لو كتبنا هكذا عنوان لمقال قبل أسبوع، لوصفه الجميع بنسج من الخيال أو ضربا من الجنون، لكنه أصبح اليوم حقيقة. اذ فاجأ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حلفائه قبل منافسيه بمغادرته المشهد السياسي، وسحبه لنواب الكتلة الصدرية بعد تقديم استقالاتهم لرئيس مجلس النواب الذي وافق “على مضض” بحسب قوله، من دون تريث.
خروج التيار الصدري من مجلس النواب ولأول مرة ما بعد 2003 يعتبر سابقة هي الأولى من نوعها، اذ إعتاد التيار الإنسحاب من الحكومات التي ساهم بشكل أو بآخر في تشكيلها خلال الأعوام 2010 و 2014 و 2018، لكن الانسحاب هذه المرة من مجلس النواب برمته والذي سيقلب المعادلة السياسية القائمة رأسا على عقب بل سيؤثر على موقع وتأثير الصدر على الساحة.
أثيرت الكثير من علامات الاستفهام فور الاعلان عن القرار المفاجئ ومعها موجة تساؤلات حادة حول الأسباب التي دفعت الصدر الى إتخاذ خطوة من هذا النوع دون الرجوع الى شركائه في التحالف الثلاثي، دهشة المقربين قبل الاخرين عقدت ألسن الغالب الأعم من الشارع العراقي الى جانب المراقبين والنخب المجتمعية، بحثا عن إجابات مقنعة من شأنها تفسير ما لم يفسر حتى الآن.
في يوم 26 ايار الماضي تم تمرير قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل، والذي اعتبره الصدر إنتصارا مهما لكتلته البرلمانية، شاكرا الله ونواب تياره على هذا الإنجاز في تغريدة له بهذا الشأن، أعقبها بتغريدة أخرى بتاريخ 28 ايار، مطالبا بتمرير قانون الامن الغذائي الطارئ المثير للجدل حتى اللحظة، والتي كانت إيذانا بتحرك الماكنة البرلمانية للتيار الصدري بقيادة النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي ورئيس اللجنة المالية حسن الكعبي ومن خلفهما الهيئة السياسية للتيار لإنجاز ما أراده زعيمهم.
وقد تمكنوا فعلا من إزاحة كل العوائق أمام تشريع القانون ليتم تمريره بأغلبية مريحة في 8 حزيران الجاري، مما دفع الصدر لوصفه بتغريدة مماثلة بالانتصار “يعد اقرار البرلمان لقانون الأمن الغذائي انتصاراً آخر لفسطاط الإصلاح، وقد ثبت للجميع قوة البرلمان العراقي التي لم يسبق لها مثيل في السنوات المنصرمة”، مطالبا بتشكيل لجنة برلمانية لمتابعة تنفيذ القانون.
بعد يوم واحد على هذا الإنتصار الصدري تم الإعلان عن ترقب كلمة متلفزة لزعيم التيار الصدري مساء التاسع من حزيران، حيث أطل الصدر على شاشات التلفاز ليشن هجوما عنيفا على خصومه السياسيين، موعزا الى نواب الكتلة الصدرية “كتابة استقالاتهم من مجلس النواب استعدادا لتقديمها لرئاسة البرلمان بعد الايعاز لهم في قابل الأيام”.
شكلت إطلالة الصدر ومضمون خطابه فضلا على الإيعاز الى نوابه بكتابة إستقالاتهم مفاجأة كبيرة بين مختلف الأوساط، لكن المفاجأة الأكبر وعلى غير المتوقع إطلاقا جاء قرار الصدر في تغريدته ليوم 12 حزيران الجاري الى رئيس وأعضاء الكتلة الصدرية بتقديم الاستقالات والطلب من رئيس مجلس النواب المصادقة عليها وقال: “هذه الخطوة تعتبر تضحية مني من اجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول، كما ضحينا سابقا من اجل تحرير العراق وسيادته وامنه ووحدته واستقراره”.
