نفذت الميليشيات الشيعية هجوما ضد الجيش الإسرائيلي، مما أسفر عن مقتل جنديين، لترد إسرائيل الفعل بصفة فورية. فلماذا هذا التصعيد؟
نفذ حزب الله اللبناني “مجموعة شهداء القنيطرة الأبرار في المقاومة الإسلامية”، الأربعاء 28 يناير، هجوما ضد الجيش الإسرائيلي في المنطقة المحتلة على الحدود اللبنانية مما أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين وعدد من الجرحى، وهو ما جعل إسرائيل تقوم بقصف انتقامي على جنوب لبنان.
وفي أول ردة فعل على هذا الهجوم الذي وقع في منطقة مزارع شبعا، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الجيش مستعد لرد الفعل “بقوة وعلى جميع الجبهات”. فما هي أسباب تجدد التوتر بين إسرائيل وحزب الله؟
ردا على غارة 18 كانون الثاني
الهجوم الذي تبناه حزب الله الشيعي اللبناني يوم الأربعاء هو ردة فعل واضحة على الغارة الإسرائيلية في 18 يناير/كانون الثاني في منطقة القنيطرة في سوريا، حيث إن ما أعلنه الجناح العسكري لحزب الله للصحافة كان واضحا: “عند الساعة 11.25 من صباح هذا اليوم، قامت مجموعة شهداء القنيطرة الأبرار في المقاومة الإسلامية باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطا وجنودا صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو“.
ويتضح من خلال التسمية “شهداء القنيطرة” أن حزب الله يشير مباشرة إلى الغارة التي نفذتها إسرائيل والتي أودت بحياة ستة أعضاء من الميليشيا الشيعية، بما فيهم نجل عماد مغنية، القائد العسكري الذي اغتيل سنة 2008، وبمعية جنرال إيراني. هذا وسبق أن هدد حزب الله، الذي يدعّم عسكريا نظام بشار الأسد في حربه ضد المتمردين والجهاديين، بالانتقام من منفذي هذه الغارة.
ولم تتبنَ إسرئيل، كما أنها لم تنفِ، رسميا مسؤوليتها عن الغارة ضد حزب الله في سوريا ولكنها كانت تتوقع ردة فعل. فبعد يوم من الهجوم يوم 19 يناير/كانون الثاني، أعلنت شبكة سكاي نيوز أن الجيش الإسرائيلي كان يخطط لنشر بطاريات صواريخ متعددة “القبة الحديدية” على طول الحدود الشمالية.
وقد جمع وزير الدفاع، موشيه يعلون، رئاسة الأركان لبحث الأوضاع الجديدة، وكانت الفرضية أن حزب الله لن يرد الفعل على الفور تجنبا لعملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق ضده، إلا أنه، وبعد عشرة أيام، ها هو حزب الله يرد الفعل.
اتهامات بنقل الأسلحة
وتبقى النقطة المركزية في التوتر بين حزب الله وإسرائيل هي قضية نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عبر سوريا.
وقد تم اتهام إسرائيل، في أوائل ديسمبر، بوقوفها وراء الهجومين ضد جنود حزب الله في المناطق القريبة من دمشق، بما في ذلك في المطار الدولي. ومن دون إعلانها صراحة مسؤوليتها عن هذه الضربات، كان قد أعلن وزير الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينتز للإذاعة الإسرائيلية:
“لدينا سياسة دفاع لا هوادة فيها تهدف إلى أقصى حد ممكن لمنع نقل الأسلحة المتطورة في اتجاه المنظمات الإرهابية“، في إشارة إلى حزب الله.
ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد تم توجيه الضربات الجوية نحو قافلة أو مخزون لأسلحة “متطورة” (صواريخ مضادة للدبابات، أرض-جو) موجهة لحزب الله.
حزب الله العدو رقم 1
بالنسبة لإسرائيل، فقد تم ترتيب حزب الله منذ بضعة أشهر على أنه العدو رقم 1 في قائمة أعداء الدولة اليهودية. وقد جمعتهما علاقات متوترة تحولت سنة 1996 و2006 إلى حرب شاملة من دون أن تستطيع الدولة اليهودية أن تهزم خصمها. ولا تزال المنطقة ساحة توتر وحوادث تقع بانتظام على طول الخط الأزرق، الذي يحدد الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ انسحاب إسرائيل في عام 2000 من جنوب لبنان بعد 22 عاما من الاحتلال.
وقدّر زعيم حزب الله حسن نصر الله، منتصف يناير، في مقابلة مع المحطة التلفزيونية العربية “الميادين” والتي مقرها في بيروت، أن “الغارات المتكررة على أهداف مختلفة في سوريا تشكل انتهاكا خطيرا“، مضيفا: “أي ضربة ضد مواقع في سوريا فهي تستهدف كل محور المقاومة [دمشق وطهران وحزب الله]، وليس فقط سوريا”، مشيرا إلى أن “هذا المحور يمكن أن يرد الفعل“.
كما أعلن حزب الله للمرة الأولى أنه يمتلك الصواريخ الإيرانية فاتح 110 منذ سنة 2006 والتي يصل مداها الأراضي الإسرائيلية. هذا البيان الذي أكد لإسرائيل أن هناك نقلا للأسلحة بين إيران وحزب الله.
اقتراب الانتخابات البرلمانية؟
وبدأت هذه الغارات الإسرائيلية على سوريا قبل بضعة أسابيع من الانتخابات الإسرائيلية المبكرة المحددة ليوم 17 مارس. وبالفعل، فمع الضربات الجوية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في ديسمبر بالقرب من دمشق، كان تعليق الصحف وقتها أن هذه الغارات سيكون لها تأثير على الحملة الانتخابية التي يريد نتنياهو الفوز فيها مرة أخرى.
وقال أليكس فريشمان، الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، ساخرا: “نحن نعطي “لمسؤول راشد”، بشار الأسد، قرار تحديد جدول أعمال الانتخابات المقبلة“.
ويركّز نتنياهو على الملف الأمني بهدف الفوز بهذه الانتخابات، في حين ندد معارضوه بذلك معتبرين أن وراء هذه الغارات أغراضا سياسية.
وقال النائب الإسرائيلي ايلان جيلون، من حزب اليسار ميرتس: “آمل أن لا تكون هذه الغارات بداية الحملة الانتخابية لحزب الليكود“.
وكانت إجابة يوفال شتاينتز، من حزب الليكود أن “أولئك الذين يتهمون نتنياهو بأنه أمر بالغارات الجوية في سوريا لأهداف سياسية هم سخيفون وأشرار“.
نقلا عن التقرير