نقطة انطلاقي للحظة ما بعد الحرب هي: انتهى القتال في غزة، سلطة حماس صفيت، وإسرائيل نجحت في تحقيق غاية القتال. السؤال هو: ماذا سيحصل الآن في غزة ومن سيحكم مكاناً يضم مليوني نسمة سيزدادون في المستقبل؟
يتضمن الجواب عدة سيناريوهات محتملة.
الخيار الأول هو حكم عسكري إسرائيلي في غزة. لقد سبق أن كنا في هذا الفيلم، ولم يكن ناجحاً. الخيار الثاني هو أن تتحمل مصر المسؤولية عن غزة. يصعب علي أن أفترض بأن المصريين سيوافقون على ذلك. من ناحية القاهرة، كان اتفاق السلام مع إسرائيل بعد حرب يوم الغفران قد ثبت حدوداً نهاية.
الرئيس المصري، في حينه، أنور السادات، كان فرحاً أن أصر مناحيم بيغن على إبقاء غزة جزءاً من بلاد إسرائيل، وقد فرح للتخلص من هذا الشر.
أؤمن أن بيغن لو وضع إعادة غزة إلى المصريين شرطاً مسبقاً لاتفاق السلام، مثلما كان قبل حرب الأيام الستة، لأضطر السادات لقبول هذا.
عندي سند لذلك ممن كان مشاركاً في المفاوضات في حينه.
الخيار الثالث هو حكم جسم دولي في غزة يعمل على إعادة تأهيل القطاع وفرض النظام في المكان إلى أن تقوم حكومة محلية تتشكل من السكان المحليين.
يدور الحديث عن مسيرة طويلة السنين، ولا تبدو فرص ذلك كبيرة.
في ضوء كل هذه الخيارات واحتمالات تحققها، يخيل لي أن الخيار الجدي الوحيد الذي يمكنه أن ينجح هو نقل غزة، بعد تصفية حماس، إلى السلطة الفلسطينية وإلى أبو مازن، الذي يمكنه أن يديرها، كما آمل، بالتعاون مع إسرائيل.
لقد حظيت حماس بتعزيز للقوة طوال سنوات طويلة في ظل مس بمكانة أبو مازن الذي كان محباً حقيقياً للسلام والتعاون مع إسرائيل، في المجال الأمني أيضاً.
انسحابنا من طرف واحد من غزة لم يترافق مع نقل منظم لها إلى أبو مازن. واضطرت إسرائيل للسماح بخروج آلاف الفلسطينيين من غزة إلى الضفة عقب خطر ملموس على حياتهم.
وهكذا نشأت فرصة ثانية لتحويل السلطة الفلسطينية إلى جسم واحد وليس اثنين.