بدأت في مصر اليوم انتخابات رئاسية تراها المعارضة ومؤسسات غربية صورية لإضفاء الشرعية على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي الثانية من نوعها منذ انقلابه على الرئيس المعزول محمد مرسي صيف عام 2013.
وبينما حشد الجيش والشرطة قواتهما لمواكبة تلك الانتخابات التي تستمر ثلاثة أيام، دعت أميركا رعاياها في مصر إلى توخي الحذر خلال تلك المدة، معتبرة الحدث “انتخابات صورية تجرى على خلفية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.
ومنافس السيسي الوحيد في الانتخابات هو موسى مصطفى موسى، وهو مؤيد للسيسي منذ فترة طويلة، وينظر إليه على نطاق واسع على أنه مرشح صوري، وحزب الغد -الذي يرأسه موسى نفسه- أيد السيسي بالفعل لولاية ثانية قبل أن يظهر موسى منافسا في اللحظات الأخيرة.
ويغيب عن المنافسة سياسيون بارزون لأسباب متعلقة بالمشهد السياسي والقانوني في البلاد، ومن المقرر أن تعلن الهيئة الوطنية لرئاسيات مصر النتيجة النهائية للانتخابات في الثاني من أبريل/نيسان المقبل.
وبررت صحيفة الأهرام المصرية الحكومية هذا المشهد الصوري بقولها في افتتاحيتها أمس “إن أهمية الانتخابات هذه المرة ليست في قوة المنافسة، لكن في أنها تحمل رسالة بأن مصر تستعيد قوتها في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية”.
ويشير أي إقبال قليل من المتوقع إلى أن السيسي يفتقر إلى التفويض اللازم لاتخاذ المزيد من الخطوات الصعبة المطلوبة لإنعاش اقتصاد تضرر بشدة.
قبضة الجيش
وتسلم الجيش مقرات اللجان والمقرات الانتخابية، حيث انتشرت عناصر القوات المسلحة مدعومة بعناصر من القوات الخاصة والشرطة العسكرية، وذلك بالتعاون مع عناصر وزارة الداخلية، في حين وضعت الحواجز ونقاط التفتيش والدوريات المتحركة لتأمين محيط تلك المقرات.
وأشار المتحدث باسم الجيش إلى وجود عناصر من قوات الصاعقة ووحدات التدخل السريع كقوات احتياطية للتأمين والتدخل لمنع أي محاولة من شأنها التأثير علي العملية الانتخابية.
ولم يكشف المتحدث عن أعداد المشاركين من الجيش والشرطة في عمليات تأمين المقرات الانتخابية في 27 محافظة مصرية خلال أيام الاقتراع الثلاثة، غير أن مصدرا أمنيا ذكر أن مئتي ألف عنصر شرطي سيشاركون في عملية التأمين، دون الكشف عن أفراد الجيش الذين سيشاركون في هذه العملية.
وذكرت الصحف المحلية أن 13 ألفًا و706 لجان تفتح أبوابها أمام الناخبين البالغ عددهم 59 مليونا و78 ألفا و138 ناخبًا، تحت إشراف قضائي كامل بمشاركة نحو 18 ألف قاض، يعاونهم 110 آلاف موظف في 10 آلاف و989 مركزًا انتخابيًا.
وذكر رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار لاشين إبراهيم أن عملية الانتخابات ستتابعها 54 منظمة محلية، وتسع منظمات دولية، علاوة على 680 مراسلًا أجنبيًا.
ودعت شخصيات معارضة إلى مقاطعة الانتخابات بعد انسحاب كل الحملات المعارضة الرئيسية قائلة إن القمع أخلى الساحة من المنافسين الحقيقيين.
ويقول منتقدو السيسي إن شعبيته تضررت منذ انتخابه عام 2014 نتيجة الإصلاحات التقشفية وتكميم المعارضين والنشطاء ووسائل الإعلام المستقلة، وأصدرت المحاكم أحكاما بالإعدام على مئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين منذ 2013.
حذر أميركي
من جانبها، دعت السفارة الأميركية لدى القاهرة رعاياها في مصر أمس إلى توخي الحذر خلال الأيام الثلاثة التي ستجرى فيها الانتخابات، ونصحت السفارة -في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني- المواطنين الأميركيين في مصر بمتابعة الأخبار وتوخي الحذر.
وأضح مصدر بالسفارة -رفض ذكر اسمه- أن البيان “إنذار دوري يصدر من آن لآخر، وقال إنه “لا توجد تحذيرات تمنع السفر إلى مصر خلال فترة الانتخابات”.
وفي وقت سابق، وجهت مجموعة عمل أميركية رسالة إلى فريق السياسة الخارجية بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تنبهه إلى التداعيات السلبية لتلك الانتخابات.
وجاء في رسالة لمجموعة العمل بشأن مصر -وهي مجموعة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تضم خبراء أميركيين في السياسة الخارجية- أن “الانتخابات الصورية” ستجرى على خلفية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وقالت “نحثكم على عدم التعامل مع هذه الانتخابات على أنها تعبير شرعي عن إرادة الشعب المصري والامتناع عن الإشادة أو التهنئة”.
وأضافت أنها تتوقع أن يقترح أنصار السيسي في البرلمان تعديلات دستورية لإلغاء القيود على فترات الرئاسة، وقال السيسي إنه لن يسعى لفترة رئاسية ثالثة.
يذكر أنه قبل بدء الحملة الانتخابية رسميا انتقدت الأمم المتحدة وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وشخصيات معارضة الفترة التي سبقت الانتخابات، وقالت إنها شهدت اعتقالات وتخويفا للمعارضين، وإن إجراءات عملية الترشح تصب في صالح الرئيس الحالي.
وانتقدت “الحركة المدنية الديمقراطية” -وهي تحالف سياسي معارض- السيسي بشدة، بسبب خطاب حذر فيه كل من يسعى لتحدي حكمه، وقال السيسي حينها “احذروا، الكلام اللي اتعمل من سبع… تمن سنين مش هيتكرر تاني في مصر”. في إشارة على ما يبدو إلى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك.
ووصفت الحركة الخطاب بأنه محاولة لنشر؛ الخوف مما يقوض نزاهة المنافسة الانتخابية.
المصدر : وكالات