على الرغم من أن القدرات العسكرية التقليدية لحركة “حماس” بلغت ذروتها على ما يبدو في 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن الجيش ذو الأداء الضعيف لا يزال جيشاً، لذلك ليس أمام “الجيش الإسرائيلي” خيار سوى مواصلة العمليات البرية إلى أن يتمكن من التحوّل إلى استراتيجية تتمحور حول مكافحة الإرهاب.
في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، دخلت حركة “حماس” الإرهابية الفلسطينية وحلفاؤها الأراضي الإسرائيلية لارتكاب فظائع ضد المجتمعات المدنية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة. ومع مقتل نحو 1200 شخص، من بينهم أطفال ومسنين ذُبحوا في أسرّتهم أو أحرقوا حتى الموت، واختطاف ما لا يقل عن 239 رهينة واقتيادهم إلى غزة، سيصبح هذا اليوم ذكرى مشينة، يمكن وصفها بـ “11 أيلول/سبتمبر الإسرائيلي”، أو أسوأ.
ولكي تتمكن “حماس” من ارتكاب فظائع الإبادة الجماعية، أنشأت جيشاً تقليدياً قادراً على اجتياح مواقع جيش الدفاع الإسرائيلي وهو في طريقه إلى المجتمعات الحدودية. وبعد أن استولت الحركة على مواقع متعددة تقع على مسافة تصل إلى 25 كيلومتراً في العمق الإسرائيلي من الحدود مع غزة التي يبلغ طولها 60 كيلومتراً، تمكّنت بعض كوادر “حماس” من الصمود وحاولوت صد الهجوم المضاد القادم من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي هزمهم في غضون أيام وبدأ توغلاً برياً في غزة. ويقول جيش الدفاع الإسرائيلي إن حصيلة القتلى في 7 تشرين الأول/أكتوبر تضمنت ما لا يقل عن 278 جندياً إسرائيلياً. وفي الواقع، تميزت هذه الحرب باشتباك قوات عسكرية للاستيلاء على أراضي أو الدفاع عنها، واتباع خطوط أمامية وأوامر معركة محددة. وقد أصبح من الواضح الآن أن “حماس” تمتلك القوة العسكرية التقليدية وهي مستعدة لاستخدامها إلى جانب تكتيكاتها الإرهابية المعتادة.
لقد اكتسبت “حماس” قدراتها العسكرية من خلال سنوات من الخبرة القتالية والتدريب والرعاية الإيرانية وجمع الموارد. وتعلمت تكييف التكتيكات غير النظامية والإرهابية مع الحرب التقليدية. ومن خلال تتبعي لتطور القدرات القتالية التقليدية للحركة، يمكن إدراجها ضمن سياق أوسع نطاقاً للجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية التي تسعى إلى تشكيل جيوش. وبما أن “حماس” أصبحت الآن جيشاً بكل ما للكلمة من معنى، وليس مجرد جماعة إرهابية، فيجب مواصلة الحملة التقليدية المستمرة التي يشنّها الجيش الإسرائيلي ضدها إلى أن تصبح هذه الجماعة غير قادرة على السيطرة على أراضي.
وهذا لا يعني أن “حماس” تلتزم بالقانون الدولي أو تمتلك أحدث المعدات. فلا ينطبق أي من ذلك عليها. فهي لا تمتلك دبابات أو طائرات أو سفناً حربية، ولا ترتدي جميع عناصرها زياً موحداً يميّزها، ولا تلتزم بالتأكيد بقانون النزاعات المسلحة. وفي الواقع، طورت الحركة، على غرار الكثير من الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تسعى إلى السيطرة على الأراضي، قدرة – وإن كانت محدودة – على النزاع على الأراضي والاستيلاء عليها والاحتفاظ بها بشكل علني، وهي الطريقة الرئيسية للحرب التقليدية. إن واقع كونها جهة فاعلة غير حكومية لا تراعي المعايير الدولية لا ينبغي أن يحجب هذه الحقيقة المهمة.
