيطرة عليها، وربما تطالب بالحرية السياسية، هو كابوس بالنسبة إلى الحزب الشيوعي الصيني. وجرّاء ذلك تفضّل الصين استثمار فائضها التجاري في سندات الخزانة وغيرها من الأصول المالية الأمريكية.
السبب الثاني الذي من أجله تفضّل الصين استثمار فائضها التجاري في الولايات المتحدة، هو أنها بهذه الطريقة تُبقي عملتها المحلية ضعيفة والدولار الأمريكي قويًا، وبما أن الصين تقوم بالتصدير استنادًا إلى إستراتيجية النمو الاقتصادي، فإنها بحاجة إلى إبقاء عملتها منخفضة القيمة كي تجعل صادراتها جذابة، وهو ما يتطلّب تجنب الإسراف في الإنفاق الداخلي، لأن الإنفاق الكبير سيخلق طلبًا كبيرًا على العملة المحلية، وزيادة الطلب على العملة الصينية سيؤدي إلى رفع قيمتها، الأمر الذي سيضرّ بالقدرة التصديرية الصينية. علاوة على ذلك، إن شراء الأصول الأمريكية يوفر سيولة مالية في الأسواق الأمريكية، وهذا بدوره يُبقي معدلات الفائدة الأمريكية منخفضة، وعندما تكون معدلات الفائدة منخفضة يستطيع الأمريكيون الإنفاق أكثر في بلدهم.
هذه العوامل جميعًا تساعد الأمريكيين على الاقتراض والاستهلاك، علاوة على أنها تدعم النموذج الصيني للنمو اعتمادًا على الصادرات، ولهذا يوجد نظام اعتماد متبادل ما بين أمريكا والصين يُملي على واشنطن منطق المشاركة الاقتصادية، لأنه ببساطة ليس في وسع الصين ولا الولايات المتحدة تحمّل تبعات حرب اقتصادية، بل على العكس تحتاج كلتاهما إلى الأُخرى من أجل الإبقاء على الوضع الراهن. فالنمو الاقتصادي الصيني يغذّي القدرة الأمريكية على إبقاء معدلات الفائدة منخفضة وكذلك القدرة على الاقتراض، في الوقت الذي يكون اقتصاد الولايات المتحدة بأمس الحاجة إلى النمو وخلق فرص عمل في البلد، أمّا الصين فبحاجة إلى نمو الاقتصاد الأمريكي من أجل بيع منتجاتها إلى أكبر سوق في العالم، وفي غياب هذه الديناميات ستكون هناك مخاطر تدمير اقتصادي متبادل ومؤكد.
لذلك، لا ينبغي إغفال ما تمثله ملامح توقيع اتفاقية الدول الأعضاء بالشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادئ في أوائل أكتوبر 2015، كأداة من أدوات السياسية الخارجية الأمريكية في تعزيز موازنتها للقوة الصينية في منطقة شرق آسيا، فقد اكتسبت الصين نفوذًا اقتصاديًا ملحوظًا في هذه المنطقة خلال العقد الماضي، وأصبحت أكبر شريك تجاري لتجمع الآسيان في عام 2009. وعمومًا، تحقق الشراكة للولايات المتحدة عدة غايات، أولها تأطير قواعد النظام الاقتصادي العالمي طبقًا للرؤية الأمريكية ، وثانيها استمالة الدول الآسيوية التي تتمتع فيها الصين بنفوذ كبير. علاوة على ذلك، تلعب الشراكة دور كبير في قطع الطريق أمام الصين في إستراتيجيتها الهادفة لزيادة نفوذها بآسيا من خلال مشاريع مبادرة طريق الحرير الجديد، بالإضافة إلى محاصرة دور المؤسسات التمويلية الجديدة التي أنشأتها كالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
وتعد هذه الشراكة على قدر كبير من الأهمية للنظام الاقتصادي العالمي، وتشكل هذه الدول مجتمعة ما يقرب من 40% من الاقتصاد العالمي، وتضم اتفاقية الشراكة ما يقرب من30 فصلًا تهدف بصفة عامة لإزالة التعريفات الجمركية والحواجز الأخرى من أمام تجارة السلع، والخدمات، والاستثمار فيما بين دول الأعضاء.
