رفضت الولايات المتحدة طلباً سودانياً بالفصل بين وجوده في قائمة الدول الراعية للإرهاب وتطبيع علاقاته مع إسرائيل، في وقت تتراجع فيه الفرص السودانية كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، لأن مسألة التطبيع مع إسرائيل تعد بحسب المراقبين جزءاً من الحملة الانتخابية الوشيكة للرئيس دونالد ترمب.
وقال مصدر مسؤول مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن واشنطن أبلغت الخرطوم بأن حذف السودان من قائمة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب مربوط ربطاً وثيقاً بعملية التطبيع مع إسرائيل، ودعت الحكومة السودانية لتسريع خطى عملية التطبيع قبل حلول الانتخابات الرئاسية.
وأبدى المصدر «تخوفه» من ضياع فرصة الحذف من القائمة التي تشل الأداء الحكومي، وتعيق إعادة إدماج البلاد في المجتمع الدولي، وقال: «على المسؤولين اتخاذ قرار في أسرع وقت، لأن الوقت المتبقي من بداية الحملات الانتخابية الأميركية لا يتجاوز أسبوعين، وبعدها لن يستفيد المرشح الجمهوري من عملية التطبيع».
الى ذلك قال وزير الخارجية المكلف، عمر قمر الدين، لفضائية «فرانس 24»، أمس، إن السودان ظل يبحث مع الإدارة الأميركية مسألة إزالته من قائمة الدول الراعية للإرهاب طوال سنوات، وإن المباحثات منفصلة عن «التطبيع مع إسرائيل».
وأوضح قمر الدين أن السودان لا يرى أي ربط بين قائمة الإرهاب وعلاقته بإسرائيل، وأن مسألة العلاقة مع إسرائيل ما تزال تخضع للنقاش في السودان، وأضاف: «نستعجل إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولا نضع أي علاقة بين هذه المسألة والتطبيع مع إسرائيل أو أي دولة أخرى، إذ إن أميركا هي من وضعت السودان في قائمة الإرهاب، وليس إسرائيل».
ويسعى المكون العسكري في مجلس السيادة، برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ويرى فيه تحقيقاً لمصالح سودانية، بينما يرى المكون المدني أن الحكومة الانتقالية لا تملك «تفويضاً» للبت في قضية التطبيع مع إسرائيل.
وقال النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، في مقابلة مع فضائية «سودانية 24» الأسبوع الماضي، إنهم «ماضون في بناء علاقات مع إسرائيل»، وإنه تلقى وعداً أميركياً بشطب السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وأضاف: «نسعى لإقامة علاقات مع إسرائيل، وليس لتطبيع، ونسير في هذا الاتجاه من دون خوف من أحد»، واصفاً ذلك بأنه من أجل تحقيق مصلحة السودان، دون المساس بالالتزام بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.
وأجرى رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، مباحثات مع مسؤولين أميركان في أبوظبي، استمرت 3 أيام، وتناولت عدداً من القضايا، بينها قضية السلام بين العرب وإسرائيل.
وعقب عودة البرهان من دولة الإمارات العربية المتحدة، أكد بيان صادر عن مجلس السيادة أن المباحثات السودانية – الأميركية تناولت عدداً من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها مستقبل السلام العربي – الإسرائيلي.
وذكر البيان أن السلام العربي – الإسرائيلي سيؤدي إلى استقرار المنطقة، وفي الوقت ذاته يحفظ حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وفقاً لرؤية حل الدولتين، وأن السودان ينتظر أن يؤدي دوراً في سبيل تحقيق هذا السلام، وأن نتائج المباحثات ستعرض على أجهزة الحكم للوصول لرؤية مشتركة حولها لتحقيق مصالح وتطلعات الشعب السوداني.
ومنذ زيارة وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، للخرطوم في أغسطس (آب) الماضي، وطلبه المباشر من السودان تطبيع علاقاته مع إسرائيل، ظلت القضية محل تجاذب بين الأطراف السودانية. ففي الوقت الذي دأب فيه المكون العسكري ومجلس السيادة على التمسك بموقفه المؤيد للتطبيع، ظل مجلس الوزراء متمسكاً بعدم تفويضه لبحث التطبيع، لكونه «انتقالياً»، وعدم الربط بين ذلك ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ويواجه رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، بمواقف من بعض أحزاب في مرجعية حكومته السياسية، الممثلة في تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، ترفض التطبيع مع إسرائيل. فمجموعة الأحزاب اليسارية والقومية «الشيوعي والبعث»، يضاف إليها حزب الأمة القومي، ترفض بشدة الحديث عن التطبيع، ناهيك من التطبيع، فيما تؤيده أحزاب أخرى.
وبالمقابل، تنشط قوى سياسية أخرى وتنظيمات مدنية في الدعوة للتطبيع مع إسرائيل، وتدعو لـ«انتهاز الفرصة» لتطبيع علاقات السودان مع إسرائيل، وترى فيها مخرجاً للسودان من عزلته وأزمته.
وتفجرت قضية التطبيع مع إسرائيل غداة اللقاء المفاجئ الذي جمع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في عنتيبي الأوغندية، في فبراير (شباط) الماضي، وأثار ضجة كبيرة في الأوساط المحلية والدولية، ما يزال صداها يتردد في الأوساط السودانية والدولية.
أحمد يونس
الشرق الاوسط