التيار الصدري الى اين؟
سياسيون ومراقبون راودتهم تساؤلات عدة من بينها مالذي دفع الصدر لأن يتخذ هذا القرار المفاجئ؟ ما هي الأسباب؟ هل من خطوات مفاجأة أخرى قادمة؟ ماذا يخطط للمرحلة المقبلة؟ ما الذي سيجنيه بقراره هذا؟ أية خطة يتبعها الصدر في منازلة الخصوم؟ هل لديه قراءة واضحة لما سيحصل بحيث استبق منافسيه للخروج من العملية السياسية قبل انهيارها؟ كل هذه التساؤلات وغيرها مردها التغيير الجذري الواضح بموقف الصدر، بعد اعلانه لإنتصاره في تمرير قانوني تجريم التطبيع يوم 26 أيار وقانون الامن الغذائي يوم 8 حزيران واعتبار تمرير هذا الأخير “انتصاراً آخر لفسطاط الإصلاح” ليغير من موقفه ويعلن استقالة النواب والانسحاب السياسي من البرلمان بشكل كلي. وبرغم إتساع دائرة الحديث والجدل عن أسباب هذا التحول، لم يجد احد من بين كل المهتمين بالشأن السياسي أو المراقبين الأقرب الى تحليل سياسات الصدر ومواقفه جوابا مقنعا لدوافع خطوته الأخيرة، ولعل الجواب يبقى غامضا الى حين غير منظور.
لم يكتفي الصدر بإنسحاب نواب تياره، وانما أمر بإغلاق جميع مكاتب التيار عدا مجموعة يرعون المراقد والمراكز المهمة للتيار والمكتب الخاص.
قرار الانسحاب بطبيعة الحال له تبعات كبيرة على التيار الصدري، اذ تحول من اكبر كتلة برلمانية تكاد تفرض هيمنتها على المشهد السياسي الحاكم الى كتلة شعبية معارضة حتى خارج مجلس النواب. وبذلك سيفقد كل الامتيازات السياسية والاقتصادية التي منحتها له هيمنته وحضوره السياسي المؤثر خلال الأعوام الماضية.
يرى مراقبون ان التفسير الأقرب لواقع وطبيعة التحرك الأخير لزعيم التيار الصدري ذو وجهين متباينين، الوجه الأول يعد قرار الانسحاب خطأ ستراتيجياً سيدفع ثمنه باهضاً، اذ ان خصومه سيعملون بكل قوة ان لا يكرروا الأخطاء الماضية ويمنحونه فرصة العودة من جديد وفرض هيمنته، بل سيعمدون الى اضعاف كيانات التيار الصدري خصوصا ما يتعلق بسرايا السلام والمكاسب الاقتصادية عبر سلطاته التنفيذية وتحجيم مواقعه الحكومية.
اما الوجه الاخر، وهو الوجه الذي يروج له مناصريه، بأنه أي الصدر بات يدرك جيدا أن النظام السياسي الحالي لن يدوم طويلا وأنه ماض الى زوال وأن أحزاب السلطة ستسقط تباعاً او دفعة واحدة، وعندها سيكون هو المنقذ، وسيعمل من خلال الحراك الشعبي على التعجيل بإسقاط النظام والمجيء بنظام بديل اكثر ملائمة مع الواقع العراقي، حتى أن بعضهم بات يشير الى أنه أي الصدر قد يذهب نحو النظام الرئاسي بدل النظام البرلماني الذي فشل في إدارة شؤون البلاد خلال العقدين الماضيين.
