تشهد العلاقات الجزائرية التركية تطورا ملفتا في السنوات الأخيرة على مختلف الأصعدة، وأسهم في ذلك اتفاقية الصداقة والتعاون الموقعة بين البلدين عام 2006، كما اكتسبت العلاقات زخما متصاعدا منذ تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر نهاية 2019.
ويصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الجمعة، تركيا في زيارة عمل تستغرق يومين، تلبية لدعوة نظيره رجب طيب أردوغان.
وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان إن “الرئيس تبون يقوم بزيارة عمل إلى تركيا الشقيقة يومي 21 و22 يوليو/تموز الجاري، يلتقي خلالها أخاه فخامة الرئيس السيد رجب طيب أردوغان”.
وأجرى تبون أول زيارة له إلى تركيا تلبية لدعوة الرئيس أردوغان، بين 15-17 مايو/أيار 2022 وكانت أول زيارة من الجزائر إلى تركيا على مستوى رئيس الجمهورية منذ 17 عاما.
و كانت آخر زيارة على مستوى الرئاسة من الجزائر إلى تركيا في فبراير 2005 من قبل عبد العزيز بوتفليقة.
علاقات تاريخية متجذرة
وتتواصل العلاقات الرسمية بين تركيا والجزائر بقوة والتي بدأت عام 1962 عندما نالت الجزائر استقلالها عن فرنسا.
فالعلاقات التركية الجزائرية، التي بدأت مع وصول بربروس خير الدين باشا إلى الجزائر عام 1516، شهدت تطورات عديدة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وفتحت تركيا سفارتها عام 1963 في الجزائر التي أعلنت استقلالها عام 1962.
ووقعت الجزائر وتركيا في 23 مايو/ أيار 2006، معاهدة للتعاون والصداقة، لتطوير العلاقات بين البلدين.
وكانت آخر زيارة على مستوى رئيس الجمهورية من تركيا إلى الجزائر، أجراها الرئيس أردوغان في يناير/كانون الثاني 2020.
وفي إطار الزيارة، تم التوقيع على بيان مشترك حول إنشاء “مجلس تعاون رفيع المستوى” بين البلدين.
تنسيق دبلوماسي حول قضايا ليبيا وفلسطين
وإلى جانب تطابق الآراء بين تركيا والجزائر في القضية الفلسطينية، ثمة تنسيق تام بين البلدين فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للمشاكل في ليبيا.
وهذا ما أكده الرئيس الجزائري تبون خلال زيارة الرئيس أردوغان للجزائر في يناير 2020.
وأكد تبون أنه على اتفاق تام مع الرئيس أردوغان حول تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، من أجل ضمان السلام في الدولة الجارة لبلاده.
هدف التبادل التجاري بين البلدين 10 مليارات دولار
وزير الخارجية التركي السابق مولود تشاووش أوغلو، الذي توجه إلى الجزائر في 10 ديسمبر 2022 لحضور اجتماع “مجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين ، قال إن عدد الشركات التركية في الجزائر تجاوز 1400 شركة وتجاوز إجمالي الاستثمار 5 مليارات دولار.
وأوضح تشاووش أوغلو أن التعاون بين الجزائر وتركيا سيكون مفيدًا للمنطقة بأسرها وقال “نحن نعمل معا لزيادة ليس فقط تجارتنا ولكن أيضا استثماراتنا هنا الى مستوى 10 مليارات دولار “.
افتتاح مراكز ثقافية في الجزائر وإسطنبول بشكل متبادل
كما ذكر الوزير تشاووش أوغلو أنه بحث مع نظيره الجزائري في حينه، رمطان لعمامرة ، التعاون العسكري بين البلدين والخطوات التي يمكن اتخاذها في الصناعات الدفاعية.
ولفت إلى العلاقات التاريخية والثقافية بين البلدين ، وقال إنه سيتم افتتاح مراكز ثقافية في الجزائر وإسطنبول بشكل متبادل.
وأكد تشاووش أوغلو أنهم يرغبون في أن يتم فتح مركز يونس إمره الثقافي التركي في عام 2023 وأن تبدأ مدرسة وقف المعارف التركي نشاطها في الجزائر في أقرب وقت ممكن.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز خلال زيارة إلى الجزائر أن تركيا والجزائر تعتزمان تأسيس شركة مشتركة للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في بلدان المنطقة على رأسها الجزائر.
وقال في تصريحات: “توصلنا إلى توافق حول تأسيس شركة مشتركة بين شركة النفط والغاز الوطنية الجزائرية سوناطراك وشركة البترول التركية، وتنفيذ أنشطة التنقيب عن النفط والغاز بشكل مشترك في دول المنطقة، وخاصة الجزائر”.
وعقب الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا في 6 فبراير/ شباط الماضي، أعلنت الجزائر عزمها تقديم دعم بقيمة 30 مليون دولار لتركيا.
وأبدت الجزائر بكافة مستوياتها ومسؤوليها تضامنها مع تركيا عقب الزلزال بداية من اتصال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بنظيره التركي رجب طيب أردوغان وتقديمه للتعازي بضحايا الزلزال.
كما أرسلت الجزائر إلى مناطق الزلزال، فريق بحث وإنقاذ مكون من 86 فردًا، ووفدًا طبيا من الهلال الأحمر الجزائري، فضلًا عن 95 طن من المساعدات الإنسانية.
وفي فترة قصيرة تحولت دعوات دعم المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي في الجزائر إلى حملات إغاثة شاملة وواسعة.
وأعرب الرياضيون والسياسيون والمواطنون الجزائريون عن وقوفهم إلى جانب تركيا دولة وشعبًا منذ اليوم الأول للزلزال.
وفي 19 يونيو/ حزيران، قدم الرئيس الجزائري تبون “وسام الاستحقاق الوطني الجزائري من الدرجة الأولى” إلى وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية الحالية ماهينور أوزدمير كوكطاش، عندما كانت سفيرة تركيا في الجزائر..
وعلقت وسائل الإعلام الجزائرية على تقليد كوكطاش الوسام بأن ذلك مؤشر على المساهمة الكبيرة لكوكطاش في العلاقات بين البلدين والأهمية التي يوليها الرئيس تبون لعلاقات بلاده مع تركي.
(الأناضول)