الجزائر- اختتمت بالجزائر السبت القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، بمصادقة جميع الأعضاء على وثيقة “إعلان الجزائر” التي شددت على “رفض أيّ عقوبات أحادية الجانب ضد أيّ من الأعضاء، وتسقيف الأسعار لأسباب سياسية”، في موقف منحاز إلى روسيا ومعارضة العقوبات المفروض على تصديرها للغاز ومحاولات تسقيف سعره.
ويعيد “إعلان الجزائر” أزمة الغاز الروسي إلى المربع الأول، ويجعل كارتل المنتجين في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وأوروبا، في حين أن أغلب المنتجين قد توصلوا إلى تفاهمات لتعويض الغاز الروسي وعملوا ما في وسعهم لإقناع أوروبا بعقد اتفاقات طويلة المدى، بمن فيهم الجزائر.
ولا يستبعد المراقبون أن يحدث البيان الختامي أزمة بين منتجي الغاز لإثارته قضية قديمة، مشيرين إلى أن تضمين الموقف الداعم لروسيا في البيان رسالة جزائرية إلى موسكو ولا يعبّر عن رأي الأغلبية في القمة.
◙ بيان القمة يوتر علاقات الجزائر مع الولايات المتحدة ويثير مخاوف الأوروبيين بشأن الاعتماد عليها كمورد موثوق للغاز
ومن شأن هذا البيان أن يوتر علاقات الجزائر مع الولايات المتحدة ويثير مخاوف الأوروبيين مجددا بشأن الاعتماد عليها كمورد موثوق ودائم للغاز.
وتلا الإعلان في اختتام أعمال القمة التي انطلقت في وقت سابق بالجزائر وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب.
وعبر الإعلان عن إدانة المنتدى “لجميع القيود الاقتصادية أحادية الجانب المتخذة دون الموافقة المسبقة لمجلس الأمن”، مضيفا “نرفض أيّ تدخلات مصطنعة في أسواق الغاز الطبيعي، بما فيها محاولات التأثير على آليات وضع الأسعار ووظائف إدارة المخاطر في الأسواق، إلى جانب تسقيف الأسعار بدوافع سياسية”.
كما شدد على ضرورة عدم تحميل كارتل الغاز مسؤولية التدهور المناخي الذي يعيشه العالم، كما تردد في عدة محافل إقليمية ودولية مهتمة بقضايا المناخ، وهو ما يترجم الخلاف وتضارب المصالح القائم بين القوى الفاعلة في العالم، خاصة بين ضحايا الانحباس الحراري من جهة، وبين الدول الصناعية والدول المنتجة لموارد الطاقة التقليدية.
وأكد وزير الطاقة والمناجم الجزائري على أن التكيف مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ في ظل تزايد الضغوط على تعجيل الحوار حول أهداف انخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة، والحد من استعمال الطاقة الأحفورية، يعد واحدا من أبرز التحديات التي تواجه الحكومات.
ويؤكد كلام عرقاب الهواجس المناخية التي باتت تقلق الدول المنتجة للغاز، خاصة في ظل تصاعد المقاربات الداعية إلى الحفاظ على المناخ، والحد من الانبعاثات الحرارية التي تسببها موارد الطاقة الأحفورية، الأمر الذي يترجم تضارب المصالح بين التكتلات الدولية، خاصة الدول الصناعية والدول المنتجة للطاقة، لاسيما وأن مسألة الوصول إلى طاقة نظيفة لا زالت بعيدة المنال.
وحصل إجماع لدى مسؤولين وخبراء في القطاع حضروا إلى قمة الجزائر من عدة دول على أن العالم يبقى في حاجة إلى الإمداد بالغاز، وأن الطلب سيتزايد بنسبة 34 في المئة في غضون العام 2050، وهو ما ينفي فرضية الاستغناء عن الموارد التقليدية إلى غاية الوصول إلى إنتاج طاقة نظيفة بشكل كامل.
وتحاول الجزائر استغلال قمة الغاز السابعة، بكل أبعادها في مجالات الطاقة والسياسة والدبلوماسية، من أجل تمرير رسائل للرأي العام الداخلي والإقليمي، حول قدراتها في استقطاب التكتل، خاصة وأن القمة شهدت انضمام دول جديدة كموريتانيا والسنغال، وحضور عشر رؤساء دول، إلى جانب مسؤولين وخبراء ووسائل إعلام ضخمة.
وذكر عرقاب أن “العدد المتزايد للدول المنتجة للغاز الطبيعي التي تسعى للانضمام إلى عضوية المنتدى للحصول بصفة مراقب، فيما تقدمت دول أخرى بطلبات للانضمام إلى عضوية المنتدى بصفة كاملة، يعكس رغبة هذه الدول في الاستفادة من الفرص المستقبلية”، وهو ما يسمح للجزائر بالتحرك والمناورة داخل التكتل، استنادا إلى رصيدها وخبرتها في مجال الطاقة.
وذكر تقرير للقمة أعده خبراء حول ” تحليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري للبلدان الأعضاء بمنتدى الدول المصدرة للغاز” أن “الانبعاثات المتراكمة للبلدان المعنية منذ 1990 إلى غاية 2020 لا تمثل سوى 10.6 في المئة من الانبعاثات العالمية، على الرغم من إنتاجها 40 في المئة من الغاز الطبيعي في العالم”.
العرب