شهدت اسواق النفط العالمية حركة نشطة خلال الفترة الماضية، ووصلت كمية الانتاج الى اعلى مستوياتها في التاريخ الحديث لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ما يقرب من 32.9 مليون في شهر حزيران / يونيو ، وفقا لنشرة المنظمة الإحصائية الشهرية .
هذا الحال بالنسبة لمنظمة اوبك، التي تبدي تفاؤلاً بتحسن ميزان العرض والطلب النفطي خلال الفترة المقبلة. وعبرت مجموعة من وزراء «أوبك» في تصريحات أخيرة عن احتمال تحسن الأسواق في الشهور المقبلة، بناء على المعطيات الاقتصادية المتوافرة.
استمرار اختلال ميزان الطلب والعرض على الرغم من تعافي الطلب وانخفاض الإمدادات من خارج منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) واستمرار ارتفاع إنتاج (أوبك) ذاتها إلى 2ر33 مليون برميل يوميا.
وصدر مؤخرا التقرير الشهري لمنظمة «أوبك» عن الأسواق، وفيه تصورات أولية للمنظمة لأسواق النفط خلال عام 2017 تشير الى إمكان تحسن الطلب على نفط أقطار المنظمة الى نحو 33 مليون برميل يومياً (أي أكثر من الإنتاج الحالي)، بزيادة تبلغ 142 ألف برميل يوميا مقارنة بالإنتاج المسجل في يونيو/حزيران الماضي. ما سيشكل زيادة في الطلب عليه تبلغ نحو 1.1 مليون برميل يومياً قياساً الى مستويات هذه السنة.
وعلى ضوء زيادة الطلب هذه، تتوقع المنظمة أن تنخفض تخمة المخزون النفطي العالمي عن العام الحالي ، اما إحصاءات «أوبك» فتشير الى أن المخزون التجاري لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الدول الصناعية الغربية) بلغ 3.063 مليون برميل في أيار /مايو الماضي. وهذا يعني أن مستوى المخزون يبلغ 329 مليون برميل أكثر من المعدل للسنوات الخمس الماضية. ويشكل هذا المخزون نحو 65.9 يوم من الاستهلاك في الدول الصناعية الغربية، أو 6.7 يوم أعلى من معدل السنوات الخمس الماضية.
من جهة اخرى رجحت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الشهري ، استقرار نمو الطلب العالمي على النفط في العام 2017 عند حوالي 1.3 مليون برميل يوميا وهو نفس مستوى تقديراتها للعام الحالي، لافتة إلى أنها تتوقع تسجيل ارتفاع قليل في مخزونات النفط العالمية في النصف الأول من العام المقبل، لتعود بعدها للانخفاض وخاصة في النصف الثاني من ذات العام بحدود مائة الف برميل يوميا .
كما توقع البيت الاستشاري “بيرا” أنه سيتم تحقيق توازن السوق بشكل متكامل في عام 2017، وفي عام 2018 تعود الأسواق إلى حالة من ارتفاع الطلب عن المعروض وهبوط في مستويات المخزون تعمل معاً لدعم أسعار النفط. وتوقعت المنظمة الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.2 ليصل متوسط الطلب إلى 95.3 مليون برميل يوميا.
وفي ما يتعلق بسوق النفط العالمية، تتوقع المنظمة نمو الطلب العالمي 1.2 مليون برميل يوميا، خلال عام 2017، اذ ان الجزء الأكبر من هذا النمو سيأتي من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وبحسب توقعات “اوبك” فأن معدل الانخفاض من الدول غير الأعضاء سيكون أسرع من معدل زيادة الإنتاج. بمعنى استمرار انحسار الإنتاج من تلك الدول خلال عام 2017، لكن بوتيرة أبطئ منها هذه السنة بنحو 0.18 مليون برميل يومياً ونحو 0.13 مليون برميل يومياً من دول الاتحاد السوفياتي السابق.
كما ذكرت المنظمة أن الإنتاج من خارج “أوبك” ويرجح ان يكون الانخفاض الاكبر بأعلى معدلاته من المكسيك والولايات المتحدة والنروج وكولومبيا، وروسيا واذربيجان وكازاخستان وفيتنام. بينما يتوقع أن تكون أعلى معدلات الزيادة في البرازيل بنحو 0.26 مليون برميل يومياً وكندا 0.15 برميل.
وتشير توقعات المحللين الى بيانات اقتصادية أفضل من المتوقع من الصين والولايات المتحدة اسهمت في رفع الاسعار على أمل يتعزز الطلب في النصف الثاني من عام 2016والاستثمار في البنية التحتية للقطاع النفطي والمستوى الحالي للمخزون النفطي في الولايات المتحدة وفي غيرها من الدول الكبرى المستهلكة للنفط في العالم.
يشار الى ان المنظمة قد توقعت زيادة إمدادات النفط هذا العام بعد رفع العقوبات عن إيران وتعزيز إنتاجها من الخام بما عـوض تعطـل بعض مـن الإمـدادات داخل المنظمة فضلا عـن خسائر المنتجون خارج المنظمة بعد انهيار الأسعار.
ويبقى القول إن تذبذب السوق النفطي حاليا يضفي حالة من الضبابية على سوق يسعى إلى التوازن بوتيرة بطيئة تؤثر فيها التطورات العالمية سواء على الطلب أو الإمدادات النفطية، وحتى لو كانت توقعات اوبك تبعث على التفاؤل تبقى عوامل السوق والمتغيرات حاضرة دائما . كل ذلك يعني أن على سوق النفط ألا تتوقع الكثير لغاية الاجتماع الوزاري المقبل في يوم 30 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل وهو ماقد يحمل في طياته اخبار تغير معادلة السوق النفطية، مالم تطرأ أحداث جديدة تؤثر على قرارات الاجتماع المرتقب .
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية