عرض بريطاني يوقظ توجّس سوريا من أبراج المراقبة على الحدود اللبنانية

عرض بريطاني يوقظ توجّس سوريا من أبراج المراقبة على الحدود اللبنانية

دمشق – استفاق النظام السوري بعد سنوات على الخطر الذي يمكن أن تشكله أبراج المراقبة البريطانية على طول الحدود السورية – اللبنانية والممتدة من مصب النهر الكبير في الشمال إلى ما بعد منطقة راشيا في البقاع.

ويرى مراقبون أن ظهور الهواجس الأمنية السورية بعد نحو ثلاثة عشر عاما من بناء الأبراج، يرتبط بعرض بريطاني كان طرحه وزير الخارجية ديفيد كاميرون على الحكومة اللبنانية في زيارته الأخيرة إلى بيروت، والتي تضمنت إنشاء أبراج مماثلة على الجبهة الجنوبية بين لبنان وإسرائيل.

وكانت زيارة كاميرون إلى لبنان تندرج في سياق إعادة الهدوء إلى المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل، والتي تشهد تصعيدا منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وأرسلت الخارجية السورية مذكرة احتجاج لنظيرتها اللبنانية معتبرة أن الأبراج الموجودة على حدود البلدين تمس بالأمن القومي السوري. وقالت الوزارة السورية في المذكرة إن الأبراج تشكل تهديدا على عدة مستويات أوّلها المعدات الاستعلامية والتجسسيّة الحساسة التي تتضمّنها منظومات الأبراج، و”التي تسطع إلى مسافات عميقة داخل الأراضي السورية وتجمع المعلومات عن الداخل السوري”.

وبحسب المذكرة السورية، التي كشفت عنها صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله فإن “الناتج المعلوماتي من هذه المعدّات، يصل إلى أيدي البريطانيين، وأن العدو الإسرائيلي يستفيد من الناتج لاستهداف الأراضي السورية وتنفيذ ضربات في العمق السوري”. كما تشير المذكرة إلى “حضور بعض الضباط البريطانيين إلى الأبراج”.

وتطرقت المذكرة في جزئها الثاني، إلى القانون الدولي المتعلّق بالحدود المشتركة بين الدول، إذ يفرض القانون الدولي على الدولة الأولى – أي لبنان – (في حال عدم وجود حرب بين الدولتين) تزويد الدولة الثانية بالناتج المعلوماتي من أبراج المراقبة التي تنشئها على حدود الثانية. أما في حال الحرب، فيحقّ للدولتين إنشاء أبراج متقابلة على مسافة صفر من جانبَي الحدود.

وطالبت المذكّرة الحكومة اللبنانية بالتوضيح واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأمن المشترك.

وعلق وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبدالله بوحبيب على الاحتجاج السوري الجمعة بالقول إن لبنان لا يقبل بأن تشكل هذه الأبراج أي أمر عدائي تجاه سوريا، مجددا التأكيد على أن الهدف الأول منها هو مراقبة الحدود ووقف عمليات التسلل والتهريب.

وأوضح بوحبيب أن وزارة الخارجية تنتظر رد الجيش اللبناني على المذكرة السورية لصياغة جوابها، منوّها بأن التشاور حول هذه المسائل الكبرى يتم على أعلى المستويات داخلياً من أجل الخروج بالحلول الأنسب التي تضمن استقرار لبنان.

ووفق معلومات أوردها موقع الجيش اللبناني، فإن أبراج المراقبة المقدمة من بريطانيا والتي تمّ تشييدها على الحدود اللبنانية السورية منذ العام 2012، مجهّزة بوسائل اتصال وكاميرات مراقبة، وقد مكّنت الجيش اللبناني وتحديدا أفواج الحدود البرية من تغطية ما يقارب خمس وستون بالمئة من الحدود، بعدما كان قد درّب عليها أكثر من ستة آلاف من عناصر الوحدات الخاصة في الجيش.

ويندرج تشييد الأبراج في سياق الدعم البريطاني للجيش اللبناني عبر تقديم تجهيزات ومعدات عسكرية جرى تسليمها إلى ألوية الحدود البرية، من ضمنها آليات ودروع للأفراد وأجهزة لاسلكية وسواتر دفاعية وكاميرات مراقبة بعيدة المدى، وذلك بهدف منع ورصد وضرب كل العمليات غير الشرعية عبر الحدود.

وبحسب الموقع، تقوم أفواج الحدود البرية بمهمات خاصة بضبط الحدود عبر أبراج المراقبة ونقاط المراقبة الحدودية، وكاميرات المراقبة الثابتة والمتحركة الموزّعة على كامل قطاعاتها، مشيرا إلى أن عناصر الفوج يخضعون لتدريباتٍ ودورات خاصة تشمل المدافعة عن برج، والمهارات القتالية، والكاميرا المتحركة، ومراقبة الحدود وضبطها؟

كما ينفّذ الفوج دورات تدريبية حول نظام “دي تي أر أ” المعتمد في أبراج المراقبة، والذي يؤمّن المراقبة والاتصال بينها وبين قيادة الفوج والوحدات وقيادة الجيش.

وأكد المنسق العام للحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين النقيب مارون الخولي “أن الأبراج التي أنشأها البريطانيون لصالح الجيش اللبناني لا تشكل أي تهديد للأمن القومي السوري، بل هي بمثابة أداة حيوية لأمن الحدود والاستقرار. وأعرب الخولي عن رفضه للمذكرة المقدمة من الحكومة السورية إلى نظيرتها اللبنانية، مشددا على أن مخاوف الحكومة السورية لا أساس لها، وخلفيتها سياسية بحتة.

وقال إن تلك الأبراج قائمة منذ عقود وقد لعبت دورا حاسما في ردع عمليات التهريب عبر المعابر الحدودية غير الشرعية، وسواها من التهديدات الأمنية. إلى ذلك فهي تساهم في تأمين الاستقرار للدولتين من خلال منع تسلل الجماعات المسلحة وتدفق البضائع غير القانونية.

وأوضح الخولي في تصريح لـ”المركزية” أن الأسباب تعود إلى المشروع المقترح للحدود الجنوبية مع إسرائيل الذي طرحه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون على الحكومة اللبنانية في زيارته الأخيرة إلى لبنان، ويتضمن تشييد أبراج عند الحدود الجنوبية، ترصد بعمق خمسة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية والمسافة نفسها في عمق الأراضي الإسرائيلية على أن يبدأ العمل على المشروع في بقعة صغيرة ليتوسع لاحقا على كامل الحدود.

واعتبر المنسق العام للحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين أن مخاوف الحكومة السورية من تشييد الأبراج على الحدود الجنوبية مع إسرائيل مردها “إلى أن عملية الرصد والمراقبة ستشمل أراضي شبعا وكفرشوبا التي لم تعترف بها سوريا بعد بأنها تابعة لها، وبالتالي فإن المشروع المقرر يبطل حجة حزب الله بحقه في المقاومة لتحرير الأراضي المتنازع عليها مع إسرائيل”.

العرب