عندما تُشكّل الجماعات المسلحة جيوشاً
في كتابي عن تنظيم “الدولة الإسلامية” بعنوان “جنود نهاية الأزمنة”(Soldiers of End-Times)، أَعترض على الفكرة بأن الجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية تبقى “غير نظامية”، أو تختار تكتيكات حربالعصابات والتكتيكات الإرهابية بشكل افتراضي. ويتعين على الجماعات مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”، التي تتبنى أيديولوجيات وأهدافاً طموحة تستلزم الاستيلاء على مناطق واسعة وإدارتها، إيجاد الوسائل اللازمة لتحقيق أهداف بهذا الحجم. ويكمن جزء أساسي من الحل في القوة القتالية التقليدية، أي القدرة على تدمير القوات المعادية والقضاء عليها والصمود باستخدام القوة القتالية المركزة.
إن أي منظمة لا تحتاج إلى كل مظاهر الجيش الغربي الحديث لكي تقاتل بطريقة تقليدية. لقد أصبحت تكتيكات المشاة الأساسية والأسلحة الصغيرة والمتفجرات وغيرها من لوازم القتال متاحة بشكل متزايد للمقاتلين الأذكياء في عصر يتسم بدرجة وصول أكبر إلى المعلومات والسلع. على سبيل المثال، نفذ تنظيم “الدولة الإسلامية” سلسلة من الابتكارات والتحسينات على تكتيكات التفجيرات الانتحارية لتكييفها مع احتياجات حملاته التقليدية في العراق وسوريا ومناطق أخرى، حتى عند مواجهة جيوش الدول الحديثة. ويمكن لأي جماعة استخدام التفجيرات الانتحارية لتعزيز القوة النارية، والدراجات النارية ومخابئ الأسلحة والأنفاق للاتصالات والجوانب اللوجستية، والشاحنات الصغيرة لزيادة الحركة. ولا تُعتبر الميّزات الشائعة والمعروفة مثل الدبابات والمدمرات ضرورية. وفي الواقع، يتفق المنظرون العسكريون الكبار كارل فون كلاوزفيتز، وبارون دو جوميني، ونيقولا مكيافيلي على الطابع الأساسي للمشاة مقابل الطابع التكميلي (وإن كان حاسماً في بعض الأحيان) لسلاح الفرسان والمدفعية.
وفي الواقع، تتوفر أمثلة لا تعد ولا تحصى عن جماعات مسلحة شكّلت جيوشاً عبر التاريخ. فالمتمردون الشيوعيون في الصين وكوبا وكوريا وفيتنام واجهوا الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة القوية في ساحة المعركة. وسابقاً، كانت “القوات المسلحة الأمريكية” نفسها مجموعة متمردة – “الجيش القاري” لجورج واشنطن – كما أن الجيش الإسرائيلي بدأ كمنظمة صهيونية سرية تُعرف باسم الـ”هاغاناه”. وقد أظهرت الجماعات الجهادية اليوم، مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”، وحركة “طالبان”، وتنظيم “القاعدة” والجماعات التابعة له، و”حزب الله”، و”حماس”، ميلاً خاصاً إلى بناء الجيوش. وفي كثير من الأحيان، تقوم هذه الجماعات بتكييف التكتيكات غير النظامية، مثل التفجيرات الانتحارية في حالة تنظيم “الدولة الإسلامية“، لتمكين العمليات التقليدية.
جوانب القوة العسكرية لـ “حماس”
تصف “حماس”، في “ميثاقها” التأسيسي من عام 1988، بوضوح “الجهاد” العنيف كوسيلة لوقف “اغتصاب اليهود لفلسطين”. وتقدم كنماذج لعملياتها الحملات العسكرية التي قام بها الجنرالان المسلمان المبجّلان في العصور الوسطى صلاح الدين الأيوبي وبيبرس. ويتلخص الهدف الأساسي لـ”حماس”، باعتبارها الفرع الفلسطيني المتشدد لجماعة “الإخوان المسلمين” المصرية، باستبدال دولة إسرائيل بدولة فلسطينية تخضع لتفسير “حماس” للشريعة الإسلامية، عن طريق الكفاح المسلح. وتُعد القوة العسكرية شرطاً واضحاً لتحقيق هذا الهدف.
ويمثل الدعم الإيراني أحد العناصر المهمة لقوة “حماس”. فعلى الرغم من الاختلافات الأيديولوجية، أقامت إيران و”حماس” علاقات بدأت في أوائل تسعينيات القرن الماضي، حيث تولت إيران تدريب الحركة في لبنان وتمويلها بما يصل إلى ملايين الدولارات. وقامت إيران و”حزب الله”، وكيل إيران النافذ في لبنان، بتعليم “حماس” كيفية تنفيذ التفجيرات الانتحارية، مما أدى إلى تعزيز الحملات الإرهابية للحركة في إسرائيل في التسعينيات وخلال “الانتفاضة الثانية” في الفترة 2000-2005، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف إسرائيلي. فضلاً عن ذلك، يقدم “حزب الله” المشورة الاستراتيجية للحركة. وقد كان هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر يشبه إلى حد كبير خطة “حزب الله” لـ “غزو الجليل”(التي اكتشفتها إسرائيل في عام 2012)، والتي تضمنت نشر وحدات النخبة للاستيلاء على المجتمعات الحدودية الشمالية لإسرائيل واحتجاز الرهائن، وفي الوقت نفسه إطلاق وابل من الصواريخ والهجمات الضخمةمن البحر.
وقامت إيران و”حزب الله” بتهريب الأسلحة إلى “حماس” براً عن طريق سيناء عبر السودان وليبيا، وكذلك عن طريق البحر. وسمح التدريب العسكري المكثف والأسلحة المتراكمة لـ “حماس” بقيام الحركة بتنظيم وحدات إقليمية تدريجياً يصل حجمها إلى حجم ألوية ويضم كل منها 2500 إلى 3500 مقاتل. وقد أدت التدريبات المشتركة التي أجريت منذ عام 2020 مع الفصائل المسلحة الأخرى في غزة، مثل “حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين”، إلى اعتياد الوحدات على العمل بطريقة منسقة، ودعم قيادة “حماس” وسيطرتها، وتسهيل التعاون بين الحركة والفصائل الأصغر حجماً. وبدأت هذه الجهود بشكل جدي عند استيلاء “حماس” على السلطة في قطاع غزة في عام 2007.
ومنذ ذلك الحين، زودت إيران “حماس” بالمواد والخبرة اللازمة لبناء ترسانة صاروخية كبيرة، حيث تم إطلاق أكثر من 10 آلاف صاروخ وقذيفة هاون في النزاع الحالي. وبمساعدة إيران، نجحت “حماس” في تطوير صناعة صواريخ محلية قوية تستخدم الأنابيب، والأسلاك الكهربائية، وغيرها من مواد الحياة اليومية لإنتاجها بشكل مرتجل. وقامت الحركة وغيرها من الفصائل المسلحة في غزة بترهيب المراكز السكانية الإسرائيلية من خلال الهجمات الصاروخية، مما أجبر المجتمعات الحدودية على الذهاب إلى الملاجئ لفترات طويلة وزج الجيش الإسرائيلي في نزاعات كبرى في غزة في الأعوام 2008-2009، و2012، و2014، و2021. وعلى الرغم من أن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي المعروفة بـ“القبة الحديدية” أدت إلى تعقيد الهجمات الصاروخية نظراً لمعدل اعتراض الصواريخ الذي يصل إلى 90 في المائة، إلّا أن صواريخ “حماس”، إلى جانب البالونات الحارقة والطائرات الورقية الحارقة والطائرات الانتحارية بدون طيار، كانت سمة أساسية لترسانة الحركة.
