القاهرة – قال حازم حسني المتحدث باسم المرشح الرئاسي الفريق سامي عنان، لـ”العرب”، إن جماعة الإخوان لم تتواصل معهم حتى هذه اللحظة، تاركا الباب مواربا أمام إمكانية التنسيق معها خلال الفترة المقبلة، حال قبولها بالمبادئ الرئيسية التي أعلنها عنان في خطاب الترشح، وأهمها الحفاظ على الدولة الوطنية واستعادة مؤسساتها عافيتها.
وكان رئيس أركان الجيش المصري الأسبق قد تلقى رسالة من القيادي الإخواني المقيم في لندن يوسف ندا، مساء الأحد، يحدد فيها جملة من الشروط لدعمه في السباق الرئاسي المقرر في مارس المقبل.
وأوضح حازم حسني “أن الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي اتفقت على رفض الشروط التي أعلنها ندا، والترحيب بجميع القوى التي أعلنت دعمها لترشحه والتنسيق معها، شريطة أن يرتبط ذلك بالوقوف على أرضية سياسية مشتركة، من دون أن يكون ذلك عبر إملاءات مسبقة، فالفريق عنان لن يستجدي أحدا حتى يؤيده في الانتخابات”.
ونفى حسني أن تكون الاستعانة بخبرات المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سابقا، جاءت بهدف مغازلة الإخوان، مشددا على أن الحملة تستهدف جميع المصريين ولا يمكن أن تحجر على أي تنظيم تأييد الفريق سامي عنان، في إشارة إلى عدم استبعاد التنسيق مع الإخوان.
وجماعة الإخوان منبوذة من قطاع عريض من المصريين، بسبب ضلوع جناحها المسلح في الكثير من العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية والإصرار على دعم العناصر المتطرفة.
وترفض الحكومة المصرية السماح للجماعة بمزاولة النشاط السياسي، منذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو 2013، ويحاكم عدد من قياداتها بتهم تتراوح بين ممارسة العنف والتحريض عليه، وصدرت أحكام بالإعدام على بعضهم.
ولا تجد الجماعة منفذا للخلاص من التضييق الرسمي والشعبي الذي تتعرض له في مصر ودول عربية أخرى، سوى التعويل على تغيير النظام المصري الحالي، والتفاهم مع أحد المرشحين ممن تتوسم فيهم القدرة على المنافسة لدعمه وطي المرحلة الحالية التي تكبدت فيها خسائر باهظة، وتعرض التنظيم برمته لأزمة كادت أن تعصف به.
ومنذ إعلان عنان الترشح صباح السبت في مواجهة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والشكوك تلاحقه حول توجهاته السياسية وتحيط به شبهة التعاون والتنسيق مع الإخوان.
وتفضل جماعة الإخوان دعم سامي عنان لكونها تراه ندا قويا للرئيس السيسي بالنظر إلى تاريخه العسكري والعلاقة المتوترة بين الرجلين وإصراره على الترشح وعدم التنازل وتجاهل الضغوط الواقعة عليه، وهي حريصة على استغلال هذه المعطيات محاولة القفز من جديد داخل المشهد السياسي والتأثير فيه.
جماعة الإخوان تفضل دعم عنان لكونها تراه ندا قويا للسيسي بالنظر إلى تاريخه العسكري والعلاقة المتوترة بين الرجلين
ورغم التناقض الظاهر، كون عنان عسكريا وطالما وصفت الجماعة حكم السيسي بغير المدني لخلفيته العسكرية، إلا أن قادتها يجدون فيه مرشحا مثاليا لهذه المرحلة التي تتطلب دعم شخصية قادرة على احتواء المؤسسة العسكرية.
ويرى تيار الإسلام السياسي في مجمله أن أحد الأسباب الرئيسية لفشل محمد مرسي في تجربة الحكم الأولى التي خاضتها الجماعة في مصر، يتعلق بعجزه عن التعاطي مع المؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية، والإخفاق في التعامل مع جميع المؤسسات السيادية في الدولة.
وتتطلع الجماعة لخوض فترة وسيطة تحقق خلالها بعض الأهداف الأولية كمقدمة لعودتها للمشهد بشكل كلي لاحقا، وعلى رأسها تحييد أو تحجيم نفوذ الأجنحة الرافضة للجماعة داخل الجيش والمؤسسات المختلفة، وهو أمر خارج عن قدرات مرشح مثل الناشط الحقوقي خالد علي.
ويكافح خالد علي للحصول على التوكيلات اللازمة لموافقة اللجنة العليا للانتخابات على ترشحه، بينما لن يجد عنان صعوبة في ذلك، لأن كوادر الجماعة المنظمة تستطيع الحصول على 25 ألف توكيل من 15 محافظة بسهولة.
ومع أن يوسف ندا قال إن رسالته لعنان كانت شخصية، إلا أن مضمونها تظهر عليه بصمات وأفكار الجماعة التي اعتادت توصيل رسائل من هذا النوع، عندما لا تكون متأكدة من رد فعل الجهة المقابلة، أو لا تريد أن تحرجها عندما تكون الأوضاع السياسية غائمة.
ويأتي على رأس أهداف الجماعة خلال السنوات الأربع المقبلة إطلاق المسجونين من قادة وأعضاء وإعادة الهاربين من الخارج، وهو ما يقتضي القيام بتغييرات داخل مؤسسة القضاء، وكان هذا أحد الشروط الستة التي تضمنتها رسالة يوسف ندا.
وتحرص الجماعة على مطلب عودة محمد مرسي الرمزية ولو ليوم واحد للسلطة، وهو الطلب الأول الذي تضمنته رسالة ندا لعنان، حرصا من الجماعة على إرضاء قواعدها ومحاولة لتبرئة القادة وإعفائهم من مسؤولية العنف.
وينطوي مطلب إعادة الجيش إلى ثكناته على تحقيق أهداف حلفاء الجماعة من الجهاديين، خاصة في سيناء، فتغيير مسار الحرب الضارية التي يشنها الجيش على التنظيمات المسلحة والحرص على عدم تطويرها وإعادتها من حيث حجم القوات المشاركة وطبيعة الأهداف إلى المربع الأول، ربما تخدم تكريس التنظيمات المسلحة الحليفة للجماعة نفوذها وحضورها في سيناء.
وهذه معضلة كبيرة سوف تواجه عنان، لأنها تخصم من رصيده داخل المؤسسة العسكرية، وإذا وافق عليها، تصريحا أو تلميحا، يمكن أن تخصم من رصيده شعبيا، لأن قطاعا كبيرا من المواطنين يرى أن أزمة مصر في الجماعات الإرهابية، والتعاون السابق معها من قبل نظام حسني مبارك مسؤول عن الوصول إلى النتيجة القاتمة حاليا.
وتحمل رسالة ندا إشارة خاصة موحية إلى حملة عنان متعلقة بطبيعة الشخص الذي أرسلها، كونه أحد أثرياء الإخوان ومن ممولي التنظيم الدولي وأحد رؤوس الاقتصاد التاريخيين بالجماعة، بما ينطوي على استعداد للدعم المادي غير المحدود للحملة في حالة التعاطي مع الرسالة بإيجابية.
العرب اللندنية