مع التسليم بأن هناك تفاوتًا في تقدير حجم المكاسب التي من المنتظر أن تحصل عليها الدول الأعضاء بالشراكة، تبرز الصين في هذا الإطار كمرشح أساسي للانضمام إلى قائمة الدول الخاسرة من جراء هذه الشراكة الجديدة، فمن المتوقع أن تتكبد الصادرات الصينية خسائر بأسواق البلدان الأعضاء بالشراكة، حيث يقدر خبراء المؤسسات البحثية المختلفة انخفاض الصادرات الصينية بنسبة تتراوح ما بين 0.5% و 1.2% مع الدول الأعضاء بالشراكة، لا سيما صادرات المنسوجات والملابس والإلكترونيات. وقد يؤثر تحول التجارة أيضا على تباطؤ معدل النمو الاقتصادي الصيني بنسبة 0.2 نقطة مئوية، وفقا لمركز البحوث في وزارة التجارة الصينية. وجدير بالإشارة أن الصين وقعت بالفعل اتفاقيات تجارة حرة مع 8 من 12 أعضاء بالشراكة، والتي قد تساعد على التخفيف من تأثير السلبي لها.

الصين تحتفظ ب 3 تريليونات دولار في احتياطها الأجنبي، معظمها على شكل سندات وأصول مالية وأذونات خزينة أمريكية
ثانيًا: التحالفات الأمريكية مع دول شرق آسيا لتطويق الصين
هناك نزاعات إقليمية بين الصين وبلدان أخرى في منطقة شرق آسيا، وبسبب إستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما القائمة على “الانعطاف نحو آسيا”، أخذت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة تعزز تحالفاتها القديمة التي تعود إلى أيام الحرب الباردة مع هذه البلدان بهدف احتواء الصين الصاعدة(4).
وحيث إن الحرب الباردة لا تزال حية في الذاكرة، فإن الحكومة الأمريكية لم تعد تطلق على سياسة تطويق الصين التي تتبعها اسم “الاحتواء”، فإن هذا الاسم ينطبق فعلًا على الواقع، والحلفاء الرسميون الرئيسيون للولايات المتحدة هم اليابان، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وأستراليا، وحليف رئيسي غير رسمي هو تايوان، وبموازاة ذلك، عملت الولايات المتحدة – وهي تضع الصين في ذهنها – لتحسين علاقاتها مع دول أخرى غير حليفة في المنطقة تشعر بقلق إزاء الصين، مثل فيتنام، العدو السابق للولايات المتحدة والتي لا تزال شيوعية.
وفي إطار إستراتيجية “الانعطاف”، حركت الولايات المتحدة مزيدًا من قواتها العسكرية إلى منطقة شرق آسيا، وهناك الآن حديث عن إعادة وجود عسكري أمريكي إلى القاعدة البحرية في خليج سوبيك في الفلبين، التي كان الفلبينيون قد طردوا الولايات المتحدة منها عام 1992، وهناك حتى ما هو أسوأ من ذلك، حيث أعلن الأدميرال هاري هاريس، القائد الأمريكي الأعلى في منطقة الهادئ، إن الولايات المتحدة تخطط لتحرك عسكري مباشر من خلال زيادة الدوريات البحرية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي، وهو ما حدث بالفعل في نوفمبر 2015 ومرور مدمرة أمريكية بالقرب من مجموعة من الجزر الصناعية التي أقامتها الصين بالقرب من جزر سبارتلي المتنازع عليها بين الصين وكل من تايوان وفيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي.
وجاء رد الفعل الصيني سريعًا، إذ استدعت الخارجية الصينية السفير الأمريكي في بكين وقدمت احتجاجًا شديد اللهجة على دخول المدمرة (يو إس إس لاسن) الأمريكية المياه الإقليمية الصينية بطريقة غير مشروعة، ووصفت الخارجية هذا الانتهاك لمياهها الإقليمية بأنه استفزاز خطر موجه ضد الصين، وأوضح البيان الصادر عن الخارجية الصينية أن السلطات الصينية راقبت ولاحقت وحذرت السفينة الحربية الأمريكية أثناء دخولها إلى مياه تعتبرها بكين إقليمية لها باعتبار أنها تمتد مسافة 12 ميلًا بحريًا من الشريط الساحلي الصيني(5).
