قامت وزيرة الأشغال العامة ووزيرة البلدية الكويتية نورة المشعان الثلاثاء بزيارة تفقدية شملت موانئ مبارك الكبير في جزيرة بوبيان والشعيبة والشويخ والدوحة، يرافقها وفد حكومي صيني رفيع المستوى يضم خبراء ومهندسين متخصصين بالمشاريع التنموية، في أحدث إشارة رسمية على أن الدولة الخليجية متمسكة بالمشروع الذي يرفضه العراق.
وقالت وزارة الأشغال في بيان، الثلاثاء، إن الوزيرة المشعان جالت والوفد الصيني بمواقع الزيارة يرافقهم سفير الصين لدى البلاد تشانغ جيانوي وكبار المهندسين والمسؤولين بوزارة الأشغال العامة المتخصصين بالمشاريع الحكومية الكبرى.
وتأتي الزيارة تفعيلا لمذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين خلال زيارة أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى الصين الشعبية وإجراء مباحثات رسمية مثمرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر الماضي تتعلق بإنشاء ووضع آليات تطوير مشروع ميناء مبارك الكبير. وفق البيان.
وأفاد البيان بأن الوزيرة المشعان تبادلت مع رئيس وأعضاء الوفد الزائر الخبرات والمقترحات وأجرت معهم مباحثات فنية وميدانية معمقة تركزت على أهمية توثيق العلاقات الإنشائية والاقتصادية المتعلقة بمجالات تنفيذ المشاريع التنموية الضخمة في البلاد.
وأشار إلى أن الطرفين ناقشا مجموعة من المقترحات والتصورات المنشودة التي من شأنها تحقيق مستوى طموح القيادة السياسية العليا للمضي قدما في ترتيب وإرساء قواعد الخطة المستقبلية لتنفيذ مشروع ميناء مبارك الكبير.
ولم تفصح الكويت رسميا عن استئناف الأعمال الإنشائية في ميناء مبارك الواقع بجزيرة بوبيان القريبة من العراق، وهو مشروع لطالما رفضته بغداد.
لكن صحيفة “القبس” تقول إن مشروع ميناء مبارك “يتصدر المشهد الكويتي تنمويا واقتصاديا مع بدء الاستئناف الفعلي لتنفيذه، واتخاذ خطوات عملية وواقعية نحو هذا التوجه، ليكون في مصاف المشروعات التنموية التي تعول عليها الكويت خلال المرحلة المقبلة”.
ويعد ميناء مبارك الكبير أحد أكبر موانئ الشرق الأوسط، ويستهدف الميناء آسيا الوسطى وشرق آسيا، وإحياء طريق الحرير من خلال بوابة الكويت، بالإضافة إلى تعظيم حجم الاستثمارات المحلية واستقطاب الشركات والمستثمرين الأجانب.
ووفق صحيفة “قبس” فإن الميناء سيسهم في رفع كفاءة البنية التحتية للدولة وتطوير الجزء الشمالي للبلاد، ومنح آلاف فرص العمل للشباب الكويتي، بالإضافة إلى تطوير وتعمير جزيرة بوبيان لتكون وجهة سياحية.
وكشفت مصادر مطلعة في الوزارة لـصحيفة “الراي” الكويتية في 23 أبريل الماضي عن وصول نسبة إنجاز المشروع إلى 52 في المئة، إلى جانب تنفيذ جميع الأعمال الخاصة بالطريق الرابط بين الكويت والميناء.
وأعلنت الكويت في مارس الماضي، عن خطط لتخصيص 604 مليون دولار لوزارة الأشغال العامة لإنجاز مشروع ميناء مبارك الكبير خلال العام المالي 2024-2025. وسيحدث المشروع، الذي تبلغ مساحته 1161 هكتارًا، ثورة في البنية التحتية البحرية في الكويت ويعزز مكانتها كلاعب رئيسي في التجارة والنقل الإقليمي.
