«كوادر حزب الله القدامى»، الشريك الانتخابي الجديد لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، هي ليست «كتائب حزب الله». وتضم أعضاء من خلايا المقاومة الإسلامية الأقدم التي قاتلت صدام ثم التحالف بقيادة الولايات المتحدة بعد عام 2003. ويقوم المالكي بجمع شخصيات مقاومة هامشية لجانبه، بينما لم تقدم «كتائب حزب الله» بعد قائمة خاصة بها لخوض الانتخابات.
في 30 نيسان/أبريل 2021، أعلنت قائمة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي “ائتلاف دولة القانون” أنها ستشارك في الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في العراق في تشرين الأول/أكتوبر 2021 في إطار ائتلاف ما قبل الانتخابات مؤلف من ثمانية أحزاب. ويحمل اثنان من هذه الأحزاب في تسميته مصطلح «حزب الله»: «كوادر حزب الله القدامى» (الشكل 1) و «حزب الله العراق». وعلى الرغم من أنه يُفترض على نطاق واسع أن هذين الحزبين “هما” «كتائب حزب الله»، إلا أنهما يضمان في الواقع عناصر مقاومة معادية لصدام حسين والولايات المتحدة كانت ناشطة حتى قبل تشكيل «كتائب حزب الله». وتُعتبر إقامة شراكة مع حزبين “قديمين” صغيرين وغير محبوبين بشكل خاص مؤشراً على أن المالكي أصبح الآن مرغماً على التحالف مع رجال سياسة ثانويين من الميليشيات في جهوده لاستعادة نفوذه السياسي. كما يسلط ذلك الضوء على تعزيز الاصطفاف بين المالكي، وهو العراب المؤسسي للمقاومة منذ عام 2012 تقريباً، ورجال السياسة الفاعلين في المقاومة اليوم.
لنأخذ على سبيل المثال «كوادر حزب الله القدامى». يترأس الجماعة جبار جاسم وجيد الموسوي (المعروف بالسيد جبار الموسوي) وخلال عهد صدام حسين، كان الموسوي قائدا لجماعة مسلحة حاربت في الأهوار. وفي عام 1994، أسس الموسوي إلى جانب زعيم آخر يُدعى أبو حاتم المحمداوي (المعروف أيضاً بأمير الأهوار) «حزب الله العراق». وكانت منطقة عمليات هذا الحزب الأخير في أهوار ميسان وذي قار. وحاربت جماعات مسلحة أخرى تابعة لأحزاب أخرى مثل «حزب الدعوة» إلى جانب «حزب الله العراق» في الأهوار، معتمدة على منطقة خلفية آمنة في إيران وعلى إمدادات «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني.
وبعد سقوط صدام حسين، عاد الموسوي ومحاربون آخرون من «حزب الله العراق» كانوا متمركزين في الأهوار إلى المحلّة الخاصة به في محافظة ذي قار وأسسوا حركتهم السياسية. وحافظ الموسوي على علاقته مع رفاقه القدامى مثل أبو مهدي المهندس .
وفي أوقات مختلفة وُصف الموسوي بأنه الأمين العام لحركات مختلفة تستخدم تسمية «حزب الله» التي لها اعتبارها، ومن بينها:
«حزب الله العراق» الذي يرأسه الآن أحمد كاظم محمد وهو أيضاً جزء من “ائتلاف دولة القانون”.«سرايا حزب الله» وهي الكتيبة الأولى من “اللواء السابع” (“لواء المنتظر”) في «قوات الحشد الشعبي».
«حركة مجاهدي الأهوار لحزب الله».
