منذ اغتيال اسماعيل هنيه، تزايدت التقارير الاعلامية الاسرائيلية حول الظروف التي احاطت باغتياله، مره أن إسرائيل ثبتت برنامج تجسس على هاتف هنية من خلال رسالة «واتساب» مما مكنها من تحديد الموقع الدقيق للمنزل وشن هجوم صاروخي عبر طائرة صغيرة بدون طيار قصفت غرفة هنية مباشرة في الساعة الثانية إلا الربع صباحا. ومره إن المبنى الذي كان يقيم فيه هنيه تعرّض لهجوم من مبنى مجاور.
ومره الاغتيال تم بصاروخ أطلق من غواصة إسرائيلية كانت متواجدة في البحر الإقليمي الإيراني، ومره عبر طائرة مسيّرة أو من طائرة حربية أطلقته إسرائيل من أجواء العراق أو سوريا أو أذربيجان وهو أول تقرير صدر عن عملية الاغتيال.
وآخر تقرير متى كتابة هذه السطور، أن الاغتيال تم عير وضع جهاز المتفجر تحت سرير هنية بواسطة إيرانيين جنّدهم «الموساد» من وحدة أمن «أنصار المهدي» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني. لكن لماذا كل هذه التسريبات والاحتمالات؟
أولًا: إرباك صانع القرار السياسي في إيران: ويأتي هذا الإرباك في سياق الحرب النفسية والإعلامية التي تشنّها إسرائيل ضدّ إيران من خلال رمي الكرة في ملعب الإيراني، لإرباكه وكشف ضعفه الاستخباراتي، والتشكيك في كل الدوائر الأمنية المكلفة حماية إسماعيل هنية. ، وتعويم تبعات الواقعة بما يُضاعف تكاليفها المختلفة بالنسبة إليه داخلياً وإقليمياً، ومن ثمّ التشكيك فيما يُروّجه من دعمه حركاتِ المقاومة في المنطقة، في وقتٍ عجز عن تأمين أحد قادة هذه المقاومة حلَّ ضيفاً رسميًا على صانع القرار ، للمشاركة في مراسم تنصيب رئيسها الجديد!!.
ثانيًا: حماية الحليف: وخاصة إن أحدة التقارير الاغتيال أشارت بأن اسرائيل استخدمت الأجواء الجوية لإحدى الدول القريبة من إيران، فأردات إسرائيل بهذه التسريبات حماية حليفها من الغضب الإيراني في حال كشف أمره.
ثالثًا: اخفاء الحقيقة: لم تعلن إسرائيل حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم كما لم يعلق المسؤولين الإسرائيليين على مقتل هنية، وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن إسرائيل “لن تعلق” على مقتل إسماعيل هنية في طهران. لماذا؟ لأن الاغتيال سلوك أساسي لدى إسرائيل، طالما انشغلت فيها أدمغة وعقول وصرفت بها طاقات ضخمة، فقد ظلت إسرائيل وعبر جهازها الموساد أكثر قدرة على اغتيال شخصيات عربية وفلسطينية بارزة، رأوا بأنها تؤثر في مجرى الصراع. قائمة طويلة من الأسماء التي تم تصفيتها، لم يستثنوا أحد من المطلوبين. فالموساد الإسرائيلي يصبح أكثر شراسة عندما يتعلق الأمر بشخص بدا كإسماعيل هنية قادر على التأثير في منظومة إسرائيل الأمنية. ومن هنا يأتي سبب اخفاء الحقيقة والكشف عنها رسميًا فيما بعد.
أن مزاد الاحنمالات حول اغتيال اسماعيل هنيه لا تقلّ خطورة عما يجري الآن من حرب وتوترات إقليمية وأن معرفة الحقيقة، أو جهلها، سيكونان من العناصر الفاعلة في الرد المقبل الإيراني على إسرائيل، وفي التطوّرات اللاحقة علي الرد ، والتي قد تأخذ مسارين، احداهما أما الذهاب إلى حرب قد تكون واسعة ومفتوحة وإما أن يمهد حدث سياسي وأمني كبيرين كاغتيال إسماعيل هنية الطريق للوصول إلى هدنة في الحرب الجارية كتسوية سياسية ثمنها دماء هنية.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتييجة
وحدة الدراسات الإقليمية