فيما يواصل الذهب تراجعه ليسجل مستوى 1812 دولاراً، كشف محللون أن الوقت الحالي ليس الأنسب لشراء المعدن النفيس، على الرغم من تراجعه بنسب كبيرة منذ بداية العام الحالي مع صعود الدولار الأميركي.
ومنذ بداية العام الحالي، تراجعت أسعار الذهب بنسبة 4.68 في المئة، لتفقد الأونصة نحو 89 دولاراً من قيمتها، بعدما نزل سعرها من مستوى 1901 دولار في بداية العام الحالي إلى نحو 1812 دولاراً في تعاملات اليوم. لكن في المقابل، تسيطر حالة من الغموض والضبابية على مستقبل الأسواق في ظل انتشار أكثر من سلالة متحورة لفيروس كورونا، ما يشير إلى إمكان عودة الحكومات إلى إغلاق الحدود والاقتصادات، وهو ما يؤثر سلباً في جميع الأسعار التي ستشهد مزيداً من التراجع في حال إعادة تطبيق الإجراءات الاحترازية.
ومنتصف يونيو (حزيران) الماضي، سجلت أسعار الذهب أدنى مستوى لها خلال العام الحالي، حيث تراجعت إلى مستوى 1780 دولاراً مسجلة خسائر بنحو 6.36 في المئة، تعادل 121 دولاراً خلال النصف الأول من العام الحالي. لكنها عادت إلى الارتفاع لتسجل في الوقت الحالي مستوى 1812 دولاراً، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 1.8 في المئة خلال تداولات الشهر الأخير.
وخلال التعاملات الأخيرة، سجل الذهب على المستوى العالمي تراجعاً من مستوى 1821 دولاراً إلى 1812 دولاراً، وفق ختام جلسات التداول الأسبوع الماضي. حيث تراجعت جاذبية الذهب بفعل ارتفاع الدولار وانتعاش العوائد، ما دفع المعدن الأصفر إلى النزول من أعلى مستوى في شهر، الذي بلغه في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي.
ونزلت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 0.9 في المئة إلى مستوى 1813.30 دولار. وفي المقابل فقد انتعشت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات من أدنى مستوى في أسبوع، ويتجه مؤشر الدولار صوب أقوى مكسب أسبوعي.
ما الذي يحرك الأسواق في الوقت الحالي؟
يقول المحلل المالي أحمد رفعت، “إن هناك عدة محركات للأسواق في الوقت الحالي، أهمها مدى انتشار السلالات المتحورة من فيروس كورونا، إضافة إلى حجم اللقاحات التي يجري توزيعها على مستوى دول العالم، وأيضاً أسعار الفائدة التي من المتوقع أن ترتفع في ظل تسارع معدلات التضخم عالمياً، بخاصة في الولايات المتحدة وتراجع الاحتياطي الفيدرالي عن سياسته بشأن عدم رفع أسعار الفائدة خلال الأيام الماضية”.
وأشار في حديثه لـ”اندبندنت عربية”، إلى “أن اتجاه البنوك المركزية على مستوى العالم لرفع أسعار الفائدة، سيزيد من خسائر الدولار، خصوصاً أن شريحة كبيرة من أصحاب الفوائض المالية يترقبون أسواق الفائدة في الوقت الحالي في ظل اتجاه معدلات التضخم إلى الارتفاع وتوقع عدد كبير من المؤسسات الدولية بأن أسعار السلع ستشهد موجات جديدة من الصعود خلال النصف الثاني من العام الحالي”.
اقرأ المزيد
5 أسباب تسقط الذهب من عرش الملاذات الآمنة
لماذا سجل الذهب أكبر تراجع أسبوعي خلال 15 شهرا؟
وقال، “إن المكاسب القوية للدولار الأميركي يجب أن توضع في الاعتبار، بخاصة أنه سجل أرقاماً كبيرة مقابل سلة العملات العالمية خلال الجلسات الماضية، وهو ما يدفع أيضاً باتجاه نزولي في أسعار الذهب، لذلك فإن كافة المعطيات القائمة تشير إلى أن أسعار المعادن وعلى رأسها الذهب ستشهد موجة جديدة من التراجع خلال الفترة المقبلة”.
وتابع، “في المقابل، فإن تمكن الحكومات من وقف انتشار السلالات المتحورة من فيروس كورونا، إضافة إلى توزيع أكبر عدد ممكن من اللقاحات الخاصة بالفيروس، وعودة معدلات التضخم إلى الاستقرار ثم التراجع، كل ذلك في حال حدوثه سوف يدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع، لكن هذه الأمور مستبعد حدوثها على المدى القريب”.
موقف البنك المركزي الأميركي من التضخم
يرى المتخصص الاقتصادي عماد كمال، “أن جميع الأسواق تواجه حالة من القلق والترقب في الوقت الحالي، حيث لم يؤكد البنك المركزي الأميركي موقفه من أسعار الفائدة حتى الآن، على الرغم من موجة التضخم التي تضرب الأسواق الأميركية والعالمية”.
وأشار في حديثه إلى “أن تحركات أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة مرهونة بحجم انتشار السلالات المتحورة من فيروس كورونا، ومدى إمكان العودة إلى تشديد الإجراءات الاحترازية وإغلاق الاقتصادات، وهذا من شأنه أن يجبر المستثمرين على العودة إلى الأصول الآمنة. لكن في المقابل، يظل التضخم المرتفع مصدراً للأزمات التي ربما يواجهها الذهب، حيث إنه في حالة اتجاه البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة للسيطرة على معدلات التضخم، فإن هذا التوجه سيضعف من موقف المعدن الأصفر، ويدفعه إلى موجة خسائر جديدة”.
وأوضح، “من اشترى خلال الشهر الماضي يمكنه أن يبيع في الوقت الحالي ويحصل على مكاسب معقولة، خصوصاً أن أسعار الذهب سجلت أدنى مستوى لها في تعاملات العام الحالي خلال يونيو (حزيران) الماضي، عندما كان سعر الأونصة في حدود 1750 دولارا”.
وقبل أيام، أكد جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأميركي، عزمه على تشجيع تعاف “عريض وشامل” لسوق الوظائف وعدم التسرع في زيادة أسعار الفائدة استناداً فقط إلى الخوف من تضخم مقبل. وقال أمام الكونغرس الأميركي، “لن نزيد أسعار الفائدة بطريقة وقائية بسبب أننا نخشى البداية المحتملة للتضخم، سننتظر أدلة على تضخم فعلي أو اختلالات أخرى”. وأوضح أن “زيادات الأسعار في الآونة الأخيرة لا تستدعي رفع أسعار الفائدة، لأنها تأتي من فئات تأثرت بشكل مباشر بإعادة فتح الاقتصاد”.
وأضاف، “من المستبعد للغاية أن تشهد أميركا تضخماً مثل الذي كان في عقد السبعينيات من القرن الماضي، وأن البنك المركزي الأميركي مستعد بشكل كامل لاستخدام أدوات لإبقاء التضخم قرب مستوى 2 في المئة”. وأشار إلى “أن الدولار هو عملة الاحتياطي للعالم، ولا توجد عملة تقترب من منافسته”.
في الوقت نفسه، أظهرت توقعات نشرها البنك المركزي الأميركي خلال الأيام الماضية، أن الأسعار في 2021 من المتوقع أن ترتفع بمعدل 3.4 في المئة، مقارنة مع النسبة التي توقعها في سبتمبر (أيلول) الماضي، البالغة 1.7 في المئة.
اندبندت عربي