حدة التكهنات إزدادت مؤخرا حول طبيعة الخطوات القادمة للتيار وزعيمه في قادم الأيام، ولعل بعضها يتسم بقربه الى الواقع:
– المعارضة الشعبية: اغلب المراقبين يتوقعون بأن الصدر سيذهب الى المعارضة الشعبية وسينزل مناصريه للشارع متظاهرين ضد النظام السياسي مطالبين بتغييره. الصدر ليس بعيدا عن المعارضة وقد تمكن في الماضي استثمار المعارضة والحراك الشعبي ليصبح الفائز الأول في الانتخابات وأهم فاعل سياسي على الساحة، الا ان التظاهرات والحراك الشعبي لن يكون سهلا او طريقا معبدا للنجاح. اذ ان المنافسين اذا شكلوا حكومة، فسيكون بإمكانهم استخدام إمكانيات الدولة لإرضاء الشارع بشكل أو بآخر، خاصة اذا تم إجراء بعض الإصلاحات وإنجاز حزمة مشاريع عندها سيكون خيار التظاهر غير مرحب به كونها تؤثر بشكل سلبي على حياة شريحة كبيرة من المواطنين وفي مقدمتهم الكسبة وأصحاب المحلات والأسواق، الى جانب تخوفات الشارع من تدهور الوضع الأمني كمان ان استمرار هذه التظاهرات لفترة طويلة سيكون محل سخط ورفض شريحة كبيرة من المجتمع تفوق عدد المناصرين او المشاركين.
الاعتكاف: بعد أن عمد الصدر الى الإعتكاف في السابق فأنه قد يلجأ الى مثل هذا الخيار مرة أخرى والعودة الى الدراسة الحوزوية لإكمال متطلبات نيله شهادة الحوزة ليصبح مرجعا في المستقبل القريب. فيما ينصرف المؤيدون والمنتمون للتيار لحياتهم اليومية بانتظار اليوم الموعود لعودة الصدر الى الحياة السياسية او أذنه للتحرك من جديد فيما بعد. الاعتكاف أيضاً سيتيح الفرصة لإعادة ترتيب الحركة الصدرية وانتظار الفرصة المؤاتية بعد مرور بعض الوقت وقد يتعدى بضعة اشهر على اقل تقدير. يتوقع الكثيرون بان أي حكومة تتشكل في الوقت الحالي لن تنجح وعندها قد تلجأ الجماهير الى التظاهر والذي سيدفع التيار الى العودة للساحة تحت غطاء دعم التظاهرات والمطالبة بالتغير الجذري للنظام.
الاعتزال: ليس بعيداً ان يختار الصدر اعتزال الحياة السياسية والتوجه نحو الدراسة الحوزوية وترك العمل السياسي بكل اشكاله، قد يكون هذا الأحتمال صعبا، لكن مصادر مقربة منه لوحت بانه يفكر بمثل هذا السيناريو بين حين وآخر لذلك فهو ليس ضربا من الخيال.
التراجع: اقدم نائب في مجلس النواب على كتلة تقدم استقالته الخطية الى رئيس مجلس النواب والذي وافق بدوره على الاستقالة، وتم تسريب الاستقالة الخطية والموافقة، الا ان النائب تراجع عن استقالته وتم تسوية الخلاف بينه وبين رئيس تحالف تقدم وعاد النائب لممارسة مهامه. بالرغم ان هذه القضية بعيدة كل البعد عن تقديم استقالات التيار الصدري من حيث المضمون والموضوعية، الا انه متشابه من الناحية الشكلية، وعليه بإمكان التيار الصدري التراجع عن الاستقالات مادام لم يتم التصويت على البدلاء اذ ان الاستقالة حق شخصي في تقديمه وحق شخصي في التراجع عنه اذا لم يحدث أي أثر قانوني والاثر القانوني هنا هو استبدال النائب. قد يكون اللجوء الى هذا الخيار صعبا للغاية لما فيه من فقدان للمصداقية وانتكاسة إعلامية، الا انه اقل ضررا على التيار الصدري من الخروج من العملية السياسية برمتها.
الاطار وحلم العودة الى الصدارة
كشف مصدر مطلع بأن بعض قيادات الاطار تجمعت بدعوة غداء في الجادرية وسط بغداد بحضور رئيس مجلس النواب يوم 9 حزيران، وفوجئ الحضور بزعيم التيار الصدري يلقي كلمة عبر شاشة التلفاز ليعلن الطلب من نواب التيار الصدري كتابة استقالتهم، الأمر الذي حول دعوة الغداء الى جلسة مداولة حول تداعيات هذا القرار ولم يكن احد من الحضور يعتقد بأن زعيم التيار الصدري كان جادا بقراره إنما مجرد مناورة جديدة منه.
