تعتمد ألمانيا على الغاز الروسي لتغطية نصف احتياجاتها، وهي الآن تتطلع إلى بديل على المدى القصير، وقد يتمثل أساسا في دولة قطر.
وتقول صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” (Süddeutsche Zeitung) الألمانية، في تقرير لمراسلها في بيروت ثور شرودر، إن ألمانيا لا تزال تمتلك الآن ما يكفيها من مخزون الغاز إلى نهاية الشتاء الحالي، حتى لو قررت روسيا وقف تصدير الغاز في رد فعل على العقوبات الغربية المشددة ضدها، وهذه هي الخلاصة التي أعلنتها المؤسسة الألمانية التي تجمع تحت مظلتها شركات تخزين المواد الطاقية في ألمانيا.
ويشير الكاتب إلى أنه خلال العام الماضي تم الاعتماد على الغاز الطبيعي لتوليد 10% من الكهرباء، وتم استيراد 88.4% من هذا الغاز، وكان نصف الغاز المستورد قادما من روسيا.
توليد الكهرباء من الغاز حل مهم
ويعدّ توليد الكهرباء من الغاز حلا مهما في هذه المرحلة الانتقالية التي تسعى فيها الشركات الألمانية لتطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة. ورغم هذه الأهمية، فإن صناع القرار في ألمانيا ظلوا يعتمدون بشكل كبير على موارد الطاقة الروسية.
ويشير الكاتب إلى أن ألمانيا على عكس جيرانها الآخرين، لا تمتلك -من الأساس- محطة لتخزين الغاز الطبيعي المسال. وبعد سنوات من تأخير المشروع، يبدو أنه سيتم أخيرا تشييد محطة لهذا الغرض في منطقة مدينة شتاده الواقعة في سكسونيا السفلى شمالي ألمانيا.
إلا أن إجراءات الموافقة على المشروع سوف تستغرق على الأقل سنة أو سنة ونصف؛ ولهذا فإن مزودي الطاقة الألمان سيواصلون اعتمادهم على محطات شحن الغاز الطبيعي الموجودة في دول مجاورة، كحل على المدى المتوسط.
وينبه الكاتب إلى أن الغاز الروسي يعد سلاحا خطيرا، واعتماد ألمانيا على المواد الأولية الروسية يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تعرضها لضرر كبير، مؤكدا أن الأزمة الأوكرانية يجب أن تكون نداء الاستفاقة الأخير للقارة الأوروبية، التي تحتاج لإيجاد بدائل أخرى، رغم أنها قد تكون بكلفة أغلى.
وبشأن التساؤلات حول كميات ومصادر الطاقة البديلة عن روسيا، يقول الكاتب إن 40% من واردات الغاز الطبيعي في أوروبا حتى الآن تأتي من البلد الذي هاجم أوكرانيا صبيحة الخميس الماضي.
وفي الوقت الحالي، يصعب وجود بدائل لتوصيل الغاز من داخل أوروبا، حيث إن النرويج بلغت أقصى طاقتها الإنتاجية قبل هذه الأزمة، وهولندا ترغب في إيقاف الإنتاج بعد الزلزال الذي هز منطقة غرونينغين.
ولكن لحسن الحظ، أسهمت الولايات المتحدة بشكل خاص في سد النقص خلال هذا الشتاء، بفضل زيادة إنتاج الغاز الصخري، وقد أصبحت الولايات المتحدة أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال، وهذا مكن الدول الغربية لحد الآن من تفادي أي نقص في التزويد.
ويضيف الكاتب أن أوروبا ستكون مع نهاية فبراير/شباط الجاري أول وجهة لصادرات الغاز الأميركي للشهر الثالث على التوالي؛ حيث إن 3 أرباع هذا الغاز قطعت المحيط الأطلسي نحو أوروبا يناير/كانون الثاني الماضي، وهي ضعف الكمية التي توريدها في الشهر المناظر من العام الماضي. ولكن العديد من أعضاء الكونغرس يضغطون الآن نحو خفض الصادرات، من أجل السيطرة على تضخم الأسعار في السوق المحلية.
ولكن يبقى من غير الواضح إذا ما كان هذا الأمر ممكنا خلال فترة قصيرة؛ إذ إن أوروبا حتى الآن لم تكن سوقا مستقرة للغاز الطبيعي المسال، بحسب جورج زاكمان من مؤسسة بروغل للدراسات، الذي يقول إن ألمانيا -على سبيل المثال- تعتزم إنتاج 80% من الكهرباء بطاقات متجددة بحلول عام 2030.
في المقابل، فإن القطريين -مثل الأميركيين تماما- مهتمون بصفقات شراء طويلة المدى، وليس فقط لعب دور مؤقت لسد الفراغ. ويوضح زاكمان أن السبب وراء هذه الرغبة هو الكلفة العالية للاستثمار في إنتاج وتحويل الغاز الطبيعي المسال.
ويوضح الكاتب أن الغاز المسال يتم إنتاجه من خلال تبريد الغاز إلى درجة سالب 162، حتى يتقلص حجمه إلى 1 على 600 من مساحته الأصلية، وهو شرط أساسي لتخزينه ونقله في حاويات خاصة.
تنويع مصادر الطاقة
ويذكر الكاتب أنه مع بداية العام الجديد تم تحويل وجهة بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال من شرق آسيا نحو أوروبا، كما سعى بايدن لإقناع كوريا الجنوبية واليابان بهذا الأمر، بما أن المشكل الأساسي هو أن الكميات التي تنتجها قطر تم التعاقد على بيعها سلفا لدول من بينها الصين المتعطشة للطاقة.
وكان السفير القطري لدى ألمانيا قد أعلن -خلال الأسبوع الماضي- أن بلاده مستعدة للمساعدة في تنويع مصادر الطاقة، كما أنه رحب بالمحادثات المباشرة بين برلين والدوحة.
ويضيف الكاتب أن الدول المنتجة للغاز الطبيعي اجتمعت في قمة في العاصمة القطرية الدوحة الاثنين والثلاثاء الماضيين، وقد أعلن الأمير تميم أن بلاده سترفع الإنتاج من 77 إلى 126 مليون طن بحلول 2027.
يشار هنا إلى أن وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي كان قد خيب الآمال الأوروبية في ما يخص مسألة الاعتماد على قطر لتكون حلا انتقاليا؛ إذ إن بلده لا تنوي في الوقت الحالي تحويل وجهة أكثر من 10 أو 15% من إنتاجها المباع سلفا.
المصدر : الصحافة الألمانية