الاجتياح الروسي في أوكرانيا يدخل غداً يومه السابع وتتكاثر تباعاً المؤشرات التي تؤكد أن الحصيلة تسير على نقيض الخطط التي أعلنها الرئيس الروسي بصدد «عملية محدودة» كما أنها تكذّب أكثر فأكثر المزاعم التي ساقتها القيادة الروسية في تبرير الغزو، خاصة تلك التي تتهم القيادة الأوكرانية بانتهاج سياسة نازية ضد الشعب الأوكراني بأسره.
وقد تكون المظاهر المختلفة للمقاومة الشعبية المباشرة ضد الاجتياح الروسي هي أولى المؤشرات على نقائض التصريحات وأكاذيب النوايا من الجانب الروسي، رغم أن قدرات الجيش الأوكراني لا يمكن أن تُقاس بما تمتلكه قوّة نووية عظمى مثل روسيا، وأن أشكال المقاومة الشعبية تظل عفوية ومنخفضة السلاح والتدريب. ولا يغير من الجوهر أن الولايات المتحدة ودول الحلف الأطلسي سارعت إلى تزويد أوكرانيا بصنوف متطورة من الأسلحة، فالأصل هنا يعود إلى روحية رفض الاجتياح لدى أبناء أوكرانيا.
في المقابل لا يلوح أن العمليات العسكرية على الأرض تسير كما خططت لها القيادة العسكرية الروسية، بل على العكس يبدو الإحباط هو الشعور السائد إزاء نتائج تعتبر هزيلة بعد ستة أيام على بدء الاجتياح، حتى أن السؤال بات يدور اليوم حول الفشل في إنجاز هذا أو ذاك من الأغراض الكبرى خلف العمليات العسكرية. وإلى جانب تأثيراته السلبية المباشرة على معنويات أفراد الجيش الروسي، فإن اليأس من تحقيق انتصارات حاسمة يمكن أن يدفع هذا الجيش إلى حافة اليأس واعتماد ضربات وحشية عشوائية تتقصد رفع المعنويات وتنطوي استطراداً على ارتكاب الفظائع وجرائم الحرب.
وليس من المؤكد أن بوتين ومستشاريه والحلقة الضيقة القريبة منه، وقسطا غير قليل منها تشغله أوليغارشيات مالية على صلة بالمافيات الداخلية والخارجية، كانوا قد تحسبوا لطراز من العقوبات الأمريكية والغربية يمكن أن يشتمل على إزالة مصارف روسية بارزة من نظام المدفوعات العالمي «سويفت» الذي يصعب أن تستغني عنه التجارة الروسية مع العالم الخارجي، وسبق لوزير المالية الفرنسي أن اعتبره بمثابة سلاح نووي. ليس واضحاً كذلك أنهم توقعوا هبوط الروبل أمام الدولار بأكثر من 41٪ خلال أقلّ من أسبوع على بدء الاجتياح، وهذا رقم قياسي يُضاف اصلاً إلى معدل الـ 53.77٪ التي خسرها الروبل مؤخراً في أسواق الصرف.
وكانت تقارير صحافية قد اشارت إلى أن بوتين راهن على تردد ألمانيا، سواء بخصوص تجميد مشروع خط الغاز الروسي «نورد ستريم 2» أو بصدد حزمة العقوبات الاقتصادية الأقسى ومن ضمنها تجميد أصول المصرف المركزي الروسي وإخراج بعض المصارف الروسية من نظام الـ»سويفت». فإذا صحت تلك التقارير فإن حسابات بوتين لم تكن خاطئة فقط، بل كانت غافلة تماماً عن احتمال أن تذهب ألمانيا إلى إجراءات أبعد، مثل تخصيص 100 مليار يورو للاستثمارات العسكرية، مما يعني أن بوتين قد يكون المتسبب في دفع الجيش الألماني إلى الاستيقاظ من سبات ذاتي قسري.
حصيلة عجفاء، إذن، كما تقول مؤشرات أخرى عديدة. ولعل القادم على مغامرة بوتين في أوكرانيا سوف يكون أعظم.
القدس العربي