لم يكن الاطار وفي افضل حالاته يحلم بهذا القرار المفاجئ ليتحول بين ليلة وضحاها من الثلث المعطل للبرلمان الى الكتلة الأكبر من دون منازع ويعقد لقاءات ومشاورات بهدف تشكيل الحكومة المنتظرة.
الصدر قدم السلطة لمنافسيه على طبق من ذهب، مما دفعهم لإلتزام الصمت في يوم اعلان تقديم الاستقالات يوم 12 حزيران وإنتظار اليوم التالي لعقد اجتماعهم الذي تمخض عن إصدار بيانهم معلنين احترامهم لقرار الصدر، وتأكيد إستعدادهم بالمضي نحو تشكيل الحكومة كإستحقاق دستوري.
مصدر قيادي في الاطار أفاد بأن اجتماع الاطار كان قد سبقه لقاء مع رئيس مجلس النواب خلف الكواليس بعيدا عن انظار الاعلام، انتهى الى الاتفاق على مشاركة تحالف السيادة مع الاطار شريطة إحتفاظ السيادة بمنصب رئيس مجلس النواب وبقاء زعيم تحالف تقدم محمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب، وقد تعهد الاطار بذلك.
الاطار التنسيقي وبما لا يقبل الشك نال فرصة لا تعوض، وقياداته لن تضيع مثل هذه الفرصة عبر إيجاد الحلول واكمال النصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ومن المتوقع ان تنعقد جلسة أداء اليمين للنواب البدلاء خلال الأسبوع القادم او الأسبوع الذي يليه في جلسة استثنائية تدعو لها الاطار، خاصة وأن انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ستكون فور انتهاء العطلة التشريعية الشهر القادم.
المشهد الكوردي والسني
المشهد السني مازال محافظاً على وضعه فقيادة تحالف السيادة على دراية بما يجري ولديها من الاعداد ما يمنحها حضوراً قوياً، كما ان الاطار بحاجة لها في تشكيل الحكومة، لذلك اتفقت قيادات الاطار مع تحالف السيادة على ان يحتفظ الحلبوسي برئاسة البرلمان، وفي نفس الوقت عليه ان يذهب للاتفاق مع بقية الكتل السنية وخصوصا تحالف العزم بقيادة مثنى السامرائي لتقسيم الحقائب الوزارية واللجان البرلمانية.
المشهد الكوردي تغير نوعا ما، اذ ان الحزب الديموقراطي الكوردستاني مازال بنظر بعض المراقبين الخاسر الأكبر من انسحاب التيار الصدري وانه بات في مرمى الاطار التنسيقي، وعليه ان ينخرط بالتفاوض المرتقب، ولهذا السبب اجرى الحزب الديموقراطي تغيرا مهما في الفريق التفاوضي إذ أعاد كل من وزير الخارجية فؤاد حسين ووزير الاعمار السابق بنكين ريكاني للواجهة، كونهما يتمتعان بعلاقات ممتازة مع قيادات الاطار وبإمكانهما إحتواء الأزمة والتفاوض لضمان حقوق حزبهما. التغير البراغماتي الجديد من الحزب الديموقراطي يفصح عن قبوله الواقع الجديد والتعاطي معه بإيجابية.
حظوظ الاتحاد الوطني الكوردستاني زادت بعد وقوفهم مع الاطار كجزء من الثلث المعطل وعدم دخول أعضاء كتلته جلسة البرلمان لإنتخاب رئيس الجمهورية في 26 اذار الماضي، والذي شكل العامل الأساسي في عدم حصول النصاب، الأمر الذي دفع رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني والوفد المرافق للمجيء الى بغداد على وجه السرعة للإجتماع مع بقية أطراف الاطار التنسيقي وتحالف عزم للاتفاق على الخطوط العامة.