ويؤكد هذا أن الولايات المتحدة ماضية في تنفيذ إستراتيجيتها باتجاه إعادة التوازن والتوجه نحو آسيا والتي تنظر إليها الصين باعتبارها بداية لسياسة الاحتواء التي تنوي واشنطن اتباعها تجاه الصين وينظر المحللون الصينيون إليها على أنها تمثل نمطًا جديدًا من تهديدات الهيمنة والتدخلية الجديدة في شئون الدول، وأنها محاولة لتطويق الصين بمنافسين إقليميين معادين لها، كما أن الصين مستمرة في تطوير عناصر قوتها الإستراتيجية وبناء قواتها المسلحة بفروعها المختلفة وفقا لاحتياجاتها الجديدة والتي تتطلب تطويرًا نوعيًا لقواتها البحرية وبناء أسطول بحري جديد وما يتطلبه ذلك من متطلبات لوجستية سواء في جزر بحر الصين الجنوبي آو عبر إقامة جزر صناعية فيه.
وهو الأمر الذي يمثل من وجهة نظر واشنطن تهديدًا مباشرًا لتوازن القوى الإقليمي، وبالتالي للمكانة والدور الأمريكي في المنطقة والذي يقوم على تحقيق توازن القوة بين الصين والقوى الإقليمية الأخرى الأضعف، ومن ثم يأتي تحرك الدبلوماسية الأمريكية المكثف مع هذه الدول من أجل ترسيخ علاقات التحالف القائمة مع بعضها، وتطوير العلاقات مع البعض الآخر، وذلك من أجل وضع حد للطموحات الصينية، وعرقلة ما تسعى لتحقيقه من أهداف، أو على الأقل رفع تكلفة تحقيق هذه الأهداف والإبطاء من سرعة تحققها، الأمر الذي تابعته الصين وقامت الدبلوماسية الصينية بتحرك مضاد، يقوم على أساس التخفيف من حدة التوتر وتوسيع نطاق التعاون الإقليمي بما يحقق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بين الصين وهذه الدول، بعض المحللين الأمريكيين يرون أن الولايات المتحدة تتمتع بميزة نسبية أعلى من الصين في هذا التنافس نظرًا لقدرتها على جذب الدول الآسيوية الصغرى لجانبها في مواجهة الصين، في حين يرى فريق آخر أنه لا يمكن عمليًا التعويل كثيرًا على مواقف هذه الدول، خاصة أن معظمها بادر بالانضمام إلى بنك التنمية في البنية التحتية بمجرد إعلان الصين عن إنشائه.
إلا أن أحد العوامل الرئيسية التي تساعد واشنطن في جهودها لاحتواء الصين هو الاستعداد الإقليمي لاحتضان أمريكا كقوة موازنة للطموحات الجيوسياسية الصينية، وهناك فعلًا إحساس متزايد بالخطر لدى النخب والسكان عامة في منطقة بحر الصين الجنوبي، ولا سيما في فيتنام والفيليبين وكوريا واليابان، من صعود الصين كقوة مهيمنة تريد تغيير ميزان القوى في المنطقة. وهذا يوفر فرصة إستراتيجية لواشنطن نظرًا إلى وجود دعم إقليمي لإستراتيجية الاحتواء التي تتبنّاها، وفيما يتعلق بالمجال العسكري، فإن الولايات المتحدة أقامت مسبقًا تحالفات طويلة الأمد مع اليابان وكوريا الجنوبية، ونتيجة عملية إعادة التوازن نحو آسيا التي تقوم بها إدارة أوباما فإن واشنطن تقوم أيضًا، منذ عام 2010، بتعزيز تعاونها الدفاعي والعسكري مع أستراليا وسنغافورة وتايوان وفيتنام.

