اعترف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالمهمة الحقيقية للقوات التي أرسلها إلى سورية، ونفى ما كان قد قدّمه في الماضي من أقوال متعارضة حول تدخله العسكري، ووضع حدّاً لتخميناتٍ مفعمةٍ بالتخبط، تكاثرت بعد إصدار أمره إلى وزير دفاعه بـ “إعادة القسم الأكبر من القوات الروسية” إلى بلادها، وقوله، ما ملخصه، إن مهمة قواته المتبقية في سورية ستقتصر على مراقبة وقف إطلاق النار ودعم العملية السياسية، وهما مهمتان تحظيان بتأييد روسي، وصارتا ممكنتين، بسبب ما أحدثه تدخله العسكري من تبدّل في ميزان القوى لصالح النظام، من جهة، والتكلفة المادية المرتفعة لحملة القصف الجوي الكثيف التي لم يعد هناك ما يبرّرها، بعد تحقيق هدفها، من جهة أخرى.
تمكن قراءة هذا الكلام على النحو التالي: بعد أن حققنا التحول في ميزان القوى ضد الجهة التي كانت تهدد النظام، وهي الجيش الحر وفصائله، تحولت مهمتنا، وصارت المحافطة على الوضع الذي أنتجناه، وهذا ممكن اليوم بواسطة القوة العسكرية التي سنتركها في سورية، وستواصل القتال إلى جانب النظام الأسدي، حفاظاً على تفوقه النسبي الذي تكفلنا بتحقيقه لصالحه، ويجب اعتماده أرضية يبني عليها الحل السياسي المطلوب، انطلاقاً من تعزيز مواقع النظام في مفاوضات جنيف حول السلام.
لم يتغير موقف روسيا تجاه المعضلة السورية، على العكس مما روجه فهمٌ شاع، بعد قرار تخفيض عدد الطائرات الروسية في سورية، ذهبت تفسيراته مذاهب متناقضة، فادعى قسم منه أن روسيا هزمت، وفرّت من المعركة، لتنجو من فخ نصب لها بعد فخ أفغانستان الأول، بالهزيمة المهينة التي ترتبت عليه، وأودت بالاتحاد السوفييتي. بينما أعرب قسم آخر عن إعجابه بمهارات بوتين الاستراتيجية التي مكّنته من دخول سورية، والخروج منها في الوقت الذي اختاره، ويفسر عنصر المفاجأة عند الدخول والأمان عند الخروج، والنجاة من الأفخاخ التي نصبت له، بل وفرض إرادته على الأميركيين وغيرهم.
هل أنجز بوتين في سورية مهام كانت أميركا ترفض أم تريد تحقيقها؟ وهل كانت لتمكّنه من الدخول إلى سورية والبقاء فيها، وليس الانسحاب، لو لم يكن دوره فيها جزءاً من تفاهم على حل سياسي، يُراعي مصالحها، تتلمسه، خطوةً بعد أخرى، وبتتابع حثيث، عبر وزير خارجيتها، جون كيري، الذي لا يكاد يغادر الطائرة راجعاً من موسكو، حتى يعود إليها، تنفيذاً لتفاهمٍ نلمس مرتسماته العملية في مفاوضاته هناك، حيث يعالج الصعوبات الكثيرة جداً والملحوظة، التي يواجهها مبعوث الأمم المتحدة، دي ميستورا، والمجتمع الدولي، في جهودهما لتجاوز ما يضعه النظام الأسدي من عقباتٍ متنوعةٍ وكأداء أمام تطبيق قراراتٍ دولية عديدة، يعني تطبيقها الاستجابة لمطالب السوريين، بإزاحة كابوس الأسدية عن صدورهم، ونقلهم إلى نظام ديمقراطي، أعلنوا، طوال أعوام الثورة الخمسة، تصميمهم على بلوغه، مهما تطلب من تضحيات؟
هل أوقفت موسكو هجماتها ضد الجيش الحر، وقلصت وجودها العسكري في سورية، لأن بديل ذلك كان سقوط تفاهمها مع واشنطن بشأن الحل السياسي السوري، ووقوعها في فخ خطير اجتياز خط أميركي أحمر، أعلن عن وجوده وزير خارجية واشنطن في حديثه عن “خطة ب ” تتم دراستها، واستعداد السعودية وبلدان عربية أخرى لإرسال قوات برية من أجل القتال في سورية، بينما أدت خطوتها إلى الإبقاء على تفاهمها مع واشنطن، وتمتعها بالهيمنة على جزء من سورية وشاطئ المتوسط الشرقي، وتجنب نكسة معنوية، سياسية وعسكرية، قد تدمر ما بناه بوتين، بجهد جهيد من مكانة لدى شعبٍ يعاني الأمرّين اقتصادياً، تحاول “داعش” اختراقه وتوجيه ضرباتها إلى مدنه، وقتل مواطناته ومواطنيه وإرهابهم.
