هل تراهن إيران على فوز بايدن بدل ترامب؟

هل تراهن إيران على فوز بايدن بدل ترامب؟

تراهن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إمكانية الوصول إلى اتفاق نووي جديد مع إيران بعد شهر واحد من فوزه بالرئاسة لفترة حكم ثانية، لكن طهران تأمل في المقابل بفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الثالث من الشهر المقبل، وطي صفحة ترامب وسياساته “المتشددة”.

وجاءت تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، بأن العقوبات المفروضة على إيران ستستمر في حال بقاء ترامب في البيت الأبيض، لتوجيه رسالة لطهران -حسب مراقبين- مفادها أن سياسة الضغط القصوى عليها ستستمر إلى أن ترضخ إيران وتقبل التفاوض على اتفاق جديد.

وانتهي أمس رسميا الحظر الدولي المفروض على شراء وبيع إيران الأسلحة دون الرجوع إلى مجلس الأمن، لكن عمليا هي مرحلة حساسة جدا ومعقدة جدا ويتداخل فيها الإقليمي بالدولي، حسب خبراء.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أكد في بيان صدر أمس أن “تصدير الأسلحة التقليدية إلى إيران يعد انتهاكا لقرار مجلس الأمن 1929، كما أن شراء أي أسلحة أو عتاد منها يعد انتهاكا لقرار مجلس الأمن رقم 1747”.

رؤية بايدن
وقد عرض بايدن تصوره الكامل لمستقبل العلاقات مع إيران في مقال كتبه لموقع “سي إن إن” الشهر الماضي، وأشار فيه إلى أنه يمتلك تصورا ثلاثي الأبعاد للتعامل مع طهران.

ويعتمد البُعد الأول على الالتزام بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ويقضي الثاني بعرض خارطة طريق واضحة للعودة إلى الدبلوماسية.

كما يرى المرشح الديمقراطي أنه إذا عادت إيران إلى الامتثال “الصارم” بالاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة سوف تنضم مجددا إلى الاتفاق النووي معها كنقطة انطلاق للمفاوضات من جديد.

خبراء أكدوا أن طهران تفضل فوز بايدن بالرئأسة (غيتي)
وأشار بايدن إلى أنه سيعمل مع الحلفاء على تعزيز وتوسيع بنود الاتفاق النووي، مع معالجة القضايا الأخرى ذات الاهتمام. ويشمل ذلك العمل بقوة على إطلاق الأميركيين المحتجزين، ودعوة النظام الإيراني إلى وقف انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان.

ويضيف “سنعمل على مساعدة شركائنا في الحد من التوترات والمساعدة في إنهاء الصراعات الإقليمية، بما في ذلك الحرب الكارثية في اليمن”.

كما تعهد باتخاذ خطوات للتأكد من أن العقوبات الأميركية لا تعيق مواجهة إيران لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) متعهدا، في اليوم الأول من حكمه، بإلغاء حظر السفر “الشائن” الذي فرضه ترامب واستهدف عددا من الدول ذات الأغلبية المسلمة، من بينها إيران.

اعلان
ويقضي البعد الثالث من رؤية بايدن لمستقبل العلاقات مع إيران بمواصلة العمل ضد أنشطتها “المزعزعة للاستقرار التي تهدد أصدقاء الولايات المتحدة وشركاءها” في المنطقة. وأكد أن بلاده ستواصل “استخدام العقوبات المحددة الأهداف ضد انتهاكات إيران لحقوق الإنسان، ودعمها للإرهاب وبرنامج الصواريخ الباليستية”.

إيران تفضله ديمقراطيا
وفي حديث مع الجزيرة نت، اعتبر سينا أزودي، الخبير بالمجلس الأطلسي والباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج، أن إيران “رسميا أعلنت أنها لا تفضل مرشحا عن الآخر”.

وأضاف أزودي “حتى وزير الخارجية ظريف قال في وقت سابق إن إيران تخطط لسياساتها على افتراض فوز ترامب، ومع ذلك، أعتقد أن طهران تفضل إدارة بايدن لأنه من المرجح جدا أن يعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ويرفع بعض العقوبات الاقتصادية عن إيران”.