إن أحد العوامل الرئيسية التي تساعد واشنطن في جهودها لاحتواء الصين هو الاستعداد الإقليمي لاحتضان أمريكا كقوة موازنة للطموحات الجيوسياسية الصينية
ثالثًا: أمريكا والإستراتيجية الصينية في التوجه غربًا
ممّا لا شك فيه أن الصين هي أهم أولويات أمريكا والأكثر منطقية لديها، في استدارتها نحو منطقة آسيا الباسيفيك. وربما تكون أفضل طريقة لتحليل أهمية الصين هي أن ننظر إلى الكيفية التي تحاول الولايات المتحدة بها احتواء هذه القوة الإقليمية العظمى عبر إشراك الهند، لأن السياسة الأمريكية تجاه الهند موجودة في صميم إستراتيجيتها “توازن القوى” التي تعتبر الهند أهم قوة إقليمية موازنة للصين، وتتضح الأهمية التي توليها واشنطن للعلاقة مع دلهي، إذا ما رأينا كيف كانت إدارة أوباما غير قادرة على إعطاء باكستان الأولوية وهذا الأمر له دلالاته الكبيرة، لأن بين جميع التحديات الهائلة التي تواجه السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فإن باكستان هي التحدي الوحيد الذي قد يُبقي الرئيس أوباما مستيقظًا، فباكستان دولة هشة تمتلك أسلحة نووية.
إن الشراكة مع الهند من أجل موازنة صعود الصين، تشكّل في الإطار الجيوستراتيجي الأوسع، حجر الزاوية في بناء إستراتيجية الاحتواء الأمريكية. بعبارة أُخرى إن الإستراتيجية الأمريكية تجاه الهند أمر في غاية الأهمية من حيث تحقيق توازن آسيوي للقوى سيكون في مصلحة واشنطن، وقد وصل استعداد واشنطن لزيادة مشاركتها العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية مع الهند إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وكانت إدارة بوش كما إدارة أوباما، في غاية الحذر فيما يتعلق باستيعاب حساسية الهند في مجالَين حاسمين: الطاقة النووية في الهند، والنزاع على كشمير مع باكستان. ومع أن باكستان تشكّل تحديًا ملحًّا بالنسبة إلى واشنطن بسبب المشكلات المتعلقة بأفغانستان، إلاّ أن كلًا من الرئيس بوش والرئيس أوباما لم يتمكن من التعامل مع القضية الأساسية التي من شأنها أن تغيّر السلوك الباكستاني في أفغانستان، وهذا الأمر له دلالة كبيرة.
طبعًا، هذه القضية هي رغبة باكستان في المشاركة الأمريكية في حل النزاع على كشمير، أمّا بالنسبة إلى الهند، فإن التدخل الأمريكي في نزاع كشمير يظل خطًا أحمر، إن تردد واشنطن في إغضاب الهند، على الرغم من إلحاح الأزمة مع باكستان، يثبت أن الهند مهمة بالنسبة إلى واشنطن لدرجة لا يمكن لباكستان أن تصل إليها. بعبارة أُخرى، وببساطة، من دون الهند لن تستطيع أمريكا احتواء الصين.
وفضلًا عن هذا المزيج القابل للاشتعال، فإن أفغانستان هي المنصة الرئيسية للمنافسة الباكستانية – الهندية، وقد جرت العادة أن يقال إن أفغانستان هي العمق الإستراتيجي لباكستان في حال نشبت حرب تقليدية بين الهند وباكستان، إذ ستجد هذه الأخيرة نفسها في موقف دفاعي، وحركة طالبان هي حليف طبيعي لباكستان بسبب هويتها البشتونية بالدرجة الأولى، لأن الإثنية البشتونية مكوّن مهم من مكونات النسيج الإثني في باكستان، وبما أن الهند تشكل تهديدًا وجوديًا لباكستان، فإن طالبان بطبيعة الحال قد تصبح حليفًا محتملًا للهند، وآخر ما تود باكستان رؤيته هو النفوذ الهندي في أفغانستان، هذه الديناميات المعقدة كلها حاسمة بالنسبة إلى واشنطن، فالولايات المتحدة لا يمكن أن تنجح في أفغانستان ما دامت الهند وباكستان لا تثقان إحداهما بالأُخرى.
وفي مقابل ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من اعتماد إستراتيجية حصار جديدة تجاه الصين في شرق آسيا، فإن ذلك يدفع الصين للتوجه غربًا، وتوسيع علاقاتها بآسيا الوسطى، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وجنوب آسيا، وغيرها من الأقاليم، وذلك من أجل الحفاظ على موازنة الضغوط الأمريكية عليها في شرق آسيا(6).