وبحسب مجلة “ايكونومي ميدل ايست” تؤكد خطة التمويل التزام الحكومة بتسريع مشروع ميناء مبارك الكبير الذي واجه تأخيرات في الماضي. وعند اكتماله سيكون المشروع قادرًا على استيعاب 24 رصيفًا. وستبلغ طاقته الاستيعابية 8.1 مليون حاوية. ولذلك، فإن الميناء سيعزز بشكل كبير القدرات البحرية للكويت، مما يمثل علامة فارقة في مسار التنمية في البلاد.
وكثفت وزارة الأشغال العامة جهودها لتسريع تنفيذ المشروع فاستأنفت طرح المناقصات للمرحلة الأولى من المشروع منذ حوالي ثمانية أشهر. تشمل المناقصات هذه جوانب مهمة مثل تشغيل وصيانة نظام الحماية الكاثودية للميناء.
ووفقا لدراسة الجدوى الخاصة بمشروع ميناء مبارك الكبير، من المرجح أن تبلغ تكلفة المشروع 990 مليون دينار كويتي (3.2 مليار دولار). ويحمل مشروع الميناء أهمية استراتيجية هائلة بالنسبة للكويت، وبمجرد تشغيله، فإنه سيحول الكويت إلى مركز محوري لتجارة الترانزيت والنقل الإقليمي، بالإضافة إلى ذلك، فإنه سيضع الكويت كمركز تجاري ديناميكي في منطقة الشرق الأوسط الأوسع.
ويتضمن مشروع ميناء مبارك الكبير تنفيذ طريق حيوي يربط منطقة الصبية بشرق جزيرة بوبيان، كما يتضمن استكمال رصيف الميناء واستصلاح الأراضي وتصميم معدات المناولة وتعميق الرصيف.
وبحسب الوزارة، فقد اكتمل أيضًا تصميم الممر المائي المشترك مع العراق، مما يعزز إمكانات التواصل والتجارة في الكويت، كما تم إنجاز نحو 90 في المئة من أعمال الطريق الرابط بجزيرة بوبيان وصولاً إلى منطقة الميناء بطول 7 كيلومترات.
وجاءت التحركات الكويتية الأخيرة بعد إبطال المحكمة العراقية العليا لاتفاقية خور عبدالله التي تنظم الملاحة بين البلدين، بالإضافة إلى توقيع بغداد اتفاقا رباعيا لمشروع “طريق التنمية” مع تركيا والإمارات وقطر، وذلك على هامش زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لبغداد مؤخرا.
وفي أبريل 2011، وضعت الكويت حجر الأساس لبناء ميناء “مبارك الكبير” الذي تقدر كلفته بنحو 1.1 مليار دولار في جزيرة بوبيان، على أن يكتمل بناؤه في 2016 وذلك علما بأن الإعلان عن هذا المشروع الضخم صدر أول مرة عام 2007.
وأثارت تلك الخطوة غضبا من جانب الجار العراق، الذي يعتبر أن موقع إنشاء الميناء في جزيرة بوبيان سيعرقل وصوله إلى مياه الخليج التي تعد منفذه الوحيد على البحر. وترفض الكويت تلك الاتهامات.
وفي يوليو من العام ذاته، طلبت بغداد رسميا من الكويت وقف العمل في ميناء مبارك بعد جدل سياسي بين البلدين، لكن الدولة الخليجية رفضت رسميا طلب العراق.
وفي عام 2013، أبرم البلدان اتفاقية تنظيم حركة الملاحة البحرية في خور عبدالله الذي يربط العراق بمياه الخليج.
وتنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبدالله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة “833” الصادر عام 1993، الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت.
ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون أنها تعطي الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد.
لكن المحكمة الاتحادية العراقية العليا، قررت في سبتمبر الماضي عدم دستورية اتفاقية خور عبدالله التي تنظم حركة الملاحة البحرية في الممر المائي الفاصل بين الكويت وبغداد.
وبررت المحكمة قرارها “لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية (واع).