تجتمع دول فاعلة بالملف الليبي اليوم في برلين لترسيخ وقف إطلاق النار ومحاولة وقف التدخلات الأجنبية التي تلقي بظلالها على النزاع في هذه الدولة الغنية بالنفط.
وفيما يلي أبرز النقاط المتعلقة بالنزاع ودوافع مختلف الأطراف المتدخلة فيه.
لماذا اندلع النزاع في ليبيا؟
تتنازع على الحكم سلطتان متنافستان منذ 2015، بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 إثر ثورة شعبية.
والسلطتان هما حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة برئاسة فايز السراج وتتخذ من العاصمة طرابلس (غرب) مقرا لها، وسلطة موازية في الشرق تدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر وتحظى بدعم برلمان طبرق المنتخب عام 2014.
في العام 2014، أطلق حفتر هجوما لطرد “المجموعات الإرهابية” من بنغازي ودرنة (شرق). وبعد سنوات من المعارك الدامية أصبحت المدينتان تحت سيطرة قواته منذ 2018.
في يناير/كانون الثاني الماضي أطلق حفتر هجوما آخر للسيطرة على الجنوب الصحراوي وتقدم سريعا ودون معارك في مدن عدة بفضل تأييد قبائل محلية، قبل أن يكشف عن هدفه النهائي وهو السيطرة على طرابلس، مركز السلطة.
لماذا مهاجمة طرابلس؟
يسيطر حفتر على القسم الأكبر من الأراضي الليبية بينها الهلال النفطي، رئة الاقتصاد والواقع في شرق البلاد.
ويقول محللون إنه لا يتقبل أن تذهب كل عائدات النفط إلى حكومة الوفاق رغم أن هذه الحكومة تعيد توزيعها على الجميع.
في الرابع من أبريل/نيسان الماضي أمر حفتر قواته بالتقدم نحو طرابلس انطلاقا من المناطق الجنوبية ثم وصلت قواته سريعا إلى أبواب العاصمة.
وبحسب مصدر دبلوماسي غربي، قرر حفتر السيطرة على طرابلس “ووضع كل العالم أمام الأمر الواقع”.
كان يأمل في انتصار خاطف مراهنا على انهيار سريع لقوات حكومة الوفاق الوطني، لكنه لم يأخذ في الحسبان مجموعات مسلحة في الغرب، بينها كتائب مصراتة التي تعارضه بقوة.
ولا تزال القوات الموالية لحفتر على أبواب طرابلس، ودخل اتفاق لوقف إطلاق النار بمبادرة من موسكو وأنقرة حيز التنفيذ في 12 من الشهر الجاري شابته خروقات من قبل قوات حفتر، كما تؤكد حكومة الوفاق.
ما الدول الضالعة في النزاع؟
تدعم مصر والإمارات والسعودية حفتر، وتعتبر مصر والإمارات وكذلك فرنسا أن حفتر يتقدم معركة مكافحة الإرهاب، وقدمت له في السابق مساعدات عسكرية ولوجستية.
كما تدعمه روسيا أيضا على الأقل سياسيا. ورغم نفيها، يشتبه في أنها أرسلت مرتزقة للقتال إلى جانب قواته.
وعبرت الولايات المتحدة عن دعمها لحفتر كاشفة عن اتصال مباشر بينه وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد الهجوم على طرابلس. ثم اعتمدت موقفا أكثر غموضا منذ ذلك الحين.
أما حكومة الوفاق الوطني فهي مدعومة من تركيا وقطر، وقد أعلنت أنقرة إرسال قوات إلى ليبيا لدعم قوات الوفاق.
ماذا تريد تركيا؟
التدخل التركي في ليبيا تمليه عوامل جيوسياسية وعقائدية بحسب محللين. فتركيا تريد التصدي لنفوذ مصر والإمارات المعارضتين لتيارات إسلامية قريبة من أنقرة.
كما أن لتركيا دوافع اقتصادية، فحقول المحروقات في شرق المتوسط تثير اهتمامها، كما هو الحال بالنسبة لدول أخرى في المنطقة، مثل اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل.
وتركيا المهددة بعقوبات أوروبية بسبب أعمال التنقيب قبالة قبرص حيث تحتل أنقرة القسم الشمالي من الجزيرة، تعتزم الاستفادة من اتفاق أبرمته مع حكومة الوفاق الوطني حول ترسيم الحدود البحرية كونه يوسع جرفها القاري بشكل يسمح لها بالتنقيب عن مصادر الطاقة في أعماق المتوسط.
ماذا تفعل روسيا في ليبيا؟
يقول جلال هرشاوي من معهد كلينغديل في لاهاي إن موسكو ترى ليبيا “فرصة تجارية بالتأكيد لكن أيضا جيو-إستراتيجية”.
ويضيف أن الوجود في ليبيا يمنح الروس وسيلة كلفتها قليلة إن لم تكن مربحة، للوقوف في وجه حلف شمال الأطلسي (الناتو) وإضعاف الاتحاد الأوروبي. ويوضح أنه في نظر روسيا “تجسد ليبيا فشل الغرب” وهي “ترغب في أن تثبت أنه يمكنها النجاح حيث فشلت أوروبا”.
اعلان
ما مخاوف الأوروبيين؟
يتخوف الأوروبيون بشكل خاص من أن تصبح ليبيا “سوريا ثانية” مع تدويل متزايد للنزاع، ويريدون التخفيف من الضغط الذي يشكله ملف الهجرة على حدودها ومخاطر تهديدات الإرهابيين.
الجزيرة