وفي الوقت الراهن، انتهت الصين من وضع المكونات الرئيسية من إستراتيجية “التوجه غربًا”، والتي من أهمها الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، والممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، فضلًا عن الممر الاقتصادي بين بنجلاديش والصين والهند وميانمار(7)، ويسعى حزام طريق الحرير البري الجديد إلى ربط الصين باقتصادات شرق وجنوب آسيا، وآسيا الوسطى، وأوربا من خلال شبكات ممتدة من السكك الحديدية والطرق السريعة، وشبكات الطاقة وكابلات الألياف الضوئية، وغير ذلك من الشبكات. ويهدف طريق الحرير البحري الجديد في القرن الحادي والعشرين إلى تعزيز التجارة عبر المحيط بين منطقة شرق آسيا والمحيط الهندي(8).
ومن ناحية أخرى، قامت الصين في الوقت نفسه بتعزيز علاقاتها مع روسيا، وذلك عبر ترسيخ التعاون القائم بين الدولتين، وذلك من خلال التعاون في ثلاثة مجالات رئيسية، هي(9):
 التنسيق البناء بينهما في الأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرهما من المؤسسات الدولية.
 اهتمام كل طرف بمخاوف ومصالح الطرف الآخر الكبرى، وذلك فيما يتعلق بالشئون الإقليمية، فضلًا عن حمايتهما المشتركة لأمن واستقرار البلدان المجاورة لهما.
 تعزيز التبادل التجاري في مجال الطاقة، فضلًا عن دعم التبادل العسكري بينهما، بما يحقق الأهداف الإستراتيجية لكلا البلدين.
وفي مايو 2014 وبعد فترة وجيزة من ضم شبه جزيرة القرم، أعلنت روسيا صفقة بقيمة 400 مليار دولار أمريكي لتوريد 38 مليار متر مكعب من الغاز إلى الصين سنويًا لمدة ثلاثين عامًا تبدأ في 2019، ويشمل العقد – الموقع بين شركة الطاقة العملاقة المملوكة للدولة الروسية “غاز بروم” وشركة البترول الوطنية الصينية- تمديد خط أنابيب للغاز بطول 2500 ميل إلى إقليم هيلونغ جيانغ الصيني (المنطقة التي كادت تشهد حربًا بين البلدين قبل بضعة عقود من الزمان)، ورغم أن السعر الحقيقي يظل سِرا، فمن الواضح أن روسيا عَرَضَت تنازلات كبيرة – بعد ما يقارب عشر سنوات من المفاوضات- لضمان نجاح الصفقة(10).
وعلاوة على ذلك، أعلنت شركة غاز بروم – في نوفمبر 2014- اتفاقية إطارية لتسليم 30 مليار متر مكعب إضافية إلى إقليم شينغ جيانغ الصيني من غرب سيبيريا لمدة ثلاثين عامًا عبر خط أنابيب جديد آخر، وإذا اكتملت خطوط الأنابيب “الشرقية” و”الغربية” وفقًا للخطة الموضوعة، فإن كمية الغاز التي ستتسلمها الصين سنويا (68 مليار متر مكعب) ستجعل صادرات روسيا من الغاز إلى ألمانيا (أكبر عملائها حاليا) التي تبلغ 40 مليار متر مكعب من الغاز، تبدو ضئيلة بالمقارنة معها.
كلتا الدولتين لديهما من القوة والقدرة التي تمكنهما كلٍ على حدة من لعب دور أكثر قدرة على مستوى النظام الدولي، الصين تواجه أمريكا في شرق آسيا، بينما روسيا تواجهها في شرق أوربا، لذلك يبدو أن تأمين حدودهما الخلفية مع بعضهما البعض أفضل إستراتيجية، مما ينبئ بتغيرات إستراتيجية كبرى ستشهدها العقود القادمة(11).

وصل استعداد واشنطن لزيادة مشاركتها العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية مع الهند إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأعوام العشرة الأخيرة
رابعًا: ثغرات في التنافس العسكري بين الولايات المتحدة والصين
بينما تملي هذه العوامل كلها منطق المشاركة الاقتصادية، فإنها في الوقت ذاته لا تفسّر سوى نصف الحكاية، ذلك بأن العلاقات الدولية ونظرية توازن القوى ليست مبنية ببساطة على الديناميات الاقتصادية، إن ما يقلق الإستراتيجيات الأمريكية كثيرًا هو تنامي قدرة الصين العسكرية، فسعي الصين لامتلاك قوات بحرية وجوية أقوى، فضلًا عن قواتها البرية الضخمة أصلًا، يشير إلى طموحات إقليمية وربما عالمية، والحاجة إلى مواجهة محاولات الصين من أجل الهيمنة على آسيا ومنطقة بحر الصين الجنوبي تغذّي منطق الاحتواء.