ويعود تاريخ حفر الأنفاق لأغراض قتالية في غزة إلى عام 1967 على الأقل، وقد اعتمدت “حماس” على هذا التقليد وأساليب حفر الأنفاق التي يستخدمها “حزب الله” على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لتعزيز قدراتها. فشبكات الأنفاق الواسعة تخفي وتحمي أصول “حماس” من الغارات الجوية بينما تساعد الأنفاق الهجومية على التسلل إلى إسرائيل. وفي عام 2006، اختطفت الحركة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط باستخدام نفق، وقايضته في عام 2011 بـ1027 سجيناً في إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، طورت إسرائيل تكنولوجيا وتكتيكات فعالة للعثور على الأنفاق الهجومية وتعطيلها.
بالإضافة إلى ذلك، قامت “حماس” بفحص السياج الحدودي مع غزة مباشرةً من خلال أعمال الشغب التي اندلعت في إطار “مسيرة العودة الكبرى” عام 2018، والتي وصفتها الحركة والمنظمون بأنها مظاهرات تهدف إلى لفت الانتباه الدولي إلى محنة الفلسطينيين. وقد حشدت الاحتجاجات الأسبوعية عشرات الآلاف من سكان غزة على الحدود مع إسرائيل، وتسلل نشطاء إرهابيون يحملون زجاجات مولوتوف حارقة وأسلحة نارية وأسلحة أخرى وسط حشود المدنيين الذين شجعتهم “حماس” أحياناً على نشر الإطارات المشتعلة والطائرات الورقية الحارقة. كما حاول البعض التسلل إلى إسرائيل. ولقي العشرات، من بينهم مدنيون، حتفهم نتيجة لرد الجيش الإسرائيلي، مما منح “حماس” نصراً دعائياً. ويشكل ذلك أيضاً مثالاً على كيفية استخدام “حماس” للمدنيين كدروع بشرية لتغطية أنشطتها الإرهابية مع مراقبة كيفية رد إسرائيل على استفزازاتها.
بلوغ الذروة في 7 تشرين الأول/أكتوبر
بلغت هذه المجموعة من التكتيكات غير النظامية ذروتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر بهجوم تقليدي على إسرائيل، بدأ بإطلاق وابل هائل من الصواريخ تجاوز 3000 صاروخ خلال الدقائق الأولى من الحرب، مما أدى بطبيعة الحال إلى التغلب على الدفاعات الإسرائيلية، التي كانت “حماس” تختبرها بضربات صاروخية على مدى سنوات. وفي الوقت نفسه، اخترقت القوة الضاربة التابعة للحركة، بقيادة مقاتلين من وحدة “النخبة” التي تلقت تدريباً إيرانياً، السياج الحدودي بالتزامن مع محاولات تسلل من البحر. وقامت عناصر على الحدود بالتشويش على اتصالات الجيش الإسرائيلي وقنص أنظمة المراقبة. وقد أتى التدريب والاستخبارات بثماره مع اجتياح المهاجمين مواقع عسكرية غير متوقعة. ووصل بعض المهاجمين عبر طائرات شراعية، بعد سنوات من التدريب الخاص الذي أجرته “حماس” على استخدام هذه الأجهزة؛ ومن المرجح أن “حماس” قد تعلمت من قيامها سابقاً بنشر بالونات وطائرات ورقية حارقة، وهي أجسام طائرة منخفضة التقنية نسبياً اختبرت الدفاعات الحدودية الإسرائيلية في ظروف مماثلة.
وظهرت أيضاً الدروس المستفادة على الأرجح من “مسيرة العودة”. فبعد اختراق “حماس” للسياج الحدودي، ظهرت صور لسكان غزة وهم يعبرون هذا السياج. واستخدمت “حماس” ذلك، على الرغم من الأدلة الوافرة على فظائعها، لتزعم أن أعضاءها لم يهاجموا المدنيين أو يختطفوهم، بل أن سكان غزة العاديين المسعورين هم من فعلوا ذلك. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن “مسيرة العودة” ساعدت “حماس” على تقييم مستوى القوة والمعدات المطلوبة لاختراق السياج.
