تصاعد التوتر بين الإصلاحيين وخامنئي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية

تصاعد التوتر بين الإصلاحيين وخامنئي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية

تتواتر الانتقادات من رؤساء سابقين وشخصيات محسوبة على الإصلاحيين بسبب تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي الأخيرة والتي أيد فيها قرار هيئة رقابية باستبعاد مرشحين بارزين معتدلين ومحافظين من الانتخابات الرئاسية المقررة في الـ18 يونيو المقبل والتي سيتنافس فيها اثنان من أشد المؤيدين للمرشد.

ويأتي هذا التصعيد مع بدء الحملات الانتخابية الجمعة بهدوء في أجواء من اللامبالاة والفتور لاقتراع يقول كثيرون إنه محسوم النتائج مُسبقًا، وفي ظل غياب صور المرشحين تدعو ملصقات الإيرانيين للاقتراع “بصوت واحد” من أجل مستقبل “إيران الأبدية”.

ويرى مراقبون أن التراشق بين التيار الإصلاحي والتيار المحافظ الذي يقوده خامنئي يكشف عن وجود شرخ حقيقي داخل أروقة السلطة في إيران بين متشددين محسوبين في الغالب على المؤسسات الأمنية والعسكرية، وإصلاحيين يرى كثير من الإيرانيين أنهم الأنسب لتولي منصب الرئاسة لإحلال التوازن في مشهد سياسي لطالما اتسم بعدم الاتزان.

وفي رسالة مفتوحة إلى مؤتمر حزب التنمية الوطنية اتهم الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي مرشد النظام الإيراني بتقويض “أسس الجمهورية الإيرانية الإسلامية” وأنها باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى، في موقف يدل على عدم رضاه عن استبعاد عدد من المرشحين بشكل غير مفهوم.

محمد خاتمي: طريقة انتقاء المرشحين ضيقت الخيارات أمام الشعب

وكتب خاتمي يقول إنه “لا يمكن لأي تيار، بأي انتماء أو توجه، ولا ينبغي له، أن يكون غير مبال بهذا الخطر الكبير”، في تلميح مباشر لرأس النظام، والذي يسيطر على السلطة القضائية وأيضا قوات الأمن والحرس الثوري والمحطات التلفزيونية العامة ومؤسسات تملك معظم الاقتصاد.

وباستبعاد مرشحين بارزين معتدلين ومحافظين سينحصر الاختيار بين مرشحين متشددين وآخرين محافظين مغمورين في تصويت قال العديد من الناخبين الإيرانيين إنهم سيتجاهلونه وسط غضب متنام بسبب المصاعب الاقتصادية وقيود على الحريات الشخصية.

وأبرز المستبعدين من قائمة المرشحين علي لاريجاني رئيس البرلمان والمفاوض النووي السابق، وكذلك إسحاق جهانغيري النائب الأول للرئيس وحليف الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني.

ويُرجع الرئيس الأسبق خاتمي في رسالته تنحية بعض المرشحين إلى رؤية “ضيقت المجال أمام اختيار الشعب، كما حصل مرارا في السابق. وقد ظهرت هذه المرة بشكل أكثر وضوحا”.

ويعيد هذا الكلام إلى الأذهان كيف شكل موقف خاتمي من الأزمة السورية تحديا كبيرا للنظام الحاكم خاصة لقيادات الحرس الثوري الذين يقول البعض إنهم منخرطون بشكل مباشر في إدارة الصراع السوري.

وقد أجبر خاتمي الذي تولى رئاسة إيران لولايتين متتاليتين في الفترة الفاصلة ما بين أغسطس 1997 وأغسطس 2005 على الانزواء بعيدا عن وسائل الإعلام وأجواء العمل العام في إيران. وقال مقربون من المرشد الأعلى في عام 2015 إنه هو من أصدر الأمر بإبعاده عن الظهور وعن إمكانية تولي أي منصب حكومي.

وتأتي انتقادات خاتمي بعد وقت وجيز من موقف مماثل لروحاني حين قال في اجتماع للحكومة الأربعاء الماضي إن المرشد الأعلى كان أقل “انخراطا” هذه المرة في قضية اختيار المرشحين وأهلية المستبعدين رغم أنه كان في السابق يقوم بتعديل الوضع حتى لا تحصل أية استفزازات على الساحة السياسية.

وانتقد العديد من رجال الدين والساسة خيارات مجلس صيانة الدستور وقرارات استبعاد بعض المرشحين البارزين، ومنهم حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني وأيضا الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وفي أعقاب إعلان وزارة الداخلية عن أسماء سبعة مرشحين مقبولين فقط في الانتخابات الرئاسية، علق الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد على قرار استبعاده من الانتخابات قائلا إن “الوضع في إيران أصبح سيئا من كافة النواحي”.

التراشق بين التيار الإصلاحي والتيار المحافظ الذي يقوده خامنئي يكشف عن وجود شرخ حقيقي داخل أروقة السلطة في إيران

وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية معارضة وعكست استياء كبيرا لأحمدي نجاد حيث قال إن “الوضع لم يكن بهذا السوء من قبل، ومع استمراره سيزداد سوءًا بسرعة كبيرة”.

وكان استبعاد أحمدي نجاد إلى جانب كل من لاريجاني وجهانغيري الذين لهم تاريخ طويل في العمل السياسي وعرفوا بقربهم من دوائر المرشد الأعلى مفاجأة مدوية للجماعات الإصلاحية وحتى الأصولية، والتي ترفض بشدة هذه الخيارات.

ورغم أن الانتخابات لن يكون لها تأثير يذكر على السياسة الخارجية والسياسات النووية الإيرانية التي يملك فيها خامنئي القول الفصل، إلا أن وصول رئيس محافظ إلى السلطة قد يشدد قبضة الزعيم الأعلى في الداخل.

ويثير هذا الوضع أسئلة المراقبين بشأن مدى اتساع الهامش أمام طاقم الحكم الجديد الذي سيخلف روحاني لتنفيذ سياسات تصالحية مع محيط إيران القريب والانفتاح على الغرب.

وتنتقد جماعات حقوقية إبراهيم رئيسي الذي خسر أمام روحاني في انتخابات الرئاسة الأخيرة بفارق كبير لدوره في إعدام الآلاف من السجناء السياسيين في عام 1988 خلال عمله قاضيا.

والمرشح المحافظ البارز الآخر هو كبير المفاوضين النوويين السابق سعيد جليلي الذي فقد ساقه اليمنى في ثمانينات القرن الماضي خلال قتاله في صفوف الحرس الثوري في الحرب الإيرانية – العراقية.

وشغل جليلي في السابق منصب نائب وزير الخارجية، وعينه خامنئي في عام 2013 بمجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يتولى مهمة حل الخلافات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور.

وتشير استطلاعات الرأي الرسمية، بما فيها استطلاع أجراه التلفزيون الحكومي في مايو الجاري، إلى أن نسبة المشاركة في التصويت قد تتدنى حتى 30 في المئة، وهي نسبة تقل كثيرا عن نظيرتها في الانتخابات السابقة حين بلغت 70 في المئة.

صحيفة العرب