كما يضع التحديث المتزايد للقوات الصينية تحديات كبيرة على عاتق القدرات الدفاعية للقوات الأمريكية في آسيا، ورغم تأخر القدرات العسكرية الصينية عن نظيرتها الأمريكية، فبإمكان الصين تشكيل خطورة كبيرة على عمليات الولايات المتحدة العسكرية في المنطقة، حيث ذكر في كتاب بعنوان “الولايات المتحدة والصين: الأداء العسكري” والصادر عن مؤسسة راند الأمريكية في عام 2015، والتي ضمت أربعة عشر فصلًا، ويوضح الكتاب الذي اشترك فيه أربعة عشر خبيرًا عسكريًا مرموقًا، وجاء بناءً على تكليف من القوات الجوية الأمريكية: كيف قطعت الصين أشواطا واسعة في تضييق الفجوة بين قدرات البلدين، كما يعالج الباحثون عدة موضوعات رئيسية هي: اتجاهات التنافس العسكري بين الولايات المتحدة والصين، وهل ظهرت نقاط معينة من الضعف أو الانكشاف؟ وهل توجد مناطق يمكن لواشنطن أن تحافظ أو تحسن فيها موقعها النسبي؟ وهل توجد أجزاء معينة من المنافسة الشاملة بين البلدين لها أهمية خاصة من حيث امتداد تأثيرها في مناطق أخرى؟ وما أثر الجغرافيا والمسافة على مختلف أنواع القدرات النسبية لكلا البلدين؟(12).
وعلاوة على ذلك، رصدت دراسة لمعهد البحرية للصحافة الأمريكي في عام 2015، كيف يعد الصعود الصيني في منطقة آسيا والمحيط الهادي مصدر خطر للأمن القومي الأمريكي ولحلفاء الولايات المتحدة في تلك المنطقة‮، حيث أصبح تحديث القدرات العسكرية الصينية يشكل خطرًا داهمًا على المصالح القومية الأمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ،‮ ‬وأنه في‮ ‬غضون عقد،‮ ‬ستحل الصين محل الولايات المتحدة كقوة عسكرية في هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية للولايات المتحدة‮، ‬ويفسر ذلك بأن الإستراتيجية العسكرية الصينية ترتكز في الوقت الراهن على التوسع الجوي والبري اعتمادًا علي القوة الصاروخية، واستغلال الثغرات الأمنية للوجود العسكري الأمريكي في آسيا والمحيط الهادئ‮، ‬كما أن الصين تعتزم دفع البحرية الأمريكية للتراجع والعودة إلى حدود ميناء بيرل هاربر، أي لحدودها قبيل حسم الحرب العالمية الثانية‮، ‬وامتدادا لنمط التفكير ذاته،‮ ‬يؤكد الكتاب أن الأمر ربما لا يحتاج إلى عشر سنوات لتحل الصين محل الولايات المتحدة، وذلك إذا ما واصلت الإدارة الأمريكية تقليص وجودها العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لا سيما مع استمرار الاضطرابات في محيط روسيا والعالم الإسلامي على نحو تولدت معه الحاجة للوجود البحري الأمريكي خارج حوض المحيط الهادئ‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وتؤكد الدراسة أنه في الوقت الحالي تتشابه ظروف منطقة شرق وجنوب شرق آسيا في الوقت الراهن،‮ ‬وظروف أوربا في