وصف مراقبون تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم حول مفاوضات جنيف التي تبدأ الاثنين بأنها تكشف عن خلافات روسية سورية عميقة بشأن الهدف من جنيف3، وأنها تبدو أقرب للخط الإيراني وأبعد عن المخطط الروسي في سوريا.
وقال المراقبون إن الرئيس السوري بشار الأسد كان يعتقد أن مفاوضات جنيف ستنتهي إلى تثبيت وجوده في السلطة بفضل التدخل الروسي، لكن خطة وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري للحل في سوريا يبدو أنها فاجأت الأسد والمسؤولين في دمشق، وهو ما عكسته تصريحات المعلم السبت.
وأكد المعلم في مؤتمر صحافي في دمشق أن الأسد “خط أحمر وهو ملك للشعب السوري”.
وكرر مرات عدة أن الوفد الحكومي في جنيف لن ينتظر أكثر من 24 ساعة لوصول المعارضة إلى مبنى الأمم المتحدة للمشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات المرتقبة الاثنين.
وقال المعلم “نحن لن نحاور أحدا يتحدث عن مقام الرئاسة وبشار الأسد خط أحمر وهو ملك للشعب السوري، وإذا استمروا في هذا النهج لا داعي لقدومهم إلى جنيف”.
ويعتبر مصير الأسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة بأن لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على أن مصير الأسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع.
وتطرّق المعلم إلى تصريحات موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا الجمعة والتي أعلن فيها أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستجري خلال 18 شهرا، إذ قال إن “الانتخابات البرلمانية هو نص موجود في وثائق فيينا، أما الرئاسة فلا يحق له ولا لغيره كائنا من كان أن يتحدث عن انتخابات رئاسية (…) فهي حق حصري للشعب السوري”.
وخاطب المعلم الموفد الدولي قائلا “لن نقبل بعد الآن خروجك عن الموضوعية لإرضاء هذا الطرف أو ذاك”، مؤكدا رفض وفد بلاده “لأيّ محاولة لوضع هذا الأمر على جدول الأعمال”.
وبدا المعلم منزعجا بشكل لافت من تصريحات دي ميستورا، ومن أجندة لافروف وكيري بشأن المفاوضات، ما يعني أن الحل السياسي الذي يتبناه الروس والأميركان هو انتقال كامل في السلطة وليس تهيئة الأوضاع لاستمرار النظام مع تعديلات جزئية كما كانت توحي تصريحات سابقة لمسؤولين روس بارزين.
وانتقدت الهيئة العليا للمفاوضات السورية تصريحات المعلم. واعتبر المتحدث باسم هيئة المفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض، منذر ماخوس، قوله إن كلام المعلم ما هو إلاّ “وضع مسامير في نعش المفاوضات”، لا سيما أن المطروح اليوم إلى جانب فكّ الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية هو هيئة الحكم الانتقالية.
ويبدو أن النظام صدم بأن الروس لم يأتوا لإنقاذه عسكريا بشكل كامل بمقدار ما جاؤوا لأجل حل سياسي توافقي يمهد لانتقال سلس للسلطة ويحفظ مؤسسات الدولة وليس شخصيات النظام، والمفاجئ هنا هو أنّ روسيا تضع مسافة بين مصالحها في سوريا ومصالح الأسد ومن ورائه إيران.
ومن الواضح أن ما استفز دمشق في تصريحات الموفد الدولي هو حديثه عن انتخابات رئاسية برعاية دولية، وهو ما يعني أن الحل في سوريا ربما يشمل رأس النظام عبر انتخابات ترعاها الدول الكبرى أو تراقبها، فضلا عن أن الانتخابات البرلمانية التي يستعد النظام لإجرائها في أبريل القادم صارت بلا قيمة ولا شرعية.
وعزا محللون حدة تصريحات الوزير السوري إلى عامل المفاجأة، حيث تسود شكوك في أن روسيا لم تخبر المسؤولين السوريين بمضمون خطتها لجنيف3، وأنها علمت بذلك على لسان دي ميستورا ما يكشف وجود شرخ حقيقي بين موسكو ودمشق على عكس ما يظهر في الصورة من تقارب في الرؤى.
وقد بدا الخلاف الروسي السوري أكثر وضوحا بعد أن أعلنت موسكو أنها لا تمانع في تقسيم سوريا تحت مظلة الخيار الفيدرالي، ما أعطى الانطباع بأن هدفها هو استرضاء الأكراد من جهة، وطمأنة دول الخليج من جهة ثانية على أن الأسد ليس هو هدف خطتها من التدخل العسكري.
صحيفة العرب اللندنية