وعلى الرغم من أن الأنفاق لم ترد في الروايات الحالية عن الهجوم، إلا أنها أصبحت الآن هدفاً رئيسياً للجيش الإسرائيلي. وتوقع الخبراء أن تطرح شبكة أنفاق “حماس” تحديات فريدة من نوعها، فقد أدت صعوبة تدمير الأنفاق بالغارات الجوية والمخاطر التي تمثلها في البيئات الحضرية إلى زيادة حالة عدم اليقين التي ربما أدت، إلى جانب احتجاز الحركة لرهائن إسرائيليين، إلى تأخير بدء التوغل البري الإسرائيلي في غزة.
ومع ذلك، حقق التوغل البري تقدماً سريعاً، حيث أدى حتى الآن إلى احتلال جزء كبير من شمال غزة ومقتل حوالي 7800 من أعضاء “حماس” مقابل حوالي 502 جندي إسرائيلي (من بينهم حوالي 280 جندي قتلوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر)، وفقاً للجيش الإسرائيلي. وعلى الرغم من صدمة الهجوم الأولي، بلغت قوة “حماس” العسكرية على ما يبدو ذروتها عندما صد الجيش الإسرائيلي مهاجمي 7 تشرين الأول/أكتوبر. وبالتالي، فعلى الرغم من تحقيق الحركة ما لا يمكن إلا لقليل من الجماعات المسلحة أن تأمل في تحقيقه، فلا ينبغي المبالغة في تقدير براعتها في ساحة المعركة.
الخاتمة
أظهرت “حماس” قدرة عسكرية كبيرة قامت بنشرها يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر لتمكينها من ارتكاب الفظائع التي شهدها ذلك اليوم. وقد استفادت من تدريبها وخبرتها باستخدام تكتيكات غير نظامية. فأداء الحركة لم يكن جيداً حتى الآن كمدافع حضري، وقد اعتمدت بصورة أكثر على حرب المعلومات وعلى رهائنها لمنع الجيش الإسرائيلي من التقدم.
لكن الجيش ضعيف الأداء يظل جيشاً، ولا بد من أن تستمر العمليات البرية التقليدية لطرد “حماس” بالكامل من الأراضي الخاضعة لسيطرتها. فنهج مكافحة الإرهاب الذي يركز على توجيه ضربات دقيقة على أهداف عالية القيمة وغارات القوات الخاصة، كما دعا بعض المسؤولين والمراقبين، لن يكون كافياً لتنفيذ مهمة القضاء على الألوية القتالية للحركة. وعندما لن تكون “حماس” قادرة على الاحتفاظ بالأراضي، فسيصبح بوسع إسرائيل العودة إلى مثل هذا النهج لمطاردة فلول الإرهابيين الذين يحاولون مواصلة التمرد. وما دامت “حماس” تسيطر على غزة، فسوف تستمر في تجديد قوتها القتالية وتحسين قدراتها العسكرية، كما فعلت في أعقاب الحملات الإسرائيلية السابقة المحدودة أكثر ضدها. على سبيل المثال، أصبحت الولايات المتحدة وحلفاؤها قادرين على تنفيذ استراتيجية تتمحور حول مكافحة الإرهاب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا حالياً، لأنهم انتصروا في الحرب التقليدية في الغالب بين عامَي 2013 و2019 والتي كانت تهدف إلى تفكيك “الخلافة” الإقليمية للتنظيم.
وتشكل “حماس” أحدث جهة مسلحة غير حكومية تعمل على تطوير قدرات عسكرية تقليدية. وكما هو الحال مع بروز تنظيم “الدولة الإسلامية” في عام 2014 أو سقوط “ديان بيان فو” في عام 1954، كانت الأعمال العسكرية والإرهابية التي نفذتها “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر مفاجئة. ولعل هذا يعكس عدم تبصر إسرائيل، مما يؤدي بدوره إلى عدم استعدادها. ويندرج ذلك ضمن النمط التاريخي المتمثل في فشل الدول القوية في إدراك إمكانية استخدام خصومها من غير الدول للأساليب التقليدية.
عيدو ليفي
معهد واشنطن