عام‮ ‬1914،‮ ‬والتي تمخضت عنها الحرب العالمية الأولى، لا سيما في ظل التوترات الموجودة بين الصين من جانب،‮ ‬وعدد من الفاعلين الإقليميين في المنطقة،‮ ‬خاصة الفلبين، وماليزيا، وإندونيسيا، اليابان من جانب آخر،‮ ‬والتي تربطها علاقات إستراتيجية تختلف في مداها مع الولايات المتحدة الأمريكية‮، ‬واستنادا إلي ذلك،‮ فقد أصبح الوجود العسكري الأمريكي في شرق آسيا أمرا ضروريا لضمان استقرار المنطقة‮، ‬كما أن الحضور الأمريكي أقل تكلفه وخطورة من تشجيع الدول المجاورة للصين على مواجهة القوة الصينية الصاعدة بأنفسها، وأن الغياب الأمريكي من معادلة المنطقة من المرجح أن يؤدي إلى عدم استقرار ونشوب سباق التسلح فيها، وهو ما يهدد في التحليل الأخير المصالح القومية الأمريكية بشكل مباشر، لا سيما مع تهديد خطوط التجارة والملاحة العالميتين‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
كما أن هناك أيضًا التنافس الجيوستراتيجي في العلاقات الصينية – الأمريكية، ولدى الصين طموحات إقليمية، وهي تستثمر جزءًا مهمًا من فائضها التجاري في إنشاء قوات بحرية وجوية أقوى. وعلى الرغم من أنه لا يزال صحيحًا أن بكين تفضّل ما يسمّى مبدأ “النهوض السلمي” الذي يحدّ من نياتها الجيوسياسية لتقتصر على تموضع إستراتيجي ظرفي، فإن هناك مؤشرات إلى أن القيادة الجديدة في البلد ستكون أقل ترددًا في عرض عضلاتها في بعض المناطق مثل منطقة بحر الصين الجنوبي. وجرّاء ذلك يتزايد قلق الولايات المتحدة إزاء سعي الصين للهيمنة، وهذا القلق يغذي منطق الاحتواء، وفي الواقع يمكن القول بوضوح إن مبدأ إدارة أوباما بشأن “الاستدارة” و”إعادة التوازن” تجاه آسيا (بعيدًا عن أوروبا والشرق الأوسط) يعتمد إلى حدّ ما على الحاجة إلى احتواء الصين.

التنافس الجيوستراتيجي في العلاقات الصينية – الأمريكية، جعل الصين تستثمر جزءًا مهمًا من فائضها التجاري في إنشاء قوات بحرية وجوية أقوى
خاتمة
تُظهر الديناميات بوضوح أن الصراع الحقيقي على السلطة العالمية في القرن الحادي والعشرين سيكون التنافس الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري بين واشنطن وبكين، حيث لا خلاف على أن الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادئ ترتب لمكاسب اقتصادية بين الدول الأعضاء، وستتفاوت هذه المكاسب بطبيعة الحال، ولكن يمكن القول أن أهداف الولايات المتحدة من الشراكة تذهب إلى أبعد من البعد الاقتصادي، إذ إن وجودها بالشراكة، يساعدها على مواجهة الإستراتيجية الصينية التوسعية بهذه المنطقة، كما سيقطع الطريق أمام محاولات الصين لإعادة تشكيل قواعد النظام الاقتصاد العالمي عبر مؤسساتها التمويلية الجديدة ومشروعاتها العالمية الطموح.
