تحت عنوان: “تهريب البنزين يزيد الفوضى في لبنان”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، في تقرير لعددها الصادر هذا الثلاثاء، إنه مع نقص الكهرباء، فإن المافيا الحزبية تقوم بتهريب المنتجات البترولية.
“لوفيغارو” أشارت إلى الانفجار الذي حصل ليلة السبت- الأحد في مستودع وقود غير قانوني في عكار بشمال لبنان، وذلك بعد بضع ساعات من مصادرة الجيش اللبناني عدة آلاف لترات من البنزين كانت مخزنة بشكل غير قانوني في ملكية خاصة. وأوضحت أنه لم يتم التحقيق بعد في سلسلة الأحداث، لكن السكان المحليين يشتبهون في أن ابن المالك أطلق النار بينما كان الجنود يوزعون بعض البنزين على السكان، مما تسبب في اندلاع حريق وانفجار هائل تلاه. الحصيلة المؤقتة 28 قتيلا و80 جريحا.
على مواقع التواصل الاجتماعي، اتُّهم المالك بالاستفادة من الحماية السياسية وتهريب المشتقات النفطية إلى سوريا التي تبعد حدودها حوالي عشرين كيلومترا. وقال والد أحد الضحايا على محطة تلفزيونية محلية إن “عشرات الشاحنات تعبر الحدود كل يوم. رسمياً، ينقلون الحصى. لكن خزانات الوقود مخبأة في الأسفل وتمر إلى سوريا. الجميع يعرف ذلك، بما في ذلك الجيش”.
وأضافت الصحيفة الفرنسية بالقول إنه “في بلد يمر بمخاض الانهيار مع حكومة مستقيلة ترفض التعامل مع واحدة من أخطر أزمات العصر الحديث؛ يسارع السكان إلى وصم المهربين، في وقت يعانى البلد من نقص حاد، بما في ذلك الوقود”.
فالتهريب بين لبنان وسوريا ليس بالشيء الجديد. “الحدود سيئة الترسيم ومتشابكة”، كما يؤكد ملازم في فوج حماية الحدود الثاني في الجيش اللبناني، مشيرا إلى أنه “بعد الانتصار في عام 2017 على جهاديي داعش، تمكن الجيش من إغلاق المعابر غير الشرعية، لكن المهربين وجدوا مسارات جديدة، إذ يستخدمون الآن نهر العاصي وروافده: شاحنات البنزين أو الطحين -وهو سلعة أخرى مدعومة في لبنان وإعادة بيعها في سوريا مربحة- تعبر الأنهار على منحدرات معدنية. عند عودتهم، يحملون الكبتاغون الذي تعشقه دول الخليج، والسجائر، وجميع أنواع المواد الغذائية”، كما تنقل الصحيفة عن الجندي اللبناني الشاب.
وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أن جذور المشكلة تكمن في آلية دعم المنتجات الأساسية (القمح والأدوية والبنزين والمشتقات البترولية) التي وضعها مصرف لبنان من خلال الحفاظ على سعر صرف مبالغ فيه لفئات معينة من السلع (القمح والأدوية والوقود). وبحسب الخبير الاقتصادي كمال حمدان، فإن 60% من متوسط سلة الأسرة مدعوم. لكن مع فقدان الليرة اللبنانية قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية (فقد 90% حتى الآن)، يصبح الاحتيال على المنتجات المدعومة في سوريا أكثر ربحا.
ومع إقرار قانون قيصر في نهاية عام 2019 في الولايات المتحدة، لا تريد أي شركة المخاطرة باستيراد البضائع إلى سوريا. لكن احتياجات السكان ما زالت موجودة، فهم مستعدون لدفع أسعار باهظة للحصول على الوقود، على سبيل المثال، ما يخلق ضغطا هائلا على السوق اللبنانية، كما تنقل الصحيفة الفرنسية عن الخبير الاقتصادي فؤاد خوري حلو. ادعى رياض سلامة، محافظ مصرف لبنان، أنه أفرج عن 820 مليون دولار لاستيراد الوقود إلى لبنان لشهر يوليو/ تموز وحده، وهو مبلغ كان ينبغي أن يكون كافياً لمدة ثلاثة أشهر للاستهلاك المحلي.
وأوضحت “لوفيغارو” أن آلية الدعم، التي تم تحديدها في غياب ميزانية وحكومة، ولكن بموافقة الأحزاب الحاكمة، تعمل لصالح الكارتلات التي تستفيد من العملات المتبقية في مصرف لبنان. ولا تؤثر السوق السوداء على سوريا فحسب، بل تؤثر أيضًا على لبنان، حيث يتم توزيع كل البنزين والوقود تقريبا.
وبما أن الدولة ترفض أي آلية مساعدة للبنانيين يمكن أن تعوض التضخم المفرط الناتج عن رفع الدعم، فإن الأحزاب السياسية تتولى زمام الأمور، وبالتالي تقوية سيطرتها على السكان. بعض المحطات تديرها الأحزاب السياسية بشكل علني: في حي الحمرا، يضمن أنصار رئيس مجلس النواب، نبيه بري، أو الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهي مجموعة صغيرة قريبة من بشار الأسد، تجنب ساعات العمل الطويلة. وفي حي مار مخايل، القوات اللبنانية، الحزب المسيحي المعارض تاريخياً للوجود السوري، هو الذي يوزع البنزين على أعضائه.
القدس العربي