جاء الإعلان الأميركي الجديد عن استهداف مواقع مسلحي مليشيا “كتائب سيد الشهداء” العراقية، فجر اليوم الاثنين في بلدة البوكمال السورية على الحدود مع العراق، كثاني عمل هجوم أميركي يستهدف المليشيا المنضوية ضمن “الحشد الشعبي” منذ بداية العام الحالي.
وتمثل “كتائب سيد الشهداء” ثالثة أبرز المليشيات العراقية المدعومة من طهران، وهي متهمة بالتورط في جرائم تطهير طائفية في سورية والعراق، فضلاً عن ضلوعها بسلسلة الاستهدافات الأخيرة لمواقع أميركية حساسة في أربيل والأنبار بواسطة صواريخ وطائرات مسيَّرة.
وتنتشر المليشيا التي تأسست سنة 2013 بهدف “الدفاع عن الأضرحة الدينية في سورية”، في عدة مناطق بسورية، وتحديداً ريف دمشق والبوكمال وقرب التنف. أما عراقياً، فتوجد في سهل نينوى بمحافظة نينوى، وفي القائم بمحافظة الأنبار، إضافة إلى بغداد، ويقدَّر عدد عناصرها بنحو أربعة آلاف مسلح بزعامة أبو آلاء الولائي، أحد المطلوبين في زمن رئيس النظام السابق صدام حسين، واسمه الحقيقي هاشم بنيان، وعاد إلى العراق من إيران عقب الغزو الأميركي للبلاد.
وتُتَّهم المليشيا بالتورط بجرائم تطهير طائفية واسعة في الساحتين العراقية والسورية، ومن أبرزها منطقة الشيخ مسكين في محافظة درعا عام 2014، والنبك والغوطة الشرقية. وعراقياً، في البعاج غربي الموصل، والضابطية وجرف الصخر وبيجي، فضلاً عن ضلوعها بأنشطة تجارية ممنوعة على الحدود العراقية السورية، أبرزها تهريب الوقود ومعدات الكهرباء وقطع غيار السيارات والأدوية. وتوجَّه إليها اتهامات بالتورط في ملاحقة وتصفية ناشطين مدنيين عراقيين بالحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات.
وفي مطلع مارس/ آذار الماضي، وجهت حكومة إقليم كردستان العراق اتهامات رسمية إلى مليشيا “كتائب سيد الشهداء”، بتنفيذ الاعتداء الصاروخي الذي استهدف مطار أربيل وقاعدة حرير المجاورة له، حيث توجد قوات أميركية. وأدى الاعتداء إلى مقتل وإصابة 11 شخصاً، بينهم متعاقدون أجانب، فضلاً عن خسائر مادية واسعة، لكن الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي لم تتخذ أي إجراء حيال التحقيقات التي قدمتها أربيل واعترافات أحد أعضاء المليشيا الذي ألقي القبض عليه.
والهجوم، فجر اليوم الاثنين، هو الثاني الذي يستهدف المليشيا منذ تسلّم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مقاليد الحكم في البيت الأبيض، إذ استهدفت غارات مماثلة موقع مشتركة لمليشيات “كتائب سيد الشهداء”، و”كتائب حزب الله” في بلدة البوكمال على الحدود مع العراق، نهاية فبراير/ شباط الماضي.
ووفقاً لمصادر مقربة من المليشيا، فإن الهجوم نُفِّذ داخل الأراضي السورية، بعمق يبلغ نحو 8 كيلو مترات حيث توجد المليشيا في منطقة تدعى الهري، إلى جانب مليشيات أخرى، أغلبها عراقي.
وأكدت مصادر “العربي الجديد”، أن قيادات مسلحة في “الحشد الشعبي”، وصلت إلى المنطقة لمعاينة مكان الهجوم.والاسبوع الماضي، كشفت مصادر مقربة من تلك المليشيات، إضافة إلى ناشطين من المنطقة ذاتها لـ”العربي الجديد”، عن تحركات واسعة للمليشيات شملت تغيير مواقع لهم تحسباً لهجمات أميركية.
وفي هذا السياق، قال الخبير بالشؤون الأمنية العراقية، محمد التميمي، إن “الضربة الأميركية الجديدة جاءت رداً على استهداف خطير للغاية حصل أمس الأول، واستهدف القنصلية الأميركية في أربيل بواسطة طائرات مسيَّرة”، معتبراً أن اختيار واشنطن الأراضي السورية للرد قد يكون مرتبطاً بحساسيات الوضع العراقي السياسي، وخاصة في ما يتعلق بالحكومة.
وتوعد بيان لما يعرف بـ”تنسيقية المقاومة العراقية”، التي تضم عدة فصائل مسلحة، بالرد على الهجوم، مهددة في بيان نشرته منصات تابعة للفصائل المسلحة على تطبيق “تلغرام”، بالرد على الهجوم.