لم ينسحب بوتين من سورية، بل قلص وجود جيشه فيها، وأبقاه في حدود تقبلها أميركا، سواء في ما يتعلق بموازين القوى معها، أم بترك باب الحل السياسي مفتوحا، لسورية وما وراءها من بلدان ودول. ولو فعل غير ذلك، لكان ربما ارتكب غلطة فادحة الثمن، ويصعب تصحيحها.
تمكن قراءة هذا الكلام على النحو التالي: بعد أن حققنا التحول في ميزان القوى ضد الجهة التي كانت تهدد النظام، وهي الجيش الحر وفصائله، تحولت مهمتنا، وصارت المحافطة على الوضع الذي أنتجناه، وهذا ممكن اليوم بواسطة القوة العسكرية التي سنتركها في سورية، وستواصل القتال إلى جانب النظام الأسدي، حفاظاً على تفوقه النسبي الذي تكفلنا بتحقيقه لصالحه، ويجب اعتماده أرضية يبني عليها الحل السياسي المطلوب، انطلاقاً من تعزيز مواقع النظام في مفاوضات جنيف حول السلام.
لم يتغير موقف روسيا تجاه المعضلة السورية، على العكس مما روجه فهمٌ شاع، بعد قرار تخفيض عدد الطائرات الروسية في سورية، ذهبت تفسيراته مذاهب متناقضة، فادعى قسم منه أن روسيا هزمت، وفرّت من المعركة، لتنجو من فخ نصب لها بعد فخ أفغانستان الأول، بالهزيمة المهينة التي ترتبت عليه، وأودت بالاتحاد السوفييتي. بينما أعرب قسم آخر عن إعجابه بمهارات بوتين الاستراتيجية التي مكّنته من دخول سورية، والخروج منها في الوقت الذي اختاره، ويفسر عنصر المفاجأة عند الدخول والأمان عند الخروج، والنجاة من الأفخاخ التي نصبت له، بل وفرض إرادته على الأميركيين وغيرهم.
هل أنجز بوتين في سورية مهام كانت أميركا ترفض أم تريد تحقيقها؟ وهل كانت لتمكّنه من الدخول إلى سورية والبقاء فيها، وليس الانسحاب، لو لم يكن دوره فيها جزءاً من تفاهم على حل سياسي، يُراعي مصالحها، تتلمسه، خطوةً بعد أخرى، وبتتابع حثيث، عبر وزير خارجيتها، جون كيري، الذي لا يكاد يغادر الطائرة راجعاً من موسكو، حتى يعود إليها، تنفيذاً لتفاهمٍ نلمس مرتسماته العملية في مفاوضاته هناك، حيث يعالج الصعوبات الكثيرة جداً والملحوظة، التي يواجهها مبعوث الأمم المتحدة، دي ميستورا، والمجتمع الدولي، في جهودهما لتجاوز ما يضعه النظام الأسدي من عقباتٍ متنوعةٍ وكأداء أمام تطبيق قراراتٍ دولية عديدة، يعني تطبيقها الاستجابة لمطالب السوريين، بإزاحة كابوس الأسدية عن صدورهم، ونقلهم إلى نظام ديمقراطي، أعلنوا، طوال أعوام الثورة الخمسة، تصميمهم على بلوغه، مهما تطلب من تضحيات؟
هل أوقفت موسكو هجماتها ضد الجيش الحر، وقلصت وجودها العسكري في سورية، لأن بديل ذلك كان سقوط تفاهمها مع واشنطن بشأن الحل السياسي السوري، ووقوعها في فخ خطير اجتياز خط أميركي أحمر، أعلن عن وجوده وزير خارجية واشنطن في حديثه عن “خطة ب ” تتم دراستها، واستعداد السعودية وبلدان عربية أخرى لإرسال قوات برية من أجل القتال في سورية، بينما أدت خطوتها إلى الإبقاء على تفاهمها مع واشنطن، وتمتعها بالهيمنة على جزء من سورية وشاطئ المتوسط الشرقي، وتجنب نكسة معنوية، سياسية وعسكرية، قد تدمر ما بناه بوتين، بجهد جهيد من مكانة لدى شعبٍ يعاني الأمرّين اقتصادياً، تحاول “داعش” اختراقه وتوجيه ضرباتها إلى مدنه، وقتل مواطناته ومواطنيه وإرهابهم.
لم ينسحب بوتين من سورية، بل قلص وجود جيشه فيها، وأبقاه في حدود تقبلها أميركا، سواء في ما يتعلق بموازين القوى معها، أم بترك باب الحل السياسي مفتوحا، لسورية وما وراءها من بلدان ودول. ولو فعل غير ذلك، لكان ربما ارتكب غلطة فادحة الثمن، ويصعب تصحيحها.
ميشيل كيلو
صحيفة العربي الجديد