هل تسرق رفح أوراق المساومة من حماس؟

هل تسرق رفح أوراق المساومة من حماس؟

مع بداية عملية طوفان الأقصى، وضعت حماس لنفسها أهدافاً أساسية للنصر. أخذت بالحسبان شدة الرد الإسرائيلي، لكن بينما تعتبر إسرائيل أن قتل المخربين والأزمة في غزة إنجاز، يرى السنوار ورفاقه في القيادة فيه تفوقاً تكتيكياً لتعظيم أهدافهم الاستراتيجية. وعليه، فإن إعلان إسرائيل عن القضاء على قدرات حماس السلطوية والعسكرية ضروري رغم التعريف الغامض.

اختطاف أكبر قدر ممكن من المدنيين والجنود الإسرائيليين الذين سيصبحون أوراق مساومة لتحرير آلاف السجناء المتبقين في سجون إسرائيل. تقررت تعرفة التبادل في صفقة شاليط، ووفقاً لذلك بدأت حماس تعرف أن إسرائيل ستوافق على الشروط بالصبر وبتمديد الوقت. فبينما اعتبر الجمهور الإسرائيلي الصفقة الأولى إنجازاً، اعتبرتها حماس امتحاناً: إلى أين ممكن الوصول بالصفقة التالية، أي تحرير كبار المخربين و”السجناء الثقيلين”؟
البقاء في الحكم. في بداية الحرب، أفادت وسائل الإعلام بأن مسؤولي حماس يختبئون عن الجيش الإسرائيلي في أنفاق ظلماء، عديمة الوسائل. وبقدر ما سعت هذه التوصيفات لرفع معنويات متردية في إسرائيل، فقد عكست غياب المعلومات عما يجري في غزة التحتية. كلما مر الوقت وعمق الجيش الإسرائيلي دخوله إلى غزة، انكشف مستوى جاهزية حماس للحرب. فقد ضمت الأنفاق غرفاً لإقامة طويلة، ومطابخ، وحمامات ومراحيض، وغرف نوم وأقفاصاً لإسكان المخطوفين. طورت حماس من تحت أنف إسرائيل، إمكانية إنتاج وحشية لوسائل قتالية، وبنت شبكة أنفاق لا تنتهي لتحرك المخربين من ساحة إلى ساحة. جمعت منظمة الإرهاب تمويناً لزعمائها ونشطائها لمواجهة طويلة المدى.
جمع العطف في أوساط الفلسطينيين سكان الضفة الغربية، وطرح بديل محتمل للسلطة الفلسطينية. على خلفية انعدام أداء السلطة، والفساد المرتبط باسمها وتماثلها مع الولايات المتحدة، فقد رفعت هجمة الإرهاب في 7 أكتوبر نجم حماس في أوساط الفلسطينيين في الضفة. في استطلاع نشرته وكالة “AB” للأنباء في منتصف كانون الأول 2023 تبين أن 92 في المئة من الفلسطينيين في الضفة الغربية يعارضون الرئيس أبو مازن ويدعونه للاستقالة. 44 في المئة عرفوا عن أنفسهم كمؤيدين لحماس، و82 في المئة منهم قالوا إن حماس كانت محقة حين شرعت بعملية طوفان الأقصى.
“وحدة الساحات”. الأحداث الثلاثة السابقة كانت متعلقة بقدرات حماس فقط. أما الرابع فيحتاج إلى استجابة شركاء آخرين في “محور المقاومة”. أمل حماس الأكبر كان لخلق “وحدة الساحات” في حرب ضد إسرائيل. في أحداث “حارس الأسوار” نجحت المنظمة في ربط غزة بالقدس. وهكذا غيرت معادلة العلاقات بين إسرائيل والقطاع، وجسدت بأن في أيديها قدرة لإشعال الضفة، بل وجرف عرب إسرائيل في الدعوة للدفاع عن الأقصى”. صحيح أن هذا الهدف لم يتحقق بكامله في 7 أكتوبر، لكن خوض إسرائيل حرباً متعددة الساحات (حماس، الضفة، حزب الله، سوريا واليمن) هو تجسيد لتفجّر الوضع واحتمال دائم لاشتعال يؤدي إلى حرب واسعة.
تجميد أو إلغاء تام لمسيرة التطبيع مع إسرائيل. “اتفاقات إبراهيم” ضربت حماس بالذهول (وكذا إيران أيضاً). وأثبتت إمكانية الوصول إلى تفاهمات مع إسرائيل على أساس مصالح مشتركة، دون حاجة إلى تنازلات إقليمية. فجأة، أزيحت المشكلة الفلسطينية إلى خلفية ساحة النزاع. أما اليوم فلا أحد يتحدث عن تطبيع علاقات مع إسرائيل. الرؤيا العربية، تلك التي تحظى بتأييد أمريكي – أوروبي من الحائط إلى الحائط، هي رؤيا دولة فلسطينية مقابل السلام.
بعد خمسة أشهر من الحرب، نقول إن حماس قريبة من تحقيق أهدافها. درة التاج هي “مخربون”. جر الأرجل من حماس لصفقة المخطوفين يستهدف الاستنزاف وتوسيع الصدوع في المجتمع الإسرائيلي، وتغيير صورة الوضع السياسي فيه ومواصلة كسب الدعم الدولي. ما الذي سيسرق الأوراق من حماس؟ الخطوة الأخيرة المتبقية لإسرائيل للتنفيذ – مناورة برية في رفح.