أن مصر مهتمة بالحفاظ على علاقاتها الجيدة بقيادة حماس والإبقاء على قناة حوار مفتوحة معها تجنبًا لانفجار الوضع في القطاع بشكل قد يضر بالأمن القومي المصري، مشيرًا إلى أنها تعمل في الوقت نفسه على منع محمود عباس من فرض المزيد من العقوبات على القطاع والعمل على استئناف الحوار بين فتح وحماس بشكل يسمح باستئناف المفاوضات السياسية مع إسرائيل مستقبلًا ، واستعرض الكاتب في مقاله النقاط التالية:
- الإشارة إلى أنه كان ينبغي الافتراض سلفًا، بأن مصر ستتجاهل طلب إسرائيل بعدم السماح بإدخال جثمان المهندس الحمساوي فادي البطش، إلى قطاع غزة عبر معبر رفح لدفنه في بلديته جباليا، نظرًا لما يوليه النظام المصري من اهتمام بمواصلة الحفاظ على علاقاته الطيبة بحركة حماس، واستشعاره بُعدًا إنسانيًا جراء موافقته على إدخال الجثمان خاصة وأنه لا يشكِل تهديدًا على الأمن القومي المصري، بل سيُعد مكسبًا لمصر في علاقتها بحماس.
- الإشارة إلى أن تصفية البطش أثارت غضب العديد من الدول العربية والإسلامية، وخوف مصر من الظهور كمن يدعم الموساد الإسرائيلي المتهم بالتصفية.
- اعتقاد مصر بأن إدخال جثمان البطش، لايشكِل تهديدًا أمنيًا على إسرائيل، وأن رفض إسرائيل ينبع من رغبتها في الضغط على حماس من خلال مصر، ولذا فقد ارتأت مصر أنه لا ضرر من أن تتحمل إسرائيل هذه المرة.
- الإشارة إلى أن العلاقات بين مصر وحماس، تشهد مرحلة حساسة للغاية، خاصة في ظل مسيرات العودة التي تتزعمها حماس وتعتزم الوصول بها إلى الذروة منتصف شهر مايو القادم، وعدم رغبة مصر في إثارة غضب قيادة حماس التي رفضت المقترح المصري بوقف المسيرة، ورغبة مصر في توقف تلك المسيرات قبل أن تتجه صوب مصر، مثلما سبق وحدث عام 2008، عندما قام عشرات الآلاف من سكان القطاع – بمساعدة نشطاء من حماس – باجتياز جدار الحدود مع مصر والتدفق نحو شمال سيناء للتزود بالسلع الأساسية من الغذاء والوقود.
- الإشارة إلى رفض إسماعيل هنيه زعيم حماس، طلب مصر بالقدوم إلى مصر والتباحث مع رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل، بشأن وقف مسيرات العودة مقابل الحد من الحصار الإسرائيل للقطاع والدفع بصفقة تبادل الأسرى.
- وفقًا لمسئولين في حماس، فإن إسماعيل هنيه، يرى في مسيرة العودة إنجازًا كبيرًا ينبغي على حماس استغلاله حتى النهاية والوصول به إلى الذروة منتصف شهر مايو، ولذا فهو لايفضِل المجئ إلى القاهرة تجنبًا لمواجهة مباشرة مع رئيس المخابرات المصري حول هذا الملف، والاكتفاء بإرسال وفد خلال الشهر الجاري، يترأسه نائبه صالح العاروري، فيما قامت حركة فتح بإرسال وفد تزعمه محمود العالول، نائب رئيس السلطة الفلسطينية، رغم أنها كانت تفوِض في المرات السابقة عزام الأحمد لإدارة ملف المصالحة.
- الإشارة إلى أن المهمة الملحة الملقاة على عاتق مصر، تتمثل في منع تفاقم الأزمة الإنسانية الصعبة التي يشهدها القطاع، على خلفية تهديدات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بتصعيد إجراءات معاقبة القطاع، وأنه ينتظر انتهاء مسيرة “العودة” وانقضاء شهر رمضان، حتى يقوم بتغليظ الضغط على قيادة حماس في القطاع لإرغامها على الانصياع لطلباته.
- بحسب تقرير صحيفة “العربي الجديد”، فقد منحت السعودية في الخامس والعشرين من إبريل الحالي، الضوء الأخضر لـ محمود عباس، إزاء فرض المزيد من العقوبات على قيادة حماس دون سكان القطاع، غير أن العلاقة بين حماس ورئيس السلطة الفلسطينية ازدادت تعقيدًا عقب إعلان محمود عباس عن اعتزامه عقد اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في رام الله نهاية الشهر الجاري دون مشاركة كل من (حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) .
- رغم الصعوبات الكثيرة التي تحف تنفيذ اتفاق المصالحة الذي تم توقيعه بوساطة مصرية في القاهرة في 12 أكتوبر 2017، إلا أن مصر تعتبر مواصلة مسيرة المصالحة بين فتح وحماس، مهمة استراتيجية وأولوية تستلزم تنفيذها، فهي لاتريد أن تفقد دورها الذي طالما تقلدته على مدار أعوام في مسيرة المصالحة الداخلية الفلسطينية.
- الإشارة إلى نجاح المخابرات المصرية في قطع التعاون الذي كان قائمًا بين حماس ورافد داعش في سيناء والإخوان المسلمين في مصر، إزاء كل ما يتصل بالأعمال الإرهابية ضد النظام المصري، وفي نفي الوقت عملت على تقريب قيادة حماس الجديدة منها بقيادة إسماعيل هنيه ويحيي السنوار، وهو إنجاز لاترغب مصر في فقده، فالمصريون لديهم قناعة بأن تحقيق المصالحة بين فتح وحماس سيتمخض عنه بلورة موقف فلسطيني واحد أمام الرئيس ترامب رافضًا لـ “صفقة القرن” بصيغتها الحالية، والدفع بمبدأ إقامة دولة فلسطينية في حدود 67 تكون القدس الشرقية عاصمتها.
ويختتم الكاتب مقاله، بالإشارة إلى أن مصر تقوم في غضون ذلك، بدفع صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، ترتكز في أحد مبادئها على تقليل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، مقابل أن تعمل مصر على تهدئة التوتر القائم على حدود القطاع مع إسرائيل ومن ثم رفع الحصار، وهو الأمر الذي يدعم بلاشك المصالح الأمنية لمصر ويسهم في الحفاظ على استقرار مصر نفسها، وبناءً عليه تجد مصر نفسها مضطرة للإبقاء على علاقتها الطيبة بقيادة حماس والإبقاء على قناة حوار مفتوحة معها.
يوني بن مناحم
ترجمة:
لبنى نبيه عبدالحلم