سيول – أ ف ب : مع سقوط وريث امبراطورية سامسونغ الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة الفساد، يتوقع عدد من المحللين أن تتجه كوريا الجنوبية نحو إصلاح شركاتها الضخمة والحد من هيمنة هذه المجموعات العملاقة على رابع قوة اقتصادية في آسيا.
وأدين لي جاي يونغ نائب رئيس «سامسونغ إلكترونيكيس»، أكبر شركة لصنع الهواتف الذكية في العالم، الجمعة بتهمة دفع رشاوى للرئيسة السابقة بارك غيون هي التي أطاحت بها هذه الفضيحة. ونددت محكمة سيول صراحة بـ»روابط الفساد» بين قادة الشركات والسياسيين.
وليست هذه أول مرة تظهر فيها هذه الروابط إلى العلن.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بوسان الوطنية روبرت كيلي لوكالة فرانس برس إن «النفوذ المالي الهائل للمجموعات على النظام السياسي من خلال منح خدمات وإقامة صداقات، هو مصدر قلق مشروع». وسامسونغ هي أكبر هذه الشركات الضخمة الكورية الجنوبية المملوكة لعائلات والمهيمنة على الاقتصاد في هذا البلد، مع بلوغ عائداتها حوالى 20% من إجمالي الناتج الداخلي لهذا البلد الواقع في شرق آسيا. وساهمت هذه المجموعات الضخمة في المعجزة الاقتصادية التي حولت كوريا الجنوبية خلال بضعة عقود من بلد منهار نتيجة الحرب إلى رابع قوة اقتصادية في آسيا. واغتنمت هذه المجموعات الضخمة روابطها المريبة مع القادة السياسيين، للحصول على امتيازات في عالم الأعمال وحماية من المنافسة الأجنبية، ما سمح لها باحتلال مواقع متقدمة في مجمل القطاعات الصناعية من بناء السفن إلى الاتصالات.
واكتسبت عدة شركات مثل «إل جي» و»هيونداي» و«سامسونغ» سمعة عالمية، فيما بات مئات آلاف عمالها وموظفيها الذين يتم توظيفهم مدى الحياة في غالب الأحيان، يشكلون العمود الفقري للطبقة الوسطى الجديدة في كوريا الجنوبية.
لكن بعد تباطؤ إجمالي الناتج الداخلي مؤخراً، بدأت مشاعر الخيبة والإحباط تتزايد نتيجة توزيع غير عادل لثمار النمو. ويشعر العديد من الشبان الكوريين بأن أوضاعهم لن تتحسن مثلما تحسنت من قبلهم أوضاع أهلهم، مهما عملوا بكد.
وباتت المجموعات الكبرى في قفص الاتهام بنظر رأي عام صدم لمدى ضلوعها في الفساد من أجل الحفاظ على سلطة العائلات المؤسسة لها.
وحين نزل الملايين إلى الشارع في الأشهر الأخيرة للمطالبة برحيل الرئيسة بارك غيون هي لضلوعها في فضيحة الفساد، صبوا غضبهم على الرئيسة بقدر ما صبوه على الشركات التي دفعت أموالا لصديقتها التي كانت أساس القضية. وبعد إقالة بارك غيون هي في كانون الأول/ديسمبر، حقق الرئيس الجديد مون جاي إين فوزاً ساحقاً بعد حملة ركزها على الإصلاحات. وسبق أن أدين والد لي جاي يونغ رئيس سامسونغ نفسه بالفساد وبجرائم مالية، كما واجه جده متاعب مع القضاء غير أنه لم يودع السجن.
واستفاد قادة الشركات من امتيازات هائلة في الماضي حالت دون وضعهم خلف القضبان، بل كانت محاكماتهم تنتهي بعقوبات بالسجن مع وقف التنفيذ تصدرها محاكم تشيد بمساهماتهم في الاقتصاد الوطني.
غير أن الحكم بالسجن خمس سنوات مع النفاذ الصادر بحق نائب رئيس سامسونغ يثبت أن المحاكم لن توفر أحداً بعد الآن. وقد أدين كذلك بالإدلاء بشهادة زور وبجرائم أخرى.
وقال تشونغ سان سوب الذي يدير موقع «شايبول.كوم» المتخصص إن «السجن غير المسبوق لرئيس أكبر مجموعة في البلد سيكون بمثابة حافز لتغيير المجتمع بمجمله».
ورأى كيم جون وو من منظمة «محامون من أجل مجتمع ديموقراطي» أن قرار المحكمة بإدانة لي يدفع كوريا الجنوبية في اتجاه «اقتصاد رأسمالي أكثر شفافية».
ويعتزم الرئيس مون خفض السلطة الاقتصادية التي تمسك بها المجموعات، والحد من الممارسات التجارية غير العادلة وتعزيز القوانين والضوابط.
لكنه تابع أنه «على خلاف أسلافه، لا يدين مون بشيء إلى المجموعات الكبرى».
وأضاف أن «سجن لي يثبت أننا ندخل فعليا هذه المرة في المسائل الجدية».
القدس العربي