طهران – قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا الخميس إن على إيران أن تهتم بما يحدث داخلها قبل أن تنتقد فرنسا، بعد أن استدعت طهران سفير باريس وأغلقت المعهد الفرنسي للبحوث “إفري”، بعد نشر مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتورية اعتبرتها طهران مهينة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وتدهورت العلاقات بين فرنسا وإيران في الأشهر الأخيرة مع تعطل جهود إحياء المحادثات النووية التي تشمل فرنسا، ومع اعتقال طهران لسبعة فرنسيين.
ونشرت “شارلي إيبدو” هذا الأسبوع العشرات من الرسوم الكاريكاتورية التي تسخر من المرشد الإيراني. وقالت المجلة إن هذه الرسوم دعم للاحتجاجات المناهضة للحكومة، والتي تشهدها إيران منذ وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر بعد احتجازها على يد شرطة الأخلاق.
وقالت كولونا في تصريحات لمحطة “أل.سي.آي” التلفزيونية الخميس إن إيران تنتهج سياسات سيئة عبر اتباع العنف مع مواطنيها وباعتقال فرنسيين.
وأضافت “دعونا نتذكر أن حرية الصحافة موجودة في فرنسا على عكس ما يحدث في إيران وأن تلك الحرية يشرف عليها قاض في إطار قضاء مستقل، وهو أمر لا تعرفه إيران جيدا بلا شك”، مضيفة أن فرنسا ليست فيها قوانين تجرم التجديف.
واتهم رجال الدين الحاكمون في إيران، الذين يواجهون أسوأ أزمة لشرعيتهم منذ الثورة الإسلامية في 1979، أعداء أجانب بالوقوف وراء احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة بهدف زعزعة استقرار البلاد.
وأثارت الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها “شارلي إيبدو” رد فعل غاضبا من إيران، وحذر وزير خارجيتها أمير حسين عبداللهيان من أن الخطوة التي وصفها بأنها “عدائية ومشينة” سيستتبعها رد حازم من طهران، واتهم الحكومة الفرنسية بالتمادي.
واستدعت الخارجية الإيرانية السفير الفرنسي نيكولاس روش، احتجاجا على ما وأسمته “العمل المسيء إلى مرتبة إيران ومقدساتها وقيمها الدينية والوطنية”.
وقال الناطق باسم الخارجية ناصر كنعاني إنهم سلموا السفير الفرنسي مذكرة دبلوماسية تضمنت “احتجاج إيران القوي على الإساءة غير المقبولة”.
وأكد أن “فرنسا لا يمكنها تبرير إهانة المقدسات للدول الإسلامية الأخرى بدعوى حرية التعبير”.
وشدد كنعاني على أن إيران “تحتفظ بحقها في الرد بشكل مناسب” على هذا السلوك.
وأشارت الوزارة إلى أنها تنتظر صدور بيان من الحكومة الفرنسية يدين سلوك “شارلي إيبدو”.
كما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان الخميس أنها أوقفت نشاطات المعهد الفرنسي للبحوث في إيران، كمرحلة أولى من الرد الإيراني على الرسوم الكاريكاتورية.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية أن الوزارة تحمّل “الحكومة الفرنسية المسؤولية الأكيدة عن مواجهة انتهاك الطابع المقدس للحرية وحقوق الإنسان، وإهانة القيم الدينية، والمسّ بالمعتقدات الدينية والسيادة الوطنية لدول أخرى”.
وأضاف البيان أن “الجمهورية الإسلامية تندّد بعدم تحرّك السلطات الفرنسية المعنية المستمر في مواجهة معاداة الإسلام والترويج للكراهية العنصرية في الإعلام الفرنسي”.
وأعلنت الوزارة “وضع حد لنشاطات المعهد الفرنسي للبحوث في إيران كمرحلة أولى” من الردّ الإيراني على الرسوم الكاريكاتورية.
وبحسب موقعه الإلكتروني، فإن المعهد الفرنسي للبحوث في إيران ملحق بوزارة الخارجية الفرنسية. وأبصر النور في العام 1983 بعد اندماج “البعثة الأثرية الفرنسية في إيران” (دافي) التي أنشئت في العام 1897، والمعهد الفرنسي لعلوم إيران في طهران “إفيت” أسسه هنري كوربان عام 1947.
وبقي المعهد الفرنسي للبحوث في إيران الواقع في وسط طهران مغلقا لسنوات، وقد أعيد فتحه خلال عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013 – 2021) كعلامة على عودة الدفء إلى العلاقات بين فرنسا وإيران.
ويضم المعهد خصوصا مكتبة غنية يستخدمها طلاب اللغة الفرنسية وأكاديميون إيرانيون.
وبحسب تقارير، فإن الفرنسيين حصلوا على حقوق حصرية للحفر في إيران لأغراض أثرية في منتصف القرن التاسع عشر في إيران.
وبعد صعود شاه إيران الراحل رضا بهلوي وتشكيل المتحف الوطني في طهران، تقلص مجال الحفريات الفرنسية، واستمرت الحملة الفرنسية في العمل حتى ما بعد أحداث عام 1979 والحرب الإيرانية – العراقية.
العرب