يضع قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بالانسحاب من أفغانستان في سبتمبر القادم ضغوطا إضافية على الجيش الأميركي ليس فقط في تأمين الانسحاب، ولكن في ما يتعلق باستراتيجية مواصلة الحرب بعد الانسحاب في ظل صعوبة تأمين قواعد في دول الجوار الأفغاني في كل من إيران وباكستان.
وتعزى الصعوبات في تأمين قواعد في دول الجوار إلى أن إيران دولة عدوّة بحكم علاقتها السيئة مع الولايات المتحدة في حين يفرض وجود قواعد أميركية على أرض باكستان ضغوطا سياسية في بلد كان مؤسّسا لحركة طالبان ولا تزال الاستخبارات الباكستانية على علاقة قوية بها.
وقال الجنرال فرانك ماكينزي القائد الأعلى للقوات الأميركية في الشرق الأوسط إنه سيقدم توصيات إلى وزير الدفاع لويد أوستن حول مراقبة الجماعات الإرهابية ومحاربتها من خارج أفغانستان بعد انسحاب جميع القوات الأميركية منها.
وأضاف ماكينزي أن المفاوضات مع جيران أفغانستان من أجل حقوق التحليق الجوي وإنشاء قواعد للقوات الأميركية “تمضي قدما”، لكنها ستستغرق وقتًا.
وذكر أنه نتيجة لذلك ستتطور الطريقة التي تراقب بها الولايات المتحدة التهديد الإرهابي والمساعدات العسكرية الأفغانية مع التوصل إلى اتفاقات أو تغير الظروف الأمنية على الأرض.
وحذر من أن هذه ستكون “مرحلة مرهقة وصعبة” أمام الجيش الأفغاني وأن “الخطر كبير”.
وبحسب ما أعلنه الرئيس الأميركي جو بادين الشهر الماضي فإن الانسحاب الكامل لحوالي 2500 من أفراد القوات الأميركية و16 ألفا من المتعاقدين المدنيين يُتوقع أن ينتهي بحلول الحادي عشر من سبتمبر المقبل تزامنا مع الذكرى العشرين لهجمات الـ11 من سبتمبر الإرهابية من قبل تنظيم القاعدة.
ويعتقد مراقبون أنّ قرار الانسحاب المستعجل بدا وكأنه مغامرة غير مدروسة مع معرفة الأميركيين مسبقا بأن حركة طالبان ستكون أكبر مستفيد، وأن هذا الانسحاب سيعني استلامها الحكم، وأنه كان يفترض بواشنطن أن تتوصل إلى اتفاق ملزم للحركة قبل القرار بالانسحاب.
وما سيزيد من ثقة طالبان في قدرتها على تحقيق النصر العسكري والسياسي أن قرار الانسحاب غير مشروط، ما يعكس الرغبة الأميركية في التخلص بشكل نهائي من الكابوس الأفغاني مقابل بداية كابوس جديد للأفغان الذين يخشون اندلاع حرب أهلية جديدة بعد انسحاب كل قوات حلف الناتو، كما جرى بعد خروج قوات الاتحاد السوفييتي أواخر ثمانينات القرن الماضي.
وحكمت طالبان أفغانستان من عام 1996 حتى عام 2001 عندما أطاحت بها قوات تقودها الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الوقت تشن الحركة حرب استنزاف طويلة ضد القوات الأجنبية والحكومية، وما زالت تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد.
ورفض ماكينزي في حديثه إلى مراسلي وسائل الإعلام الذين كانوا مسافرين معه في الطائرة إلى الشرق الأوسط تقديم تفاصيل حول التوصيات التي سيقدمها إلى أوستن.
وقال إنه سيقدم أيضا تقديرات تكلفة إبقاء طائرات مراقبة فوق أفغانستان بانتظام بما يكفي لتتبع الجماعات الإرهابية بعد اكتمال الانسحاب الأميركي في موعد أقصاه الـ11 من سبتمبر.
Thumbnail
ومن دون قواعد عسكرية في الدول المجاورة سيتطلب الأمر المزيد من الطائرات لمراقبة أفغانستان، وهو أمر صعب إذ سيتعيّن عليها التحليق لمدة تتراوح من أربع إلى ست ساعات من منشآت عسكرية أميركية أخرى في دول الخليج.
وأعرب قادة البنتاغون وأعضاء من الكونغرس عن مخاوفهم من أن طالبان ستجتاح الحكومة الأفغانية وجيشها بسرعة.
وسبق أن شكك ماكينزي في قدرة الجيش الأفغاني على مقاومة حركة طالبان، رغم المليارات التي أنفقتها الولايات المتحدة في تدريبه وتسليحه منذ أكثر من عقد.
وقال “إنني قلق بشأن قدرة الجيش الأفغاني على إبقاء سيطرته على الأراضي التي يسيطر عليها حالياً دون الدعم الذي اعتاد عليه لسنوات عديدة”، وحذّر من أن “الجيش الأفغاني سينهار بالتأكيد دون دعمنا”.
وأكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز أنه “عندما ينسحب الجيش الأميركي ستتضاءل قدرة الحكومة على جمع المعلومات والتهديدات”، لكنه وعد بأن تحتفظ وكالة الاستخبارات بقدرات في أفغانستان.
صحيفة العرب