وأضاف أنه في السنوات الأربع الماضية أيضا، اقتربت إيران والولايات المتحدة مرتين من حافة الحرب، لذا ترى إيران تهديدا أكثر بكثير في حالة فوز ترامب، ومع ذلك “أريد أن أؤكد أن ترامب نفسه ليس لديه مصلحة في بدء الحرب مع إيران، بل إن الصقور من حوله هم الذين يدفعون البلدين إلى مسار المواجهة”.

من جانبه، تحدث -للجزيرة نت- مايكل روبين المسؤول السابق بوزارة الدفاع الأميركية والخبير بمعهد “أميركان إنتربرايز” وأكد أن “إيران بالفعل تفضل وصول بايدن للبيت الأبيض”.

تشغيل الفيديو
واعتبر روبين أن طهران يحركها دافعان في هذه الاتجاه، أولا “أنها -أي الحرس الثوري الإسلامي وأجهزة الأمن- لن تغفر لترامب إصداره الأوامر بالهجوم على قاسم سليماني.. فالإيرانيون لديهم ذكريات طويلة، ولن تغفر القيادة الإيرانية وفاته أو تنساها”.

واعتبر أن الدافع الثاني لتفضيل طهران لبايدن يعود إلى “اعتقاد الحكومة الإيرانية أن بايدن يريد التفاوض وأنهما يستطيعان المناورة دبلوماسيا. وعلى أقل تقدير، تعتقد طهران أنه بإمكانها الاستفادة من الضغط السياسي من التقدميين بالولايات المتحدة في المطالبة بتنازلات أكبر مقابل أي اتفاق”.

صعوبات العودة
وعاد الخبير بالمجلس الأطلسي -للجزيرة نت- بالحديث عن صعوبات العودة للاتفاق النووي قائلا “لقد تعهد بايدن بالعودة للاتفاق النووي بعد الفوز بالانتخابات القادمة. أعتقد أنه سيسعى إلى إعادة الدخول في الصفقة، لكنه سيواجه بعائقين”.

وعن العائق الأول، قال أزودي إن إدارة ترامب شرعت خلال السنوات الماضية في اتباع سياسة الأرض المحروقة لتدمير أكبر قدر ممكن (من التقارب/الاتفاق مع بايدن) لجعل إدارة الأخير من الصعوبة بمكان العودة بسهولة للاتفاق. أما العائق الثاني فيتعلق بـ “السياسة الداخلية الإيرانية نفسها.. ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة بإيران في يونيو/حزيران 2021 (وقد) يغادر روحاني وفريقه منصبه”.

وتوقع أن “السياسة الداخلية في إيران ستتحول إلى اليمين مع اكتساب الجيش المزيد من النفوذ، لذا لن يكون أمام بايدن وروحاني سوى بضعة أشهر لتحديد العودة المحتملة للولايات المتحدة، وليس من الواضح ما إذا كان الرئيس الإيراني المقبل سيكون متقبلاً للانفتاح على الولايات المتحدة”.

وأشار أزودي إلى أنه يتوقع أن “يسعى بايدن إلى توسيع نطاق الاتفاق الإيراني ليشمل قضايا أخرى، وهو ما سيعرقل ويصعب من العوة للالتزام ببنود الاتفاق”.

وفي السياق، اعتبر روبين أن “العديد من مؤيدي بايدن يعتقدون أنه يستطيع إعادة صياغة الصفقة. ولكن الواقع هو لا يستطيع ذلك، بسبب أن الصفقة كان لها إطار زمني يرتبط بها، مما يعني أن بعض القيود تخضع لبنود الانقضاء، وهي أجزاء من الصفقة التي ستنتهي صلاحيتها في الأساس”.

وفي حديثة للجزيرة نت، اختتم روبين بالقول أن المرشح الديمقراطي قد يعتقد أنه يمكن ببساطة إعادة الدخول في الصفقة، ولكن في الواقع، سوف ينضم مرة أخرى لصفقة تم حلها ببطء على أي حال. وهذا بدوره يعني أن الإيرانيين سينظرون إلى أي إعادة تفاوض على أنها تبدأ إلى حد كبير من الصفر، أو على أقل تقدير تتطلب سنوات من المفاوضات وتنازلات جديدة للفوز باتفاق جديد”.

محمد المنشاوي

الجزيرة