يبقى موضوع انتخاب رئيس الجمهورية معلقا، الا ان الاطار طلب من الاتحاد التشاور مع الحزب الديموقراطي لإيجاد حلول مشتركة حول هذا الموضوع وليس من الواضح حتى الآن مدى إستجابة الأخير وإبداء المرونة حيال مرشح الاتحاد الوطني، وبخلاف ذلك سيذهب كل منهما الى جلسة مجلس النواب بمرشحه كما حصل في عام 2018.
هناك من يعتقد أن بإمكان الكورد والسنة وخصوصا تحالفي السيادة والحزب الديموقراطي بمساعدة بعض الكتل الصغيرة والمستقلين تكوين الثلث المعطل ومنع حصول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الا ان مثل هذا الأحتمال ليس وارداً في الوقت الراهن لان الكورد والسنة بحاجة الى انعقاد الجلسة، ويرى مراقبون بانه ليس من مصلحتهم وضع العراقيل امام الكتلة الشيعية الأكبر بعد انسحاب التيار الصدري، خاصة وان رئيس مجلس النواب سيكون اول الضحايا اذا ما تأزمت العلاقة بينه وبين الاطار التنسيقي.
محاولات تشكيل الحكومة
يعلق الاطار التنسيقي آماله على انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بعد العطلة التشريعية ومن ثم تكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة. قد يكون اختيار المرشح لمنصب رئيس الوزراء هو الموضوع الأكثر صعوبة وتعقيدا لتعدد الشخصيات المرشحة والمتنافسة لهذا المنصب وغالبيتهم يمثلون قيادات الاطار.
حيث يجري تداول العديد من الأسماء لنيل المنصب، في الوقت الذي لم يتم الاتفاق حتى الآن على الآلية التي يتم بموجبها اختيار المرشح، اذ ان قيادات الاطار تدرك جيدا الصعوبات التي تواجه الاختيارات المحتملة لهذا المرشح أو ذاك، أضافة الى ضرورة حسم الاختيار داخل الاطار على ان يكون مقبولا لدى السنة والكورد والمجتمع الدولي واختيار شخصية بهذه المواصفات لم يعد أمرا سهلا في يومنا الحاضر. كما أن التحديات التي تنتظر الحكومة القادمة ستزداد تعقيدا هي الأخرى، اذ ان التيار الصدري قد يصبح حركة شعبية معارضة وهذه الحركة لن تكون سهلة في معارضتها وعلى هذا الأساس ستواجه الحكومة ملفات صعبة وشائكة منها سياسية وشعبية واقتصادية الى جانب الأمنية، الأمر الذي سيؤدي الى انهاك الحكومة بلا أدنى شك. لذا على الحكومة الجديدة الانطلاق وكأنها في سباق محموم ومضني، وسط إستمرار ازمة الكهرباء والغذاء والبطالة والفقر والخدمات الأساسية والسلاح المنفلت وإنتشار تجارة المخدرات وغيرها في ظل أوضاع سياسية قلقة.
رووداو
ان استقالة نواب الكتلة البرلمانية الأكبر وتحول تيارها الصدري من العمل البرلماني الى الحراك الشعبي سيولد بالتأكيد واقعا جديدا غير معهود يصعب التكهن بمدياته وإنعكاساته ومتغيراته بين لحظة وأخرى، والأهم ترى كيف سيكون شكل العملية السياسية من دون هذا التيار الشعبي الواسع والكبير والمؤثر، وما هو المتوقع من ردود فعل الشارع الشيعي عموما إزاء عودة صقور الاطار التنسيقي لتسيد المشهد السياسي وبالتالي إفتقاره لمبدأ التوازن بين مختلف القوى الشيعية وتنوعها.
يمكن القول بأن المرحلة القادمة هي الأصعب من بين كل المراحل السابقة وعلى أي مرشح لمنصب رئيس الوزراء قيادة حكومة قادرة على مواجهة كل هذا السيل من الأزمات وأن يدرك جيدا حجم وخطورة المسؤولية الملقاة على عاتقه ليتلمس طريقه نحو إنقاذ البلاد من ما يتهدد وجودها حاضرا ومستقبلا.