أعلنت قبيلة “كنانة” في العراق، تبرؤها من المتهم الرئيسي باغتيال الباحث السياسي العراقي هشام الهاشمي، مطالبة السلطات التنفيذية والقضائية بإنزال أشد العقوبات وبالقصاص العادل منه ومن خطط له، فيما شهدت المنطقة الخضراء ببغداد انتشارا أمنيا مكثفا تحسبا من رد فعل الجهة التي تقف وراء الجريمة.
وقال الشيخ عدنان الدنبوس، شيخ عام قبيلة كنانة في بغداد، في بيان “باسمي شخصيا ونيابة عن قبيلة كنانة قبيلة التضحيات والبطولات والمواقف الوطنية عبر التاريخ والعصور، نعلن البراءة وشجب واستنكار هذا الفعل من المجرم القاتل المدعو (أحمد حمداوي عويد معارج) المدان بارتكابه عملية اغتيال الشهيد هشام الهاشمي”.
وأضاف “نعلنها بصراحة ودون تردّد من قول كلمة الحق: كنانة لا يمثلها القتلة والمجرمون، ونطالب السلطات التنفيذية والقضائية بإنزال أشد العقوبات والقصاص العادل من هذا المجرم ومن خطط له أمام الشعب وبمكان ارتكابه الجريمة النكراء”.
وجاء استنكار قبيلة كنانة عقب إعلان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجمعة “القبض على قتلة” الهاشمي الذي اغتيل في بغداد قبل نحو عام، واعترافات المتهم الرئيسي في تسجيل مصور بثها التلفزيون العراقي الرسمي مساء الجمعة.
وقال الكاظمي في تغريدة على تويتر “وعدنا بالقبض على قتلة هشام الهاشمي، وأوفينا الوعد”.
وبعيد ذلك، بثّ التلفزيون العام “اعترافات” رجل قال إنه المنفذ الرئيسي للاغتيال، اسمه أحمد الكناني ويبلغ 36 عاما وهو ضابط شرطة برتبة ملازم أول.
وفي اعترافاته المقتضبة، تحدث الكناني عن قيادته مجموعة تضم أربعة مشتبه بهم آخرين، لا يزالون هاربين، لتعقب الهاشمي وقتله.
وقال “سحبت مسدسي الحكومي وأطلقت أربع رصاصات عليه”، دون أن يذكر الدافع وراء ذلك.
ووصف بيان حكومي الجمعة الضابط بأنه عضو في مجموعة مارقة، دون أن يذكر اسمه، وقال إن اعترافه شهد عليه أحد القضاة في وجود محامي المشتبه به.
وفي مؤشر إلى حساسية هذه القضية، انتشرت العشرات من العربات المدرعة للجيش العراقي في محيط المنطقة الخضراء شديدة الحماية في بغداد، حيث توجد السفارة الأميركية والكثير من مؤسسات الدولة، وفق مصدر أمني.
ويأتي الانتشار الأمني تحسبا من سيناريو مماثل عندما قامت فصائل موالية لإيران عقب اعتقال صالح مصلح القيادي بالحشد الشعبي باستعراض للقوة عند مداخل المنطقة الخضراء في العاصمة، وحاصرت عدة مواقع، بينها منزل إقامة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، من أجل الضغط لإطلاق سراح مصلح.
وهشام الهاشمي مختص في الحركات الجهادية له سمعة عالمية ووجه معروف في المجتمع المدني، وقد اغتيل أمام منزله ببغداد في 6 يوليو 2020.
وخلف اغتيال الباحث صدمة واسعة في العراق، ونظم في ذكرى مرور عام على الحادثة تجمع في ساحة التحرير وسط بغداد التي مثلت مكان التجمع الرئيسي في العاصمة لنشطاء الانتفاضة الشعبية التي انطلقت نهاية عام 2019.
وكان الباحث منحازا بشكل معلن للانتفاضة الشعبية التي تفجرت للمطالبة بتغيير جذري للنظام السياسي وإنهاء النفوذ الإيراني في العراق.
ولقي العشرات من المعارضين مصير الهاشمي منذ بدء الانتفاضة التي تعرضت لقمع دموي (نحو 600 قتيل و30 ألف مصاب)، في حين اختطف عشرات آخرون أطلق سراح بعضهم.
وكان الصحافي الشاب علي المقدام قد فُقِد طوال أربع وعشرين ساعة الأسبوع الماضي قبل أن يعثر عليه وهو يحمل آثار اعتداء بالعنف وينقل إلى المستشفى. ويعرف المقدام بمعارضته للفصائل المسلحة الموالية لإيران التي حملها مسؤولية خطفه وضربه.
لم يدن قضائيا حتى الآن أي شخص مسؤول عن القتل أو الخطف، ويستنكر النشطاء والحقوقيون العراقيون “الإفلات التام من العقاب”.
وأكد الكاظمي في تغريدته أن قوات الأمن أوقفت “المئات من المجرمين المتورطين بدم الأبرياء”، دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
وتابع “لا نعمل للإعلانات الرخيصة ولا نزايد، بل نقوم بواجبنا ما استطعنا لخدمة شعبنا وإحقاق الحق”.
وقال عضو مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان (مستقلة) علي البياتي إن الإيقافات الأخيرة “خطوة إيجابية لوضع حد للإفلات من العقاب ونأمل في حل كل حالات العنف وتحميل مرتكبيها المسؤولية”.
وكتبت دوناتيلا روفيرا الباحثة في منظمة العفو الدولية على تويتر “رئيس الوزراء أعلن اعتقال قتلة هشام الهاشمي. جيد جدا، لكنّ الاعتراف المتلفز كما رأيناه الليلة يجب ألا يحلّ محل محاكمة حسب الأصول، قائمة على أدلة قوية، لتحديد مَن أمر بالقتل”.
في ظل مناخ العنف منذ نهاية عام 2019، لجأ الكثير من النشطاء والمعارضين العراقيين إلى خارج البلاد أو إلى إقليم كردستان العراق.
ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الاغتيالات، فإن نشطاء ينسبونها إلى فصائل عراقية موالية لإيران.
وأفاد مصدر أمني أن الشرطي المتهم بقتل هشام الهاشمي قريب من “كتائب حزب الله”، أحد أقوى الفصائل في الحشد الشعبي.
وكان القيادي البارز في الحشد الشعبي قاسم مصلح قد أوقف نهاية مايو للاشتباه في ضلوعه بمقتل أحد وجوه الانتفاضة الشعبية. لكن سرعان ما أفرج عنه بعد أسبوعين من توقيفه إثر استعراض للقوة نظمه أنصاره في بغداد، وقد بُرر إطلاق سراحه رسميا بعدم كفاية الأدلة ضده.
صحيفة العرب