الجزائر خطوة إلى الوراء مع روسيا وخطوة إلى الأمام نحو إيران

الجزائر خطوة إلى الوراء مع روسيا وخطوة إلى الأمام نحو إيران

لندن- تراجعت الجزائر، على ضوء الضغوط الغربية وتقهقر القوات الروسية في الحرب الأوكرانية، خطوة إلى الوراء في الاندفاع الذي أبدته خلال الأشهر الماضية نحو روسيا، وهو الاندفاع الذي يبدو أنه سيتجه نحو طهران في الفترة القادمة.

وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية السبت أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وجه إلى نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون دعوة لزيارة طهران.

ووفقا لبيان وزارة الخارجية “جاءت الدعوة على لسان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة”.

وأكد أمير عبداللهيان لنظيره الجزائري أن “العلاقات بين البلدين جيدة وتتوسع، ومستعدون لعقد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في المستقبل القريب”.

◙ الجزائر تبدو غير مدركة أن واشنطن الآن ما عادت تفرّق بين روسيا وإيران وتعتبرهما حليفين بأهداف متكاملة

وحرص تبون منذ وصوله إلى السلطة على تطوير العلاقات مع إيران وأرسل في 2021 رئيس الحكومة أيمن بن عبدالرحمن لحضور مراسم تنصيب رئيسي، في حين اكتفت أغلب الدول العربية بالمشاركة بتمثيل دبلوماسي ضعيف.

وألغى تبون زيارة كانت مقررة إلى روسيا في نهاية العام الماضي، وذلك بعد ضغوط أميركية وأوروبية. كما ألغت الجزائر مناورات مع روسيا كانت ستنظمها على الحدود مع المغرب، أي على بعد كيلومترات من السواحل الأوروبية.

وطالب أعضاء في الكونغرس الأميركي بفرض عقوبات على الجزائر إذا عقدت صفقات تسليح مع روسيا، معتبرين أن ذلك -إنْ تمّ- سيكون بمثابة دعم لموسكو في حربها ضد أوكرانيا.

وتركز الإدارة الأميركية بشكل لافت على وضع الحريات الإعلامية والدينية في الجزائر، حيث وجهت مجددا انتقادات في هذا الخصوص.

ويقول مراقبون إن باقة الانتقادات الأميركية الجديدة هي مواصلة للضغط كي تبتعد الجزائر عن روسيا، لكن الجزائر تبدو غير مدركة أن واشنطن الآن ما عادت تفرّق بين روسيا وإيران وتعتبرهما حليفين بأهداف متكاملة يعوّض أحدهما الآخر إنْ غاب في القضايا والجغرافيا.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن ما بدأ تنسيقا محليّا في سوريا بين روسيا وإيران تحول إلى تكامل إستراتيجي في حرب أوكرانيا وضغوط إنتاج النفط.

وتحدثت تقارير إعلامية غربية عن صفقات تسليح تقدّر بالمليارات بين الجزائر وروسيا وكان من المزمع أن تتم خلال الزيارة.

وزادت الجزائر ميزانيتها الدفاعية لهذا العام بأكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى أكثر من 22 مليار دولار.

ويتساءل مراقبون عن أوجه التعاون الاقتصادي الذي قد يربط بين الجزائر وإيران، غير مستبعدين إبرام صفقات تسليح خاصة بعد أن أثبتت الطائرات الإيرانية المسيرة فاعليّتها في الحرب الأوكرانية.

واعترفت إيران بتزويد روسيا بالطائرات المسيرة، لكنها أكدت أن ذلك تم قبل اندلاع الحرب في نهاية فبراير الماضي.

ويأتي التقارب الإيراني – الجزائري ليعمق المخاوف الإقليمية من خطر هذا التقارب على الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا.

وسبق للمغرب أن اتهم مرارا إيران بمساندة جبهة بوليساريو الانفصالية ودعْمها بالسلاح والطائرات المسيرة.

وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أثار هذه المسألة في الجلسة المغلقة لاجتماعات وزراء الخارجية العرب الممهدة للقمة العربية المنعقدة في الجزائر أواخر شهر أكتوبر الماضي، وطالب بإدراج مسألة تسليح إيران لجبهة بوليساريو الانفصالية بالطائرات المسيرة واستهدافها للأراضي العربية، سواء في الخليج أو المغرب، ضمن جدول أعمالها.

وقبل ذلك بأيام وجه عمر هلال، المندوب الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، اتهاما صريحا إلى النظام الإيراني بالتوغل في منطقة شمال أفريقيا وتسليح جبهة بوليساريو الانفصالية في مخيمات تندوف بالطائرات المسيرة.

وقال المسؤول الدبلوماسي المغربي في مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم 27 أكتوبر 2022، عقب تصويت مجلس الأمن على القرار رقم 2654 المتعلق بالصحراء المغربية، والذي تم بموجبه تمديد ولاية بعثة “المينورسو” لمدة عام، وذلك إلى غاية متم أكتوبر عام 2023، إن إيران وحزب الله بصدد التوغل في تندوف بالجنوب الغربي للجزائر، حيث توجد مخيمات جبهة بوليساريو، وفي شمال أفريقيا عموما، و”انتقلا الآن من تدريب عناصر ميليشيا الجبهة الانفصالية إلى تجهيزها بطائرات مسيرة”.

العرب