وفي المجمل، تتلخص السياسة الأمريكية تجاه الصين في العوامل التالية(13)
أولًا: ‬تتسم السياسة الأمريكية تجاه الصين بالطابع العملي والبراجماتي، ‬فلا يبدو التناقض الأيديولوجي معضلة في ‬العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، حيث نجح الجانبان في تغليب المصالح المشتركة، ‬خاصة المصالح الاقتصادية، ‬بغض النظر عن الاعتبارات الأيديولوجية، ‬لكن ذلك لا يقلل من تأثير الأفكار في السياسة الأمريكية تجاه الصين، ‬حيث تظهر بين الحين والآخر الأفكار الخاصة باحتواء الصين، ‬خاصة خلال الأزمات، حيث تتزايد الدعاوى لاحتواء القوة العسكرية الصينية المتصاعدة.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬
ثانيًا: ‬يعد الارتباط مع الصين هو الاتجاه الغالب في السياسة الأمريكية تجاهها، حيث يبدأ كل رئيس جديد للولايات المتحدة بتوجيه النقد للسياسة التي اتبعها الرئيس السابق، ‬ويعد باتباع سياسة أكثر تشددا تجاه الصين، أو مع ظهور بعض التوترات والأزمات بين البلدين، ثم سرعان ما يتجه نحو الحوار والتعاون مع الصين، ‬حفاظا على المصالح الأمريكية الحيوية معها.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ثالثًا: ‬تلعب الاختلافات الحزبية دورا في التأثير في السياسة الأمريكية تجاه الصين، ‬خاصة في حالة عدم حصول حزب الرئيس على الأغلبية في الكونجرس، ‬وهو ما حدث مع “‬كلينتون”‬، ‬عندما حصل الجمهوريون على الأغلبية في انتخابات ‬1995، ‬ومارسوا ضغطا كبيرا عليه لانتهاج سياسة متشددة تجاه الصين.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
رابعًا: ‬تلعب جماعات المصالح دورا كبيرا في التأثير في السياسة الأمريكية تجاه الصين، وقد اتضح دورها بشكل كبير بعد أحداث ميدان السلام السماوي عام ٩٨٩١، ‬ناهيك عن التأثير السياسي لما يمكن تسميته بالمجتمع المعرفي المؤثر في السياسة الأمريكية، ‬سواء من خلال مراكز الفكر والرأي، ‬أو في حالة تولي خبرائها مناصب تنفيذية في الإدارات الأمريكية.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
هذه العوامل كلها تساعدنا في فهم لماذا أصبح التركيز على الصين أولوية إستراتيجية بالنسبة إلى إدارة أوباما، إن منطق “الاستدارة” نحو منطقة آسيا الباسيفيك يقوم على اتباع سياسة مشاركة واحتواء مع الصين تكون أكثر براعة وتطورًا، وهناك أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية حاسمة لهذا المحور، وستكون لدى أمريكا الموارد اللازمة لتحقيقه فقط إن نجحت في فك الارتباط مع الشرق الأوسط.
المراجع
1. إبراهيم إبراهيم الغيطاني، هل ستصبح الشراكة الاقتصادية عبر الهادئ اتفاقية القرن الواحد والعشرين، موقع المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، 10 ديسمبر 2015.
2. David Shambaugh, China’s Soft-Power Push, Foreign Affairs, July – August 2015.
3. إيفان إيلاند، أمريكا مدعوة لتقبل صعود الصين، صحيفة الخليج الإماراتية، 1 يناير 2015.
4. إيفان إيلاند، أمريكا ومخاطر مواجهة الصين، جريدة الخليج الإماراتية، 10 أكتوبر 2015.
5. د. محمد سعد أبو عامود، التنافس الأمريكي – الصيني في بحر الصين الجنوبي، جريدة الخليج الإماراتية، 12 نوفمبر 2015.
6. Fu Ying, How China Sees Russia: Beijing and Moscow Are Close – but Not Allies, Foreign Affairs, January – February 2016.
7. Fahad Shah, A Costly Corridor: How China and Pakistan Could Remake Asia, Foreign Affairs, 3 December 2015.
8. جيفري د. ساكس، الصين.. زعيمة العالم الجديدة، بروجيكت سينديكيت، 21 نوفمبر 2014.
http://www.project-syndicate.org/commentary/china-global-leadership-by-jeffrey-d-sachs-2014-11/arabic
9. دوان جيوتشو، تطويق أمريكي: ملامح الإستراتيجية الأمريكية الجديدة لاحتواء الصين، مجلة اتجاهات الأحداث، العدد 10 (أبو ظبي: مايو 2015)، ص 73.
10. جوزيف س. ناي الابن، تحالف صيني روسي جديد، موقع الجزيرة، 18 يناير 2015.
11. ريهام التهامي، الصين تتصدى للحرب الأمريكية ضد الاقتصاد الروسي، جريدة البديل، 28 ديسمبر 2014.
12. محمد ثابت، سجل الأداء العسكري للولايات المتحدة والصين، موقع الجزيرة، 21 أكتوبر 2015:
http://www.aljazeera.net/knowledgegate/books/2015/10/21/%D8%B3%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86
13. جيهان شريف الحديدي: احتواء أم ارتباط : تأثير التيارات الفكرية الأمريكية في سياسة واشنطن تجاه الصين، موقع السياسة الدولية:

http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/2298.aspx

شريف شعبان مبروك

المركز العربي للبحوث والدراسات