فدون سابق إنذار، أغلقت قوات النظام كافة مداخل الحي، مانعة دخول وخروج المدنيين ودخول أي نوع من المواد الغذائية والتموينية، في خطوة يبدو أنها لا تدخل في حسابات اتفاق وقف الأعمال العدائية الساري في البلاد منذ نهاية فبراير/شباط الماضي.
وتطرق وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف إلى حصار حي برزة من ضمن عشر مناطق جديدة دخلت في عداد المناطق التي يحاصرها النظام، والتي ارتفعت من 15 إلى 25 خلال شهر واحد فقط.
ويقطن حي برزة 150 ألف مدني، ويُعد شريان حياة لأحياء تشرين والقابون وغرب حرستا التي يسكنها ما يزيد على مئتي ألف معظمهم نازح من غوطة دمشق الشرقية، إذ يعتمد أهالي هذه المناطق على المدخل الوحيد الذي يربط برزة بالعاصمة دمشق للتنقل والحصول على كافة مستلزماتهم، وهو مدخل أُوصد تماما في وجههم، ليخيم عليهم شبح الحصار والجوع من جديد.
الحاج أبو وليد -رجل ستيني- تمنّى في حديثه للجزيرة نت ألا يطول هذا الحصار الجديد، الذي شكّل عبئا جديدا يضاف إلى هموم سكان المنطقة.
ونوّه أبو وليد إلى بدء نفاد كافة المواد الغذائية من المحال وحتى المنازل، وهي إن وجدت فتكون بأسعار مرتفعة يعجز عنها معظم الأهالي، وقال “سعر ربطة الخبز 350 ليرة (نحو دولار واحد)، إنه حصار فوق الحصار”.
أما أبو عمار -شاب ثلاثيني- فوصف للجزيرة نت الوضع في المنطقة “بالمأساوي”، وقال إن الأهالي مُنعوا من إدخال أي مستلزمات، ولم يسمح لطلاب المدارس والجامعات بالخروج لمتابعة تعليمهم.
وأكد أن النظام منع من كان خارج الحي قبل الحصار من العودة، وتحدث عن عشرات الأهالي الذين يفترشون الأراضي والحدائق والجوامع خارج الحي منتظرين إذناً بالدخول إلى منازلهم والعودة لعائلاتهم.
وبحسب عدنان الدمشقي -أحد نشطاء برزة الإعلاميين- فإن النظام يتّهم مقاتلي المعارضة باختطاف سبعة ضباط و11 عسكرياً من طريق مشفى تشرين، الذي يقع تحت سيطرة النظام، الأمر الذي نفته كافة الفصائل العسكرية المتواجدة في المنطقة.
ولهذه الفصائل وجهة نظر مختلفة، فهي -وفق الدمشقي- تؤكد تعيين قوات النظام عقيداً يدعى يوسف عباس من الحرس الجمهوري مسؤولاً عن برزة بشكل كامل، وباشر مهامه بحصار الحي سعياً لفرض تنفيذ عدد من الشروط، ومنها رفع العلم السوري داخل الحي وتسليم المقاتلين سلاحهم الثقيل، ومن ثم تسوية أوضاعهم مع الحكومة السورية، وهي شروط ترفضها كافة الفصائل بشكل قاطع.
وأشار الناشط الإعلامي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الحصار المفاجئ دفع عدداً من المنظمات المحلية والمدنية والمكاتب العسكرية لمحاولة تأمين جزء من حاجات المدنيين من مواد غذائية وطبية، دون أن تنجح في سد كامل المتطلبات، وذلك بسبب الأعداد الكبيرة للسكان وسوء أوضاعهم المعيشية.
وأشار إلى أن لجنة المصالحة التابعة لحي برزة، وبالتنسيق مع مجلس عسكري موحد من كافة الفصائل، تسعى لإعادة فتح مداخل الحي والسماح للمدنيين بحرية الحركة، لكن لم تتمكن من ذلك حتى الآن، إذ يمتنع النظام عن الاستجابة لمحاولاتها، مهدداً بطرق غير مباشرة وعبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بتحويل برزة “لمضايا” أخرى، في إشارة إلى البلدة الواقعة غرب دمشق، التي يعاني عشرات الآلاف من سكانها من حصار مطبق منذ أشهر، وأدى إلى وفاة عدد منهم جوعاً ومرضاً.
سلافة جبور
الجزيرة نت