يتوقع متابعون مغاربة أن عودة الرباط إلى الاتحاد الأفريقي لن تنعكس على مستقبل النزاع حول الصحراء الغربية فقط، بل ستكون لها تبعات ورهانات اقتصادية، وستدفع نحو الانكباب على قضايا مكافحة الإرهاب وإدارة الأزمات ومواجهة التهافت الخارجي الذي تتعرض له أفريقيا.
وأظهرت ردود الفعل في المغرب التي أعقبت مصادقة الاتحاد الأفريقي أول أمس الاثنين على عودة البلاد للمنظمة القارية، أن الشعور الوطني لدى المغاربة تعزز أكثر ولا سيما عقب الصعوبات التي واجهت طلب انضمام الرباط للاتحاد.
انتصار
ويرى الباحث في الشؤون الأفريقية أحمد نور الدين أن انضمام المغرب كان سيكون أمرا “إجرائيا عاديا لولا العراقيل والمناورات التي جعلت من لحظة الانضمام لحظة انتصار وتوهج للشعور الوطني لدى كل المغاربة”.
ويشير الباحث في الشؤون الإستراتيجية خالد يايموت إلى أن أغلب المغاربة أيدوا رجوع المغرب للعمل داخل المنظمة القارية، وتؤيد الأحزاب السياسية والنخب الاقتصادية هذه العودة، وترى فيها انتصارا دبلوماسيا واقتصاديا.
لكريني: عودة المغرب ستكسر منطق الصوت الأحادي في الاتحاد بشأن الصحراء (الجزيرة)
ويقول إدريس لكريني مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بجامعة القاضي عياض بمراكش إن انضمام المغرب للاتحاد الأفريقي “سيكسر منطق الصوت الأحادي الذي ظل يتردد داخل أروقة المنظمة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي مروجا لمغالطات تهم ملف الصحراء”.
وأضاف لكريني للجزيرة نت أن المغرب سيسعى بمعية أصدقائه لاستثمار ما يتيحه القانون المؤسس للاتحاد بما يسمح بمعالجة إشكالية قبول عضوية كيان “لا تتوفر فيه مقومات الدولة بمنطق القانون الدولي ويحصّن مجمل الدول الأفريقية المعروفة بتنوعها”، في إشارة إلى الجمهورية الصحراوية التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد.
الصحراء
وتوقع يايموت في تصريح للجزيرة أن يشهد ملف الصحراء تململا ملموسا في السنوات القليلة المقبلة بالنظر لكون الوضع الدولي الحالي يدفع باتجاه إيجاد حل سياسي متفاوض عليه بين المغرب والبوليساريو، كما ستمكن هذه العودة من التركيز على عدم استقلالية البوليساريو عن التحكم الجزائري، لأن المغرب يرى أن “عدم استقلال الجبهة هو ما يعرقل الحوار المباشر بين الطرفين”.
ويشير لكريني إلى أن عودة المغرب لأسرته الأفريقية ستحمل رهانات وأولويات اقتصادية مرتبطة بتعميق التعاون مع الدول الأعضاء، وستدفع نحو انكباب الاتحاد على القضايا الحقيقية للقارة في علاقتها بمكافحة ما يسمى الإرهاب وإدارة الأزمات وتعزيز الاستقرار، وتعميق التعاون وتشبيك المصالح بين الدول الأعضاء، ومواجهة التهافت الخارجي الذي تتعرض له هذه القارة.
نور الدين: المغرب سيدافع من داخل الاتحاد عن رؤيته للسلام والتنمية في أفريقيا (الجزيرة)
وفي السياق ذاته، قال نور الدين في تصريح للجزيرة نت إن المغرب سيدافع عن رؤيته من أجل التنمية والسلام في أفريقيا، “والتي يجسدها عمليا من خلال الاستثمارات المهمة في مشاريع اقتصادية داخل القارة”.
تحالفات
ويذهب يايموت إلى أن المغرب سيتحول إلى قطب إقليمي يربط شمال القارة بغربها، وسيدعم مركزه بثقله في مجال الاستثمار، وبناء محاور وتحالفات جديدة تغير من موازين القوى داخل المنظمة بالنظر إلى حجم الاتفاقيات التي تربطه بعدد من الدول الأفريقية، إذ تناهز 950 اتفاقية تهم المجال الاقتصادي ومنه الطاقة والأمن والمجال العسكري.
وكان ملك المغرب محمد السادس ألقى أمس خطابا أمام المشاركين في القمة 28 للاتحاد الأفريقي جاء فيه أن الروابط بين بلاده والدول الأفريقية لم تنقطع “بل إنها ظلت قوية، كما أن الدول الأفريقية وجدتنا دوما بجانبها، واستطعنا تطوير علاقات ثنائية قوية وملموسة، فمنذ عام 2000 أبرم المغرب مع البلدان الأفريقية نحو ألف اتفاقية همت مختلف مجالات التعاون”.
المصدر : الجزيرة