قدّم الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم الجمعة الماضي، خطة جديدة لوقف الحرب قال إن إسرائيل تقترحها وأنها تتضمن ثلاث مراحل تشمل وقفا لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح المحتجزين، وإعادة إعمار القطاع، حاثّا «حماس» على قبول «المقترح الإسرائيلي» وحاثا رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على «تجنّب الضغوط من أعضاء ائتلافه الحاكم الذين يعارضون المقترح».
يقول موقع «الجزيرة» الإنكليزي، اعتمادا على إعلاميين تمت دعوتهم لشرح الخطة يوم الجمعة الماضي، فإن الخطة الجديدة لا يمكن تفريقها عن خطط سابقة وافقت عليها حركة «حماس» فالمرحلة الأولى فيها تقترح وقف إطلاق نار لستة أسابيع يقوم الجيش الإسرائيلي خلالها بالانسحاب من المناطق السكنية في غزة، وتتم مبادلة الأسرى الإسرائيليين، وخصوصا المسنين والنساء منهم، مقابل مئات من السجناء الفلسطينيين، ويعود فيها المدنيون إلى كل غزة، مع دخول 600 شاحنة مساعدات ودعم إنساني يوميا.
تشهد المرحلة الثانية من الخطة مفاوضات بين إسرائيل و«حماس» على إنهاء تام للأعمال العدائية يستمر خلالها وقف إطلاق النار خلال المفاوضات، ويتبع المرحلة الثالثة اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل يسمح بإعادة إعمار القطاع، بما في ذلك 60 بالمئة من المشافي والعيادات والمدارس والجامعات ومباني العبادة التي تضررت أو دمرها الهجوم الإسرائيلي.
سارع مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى تكذيب نسبة الخطة إليه بالتعليق على ما ورد في الاقتراح من وقف تام للأعمال الحربية بالقول إن نتنياهو يصرّ على «عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة» وأنه لا يوافق على أي مبادرة لا تتضمن «تصفية قدرة حماس على الحكم أو شن حرب» في مقابل بيان أصدرته حركة المقاومة قالت فيه إنها «ستتعامل بإيجابية مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من القطاع وإعادة الإعمار وعودة النازحين وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسرى».
أوضح الكاتب اليساري الإسرائيلي جدعون ليفي في مقالة نشرها في صحيفة «هآرتس» تعليقا على الخطة الجديدة، بدوره على التمايز بين موقفي بايدن ونتنياهو بالقول إن الأخير رفض فعليا «اقتراح الرئيس الأمريكي» وإن «حماس، في هذه المرحلة، تريد السلام أكثر من إسرائيل» اعتبر الكاتب، محقا، أن موقف الدولة العبرية يعني «نعم للإبادة الجماعية» و«نعم لإعلان إسرائيل دولة منبوذة» وأن على الإسرائيليين رفض موقف نتنياهو «إلا إذا كنا جميعا مجرمي حرب».
سارع وزير «الأمن القومي» إيتمار بن غفير، وزميله وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى التهديد بالانسحاب من الحكومة ودفعها للانهيار إذا تمت الموافقة على الخطة، في المقابل فقد دعم بعض الساسة الإسرائيليين الخطة، وكذلك أهالي الرهائن الإسرائيليين، كما تحدث بيني غانتس، نائب نتنياهو، وخصمه السياسي الرئيسي، بإيجابية حول الاقتراح ودعا زميليه نتنياهو ويوآف غالانت، وزير الدفاع، للاجتماع لمناقشتها، فيما أعلن يائير لبيد، زعيم المعارضة، موافقته على الخطة.
عالميا، دعت قطر ومصر والولايات المتحدة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل إلى إبرام اتفاق يجسد المبادئ التي حددها بايدن في خطابه الجمعة، وأعلن العديد من حلفاء إسرائيل الغربيين، مثل بريطانيا وألمانيا، دعمهم للخطة، وصادق كذلك على المبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش.
مجموع هذه العناصر يدفع للقول إن مبادرة بايدن تمثّل تغيّرا في الموقف الأمريكي يجب البناء عليه، ورغم الريبة التي أبدتها حركة الجهاد الإسلامي فيها، باعتبار أن واشنطن ما زالت الداعم الأساسي لإسرائيل، فإن ملاحظة الدعم الذي تلقته الخطة من جهات عربية وعالمية، في مقابل التهديد بإسقاط الحكومة الإسرائيلية من قبل بن غفير وسموتريتش، يعني أن موافقة «حماس» ستكون مفيدة سياسيا، وأنها ستكسب منها، سواء رفضتها حكومة إسرائيل (لأسباب تتعلق بأجندة نتنياهو الأقرب إلى بن غفير وسموتريتش، أو خوفا من نتنياهو لسقوط الحكومة مما سيضعه في مسار سيؤدي على المدى الطويل لاستئناف محاكمته وربما إدانته) أو وافقت عليها، لأنها سترجّح خطّا يجمع أمريكا بايدن، مع طيف واسع من القوى الدولية والعربية، ويسير في اتجاه إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع وعودة سكان غزة إلى مناطقهم، وإعادة إعمار القطاع.