استكملت وزارة الخارجية الروسية الترتيبات لعقد الجولة الجديدة من مفاوضات آستانة في العاصمة الكازاخية نور سلطان. وينتظر أن تنطلق أعمال الجولة غداً، بحضور وفود من روسيا وتركيا وإيران، فضلاً عن وفدي الحكومة السورية وأطراف المعارضة السورية.
وبات معلوماً أن المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسن، سيشارك في هذه الجولة التي يحضرها أيضاً من الأطراف الأممية ممثلون عن الصليب الأحمر الدولي واللجان الأممية في ملفات اللاجئين.
وأبلغت «الشرق الأوسط» مصادر روسية أن روسيا ستشارك بوفد دبلوماسي ووفد عسكري، ويترأس الوفد الدبلوماسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، وهو الذي ترأس وفود روسيا في الجولات السابقة، في حين يترأس وفد وزارة الدفاع المسؤول في الوزارة ستانيسلاف حاجي محمدوف.
وكانت أوساط روسية قد تحدثت أخيراً عن أن موسكو تلقت إشارات أخيراً من واشنطن برغبة الأخيرة في المشاركة في هذه الجولة على مستوى السفير الأميركي في نور سلطان، لكن هذه المعطيات لم تحصل على تأكيدات، خصوصاً على خلفية احتدام السجالات الروسية – الأميركية أخيراً حول ملف المساعدات الإنسانية، والوضع في شمال شرقي سوريا، إذ عادت موسكو إلى توجيه اتهامات حادة للطرف الأميركي بمواصلة «نهب ثروات سوريا، وتشجيع النزعات الانفصالية»، بعد فترة هدوء في اللهجة الروسية حيال واشنطن أعقبت القمة التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في جنيف في الـ16 من يونيو (حزيران) الماضي.
وفي إطار استكمال التحضيرات للجولة الجديدة من المفاوضات، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن سيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية، وألكسندر لافرنتييف الممثل الخاص للرئيس الروسي، بحثا مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن التسوية السورية.
وأفادت الوزارة، في بيان لها، بأنه «جرى تبادل مفصل لوجهات النظر حول الوضع الراهن في سوريا، مع التأكيد على أهمية تعزيز العملية السياسية التي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم، بمساعدة الأمم المتحدة».
وأضافت: «شدد الجانبان على ضرورة تقديم مساعدات إنسانية شاملة إلى سوريا، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة».
وحملت الإشارة في البيان الروسي إلى موضوع المساعدات الإنسانية مؤشراً إلى درجة الاهتمام بهذا الملف خلال جولة المفاوضات المقبلة.
وكانت مصادر دبلوماسية روسية قد أبلغت «الشرق الأوسط» بأن موسكو تعمل على التوصل مع شريكيها في مجموعة آستانة (تركيا وإيران) إلى صيغة جديدة لتفعيل دور المجموعة في موضوع المساعدات الدولية، وأن هذا المدخل يمكن أن يشكل حلاً مقبولاً، في حال تعاون الغرب مع موسكو في وضع آلية تعتمد على نشاط ضامني وقف النار.
ورأت المصادر أن مجموعة آستانة التي تنسق كل تحركاتها مع الحكومة السورية قادرة على لعب دور الوسيط الأساسي في هذا الاتجاه. وكانت موسكو قد لوحت باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، في حال أصرت البلدان الغربية على تقديم مشروع قرار يقضي بإعادة فتح معبرين لإدخال المساعدات الإنسانية كانا قد أغلقا العام الماضي، فضلاً عن التوجه لاقتراح تمديد التفويض الأممي لإدخال المساعدات إلى سوريا لمدة عام، في حين تعارض موسكو هذا التوجه، وتصر على ضرورة إنهاء التفويض الأممي، والانتقال نحو معالجة المشكلة الإنسانية عبر آليات جديدة.
ولم تستبعد أوساط روسية أخيراً أن توافق موسكو على مواصلة تشغيل معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد الذي يعمل حالياً، لإدخال المساعدات الإنسانية، لكن هذه المواقفة مرهونة بترتيبات مع الجانب التركي.
وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف قد زار تركيا لهذا الغرض قبل أيام. ورأت أوساط روسية في حينها أن موسكو سعت إلى إيجاد حل وسط مع الجانب التركي حول ملف معبر باب الهوى الذي تعارض أنقرة إغلاقه.
وفي إشارة إلى المنتظر في مفاوضات آستانة المقبلة، كتب المستشار لدى وزارة الخارجية الروسي رامي الشاعر مقالة أمس، ورد فيها أن «موسكو ستستخدم بالتأكيد حق النقض في مجلس الأمن، إذا ما أصرت البلدان الغربية على تقديم مشروع القرار بالصيغة المعروضة حالياً. والغرب، كما عهدناه دائماً، لا يقول كل الحقيقة، حينما يزعم أن المساعدات الإنسانية تمثل الحل للأزمة الحالية في سوريا، حيث إن المشكلة الحقيقية في سوريا إنما تكمن في الوضع المعيشي المتردي إلى حد العبث، وهو ما تسببت فيه العقوبات الغربية التي تحولت إلى عقاب جماعي للشعب السوري، ولا يبدو أن أياً من الدول الغربية يعنيها بأي حال من الأحوال تحسين أحوال الشعب السوري، والنظر بجدية إلى قضيته الإنسانية الحقيقية، وليس المناورات السياسية مع (نظام الأسد)».
وزاد أن «روسيا، بتنسيق مع أطراف مسار آستانة في أنقرة وطهران، تتجه إلى طرح ملف المساعدات الإنسانية، وهو ما سيكون أحد أهم المحاور للاجتماع المرتقب. والحل الممكن أمام الغرب، إذا ما كان حريصاً بالفعل على تحسين الوضع الإنساني للشعب السوري، هو التعاون مع مجموعة آستانة التي تنسق بدورها بشكل كامل مع حكومة دمشق لترتيب آليات إدخال المساعدات الإنسانية، وتوزيعها على المناطق السورية».
ورجح المستشار أن يطلق اجتماع آستانة «مبادرة جديدة بشأن المساعدات الإنسانية، تتمحور حول إعلان استعداد المجموعة لإيجاد الصيغ المناسبة لترتيب دخول المساعدات الإنسانية، بالتعاون مع دمشق. وهو ما ستتركز عليه أولويات الاجتماع المقبل، بالإضافة إلى الملفات المطروحة أساساً على أجندة اللقاء، مثل تثبيت الهدنة، ووضع آليات محددة لتنفيذ القرارات السابقة حول إدلب، بما فيها تكريس المنطقة منزوعة السلاح، وسحب أسلحة المقاتلين الثقيلة، وفتح الطرق الدولية، وتسوية أوضاع المقاتلين، ممن قاموا بتسليم أسلحتهم أو وعدوا بتسليمها، وضمان عدم تعرضهم لأي ملاحقات أمنية أو تضييقات».
الشرق الأوسط