يَعتبر بعض قدامى «حزب الله» أنفسهم جزءاً من حركة عراقية، في حين يرى البعض الآخر أنهم أعضاء في حركة «حزب الله» العابرة للحدود الوطنية. وكانت رسالة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عام 2017 عبر قناة “تلغرام” التابعة لـ «كوادر حزب الله القدامى» قد كشفت الانقسام. فقد نشر أحد مسؤولي القناة صورة (الشكل 4) ورد فيها اسم «كوادر حزب الله القدامى – العراق». وردّ المسؤول الآخر بكتابة: “أخي، قم بتصحيح الاسم [إنها] «كوادر حزب الله القدامى» فقط، احذف كلمة “العراق”. وعلى ما يبدو، هناك صلة وثيقة جداً بين «كوادر حزب الله القدامى» و«حزب الله» اللبناني حيث رفعت «الكوادر» علم «حزب الله» في العديد من صورها الرئيسية.
أما الموسوي المتمركز في محافظة ذي قار، فقد كانت له طموحات سياسية منذ فترة طويلة. ففي عام 2010، ترشح ضمن قائمة “الائتلاف الوطني العراقي” لمنصب الأمين العام لـ «حركة مجاهدي الأهوار لحزب الله». وفي عام 2014 ترشح ضمن قائمة المالكي “ائتلاف دولة القانون”.
وفي عام 2018، اختار الموسوي “ائتلاف الفتح”. وتمكن من الحصول على 64 صوتاً فقط (الشكل 6). وفي انتخابات مجالس المحافظات، كان حظ الموسوي أفضل بحيث فاز بمقعد في ذي قار وأصبح رئيس “اللجنة الأمنية” في مجلس المحافظة.
ويُتهم الموسوي بالضلوع في قتل متظاهرين في ذي قار خلال الأحداث التي جرت في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019. وقد صدرت بحقه مذكرة توقيف وأمر القاضي بمصادرة ممتلكاته. ولم تتحدث السلطات عن هذه القرارات حتى آب/أغسطس 2020، لكن ذلك لم يمنعه من الترشح للانتخابات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا يريد المالكي ضم شخص غير محبوب وسيئ السمعة إلى ائتلافه؟ بموجب القانون الانتخابي الجديد، لم يعد بإمكان المالكي التعويل على شخصه واسمه للفوز بما يكفي من الأصوات “لبسط نفوذه” ودخول مرشحين آخرين نواباً في البرمان. فالمالكي يريد الحفاظ على درجة من الاستقلالية وألا ينضوي بالكامل ضمن قائمة زعيم آخر (أي “الفتح”). وبدلاً من ذلك، يبدو أنه قرر أن يكون الشخصية الرئيسية ضمن محيطه الضيق – بحيث يعمل مع شركاء صغار في المقاومة على غرار «كوادر حزب الله القدامى». وللتأكيد مرة أخرى – هذا لا يعني أن المالكي متحالف مع «كتائب حزب الله» أو أن «الكتائب» منضمة علناً إلى تكتل انتخابي. فهي لا تزال حالياً خارج سياسة الأحزاب التقليدية.
المالكي و«كتائب حزب الله»
على الرغم منعلى الرغم من أن الشركاء الجدد لـ”ائتلاف دولة القانون” ليسوا «كتائب حزب الله»، إلا أن الأخيرة تحافظ على علاقة حميمة مع المالكي. وما يثير الاهتمام أن «الكتائب» كانت تروج للمالكي في الأشهر الأخيرة، ويبدو أن المشاعر متبادلة. فعلى سبيل المثال، بثت قناة “الإتجاه” التلفزيونية التابعة لـ «كتائب حزب الله» مؤخراً فيلماً وثائقياً أشاد فيه المالكي بـ “شجاعة «كتائب حزب الله»”، بينما تمّ تصويره على أنه مؤسس «قوات الحشد الشعبي»، وهي فكرة يكررها كلما سنحت له الفرصة وأصبحت موضوعاً يستخدمه لرفع مكانته.
وقد تكون الإشادة بالمالكي بشكل خاص دليلاً على أن حركة «حزب الله» الأوسع نطاقاً في العراق، بما فيها «كتائب حزب الله»، التي لم تقدّم أبداً قائمة خاصة بها لخوض الانتخابات، تبتعد جزئياً على الأقل عن “ائتلاف الفتح” الذي يتألف من ميليشيات أخرى مدعومة من إيران.
حمدي مالك ومالك نايتس
معهد واشنطن