أعلنت الناطقة باسم البيت الابيض سارة ساندرز أمس (الخميس) أن هناك محادثات «جارية» تحضيراً لقمة ثانية بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ستُعقد في واشنطن في الخريف.
وقالت ساندرز على «تويتر» انه خلال اللقاء الأول بينه وبين بوتين الاثنين في هلسنكي، وافق الرئيس الاميركي على «مواصلة الحوار» بين مستشارَي البلدين للامن القومي. وأضافت أن ترامب طلب من مستشاره للامن القومي جون بولتون أن «يدعو الرئيس بوتين إلى واشنطن في الخريف، وهذه المحادثات جارية حالياً».
من جهة ثانية أكدت ساندرز أمس أن ترامب لن يسمح للقضاء الروسي باستجواب مسؤولين أميركيين. وقالت الناطقة إنه «اقتراح تقدّم به الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين بكل صدق، لكن الرئيس ترامب غير موافق عليه».
وخلال قمة هلسنكي التي جمعت الزعيمان يوم الإثنين، اقترح بوتين السماح لواشنطن باستجواب 12 عنصراً من الاستخبارات الروسية متهمين في الولايات المتحدة بالتدخل في انتخابات 2016، لكن «شريطة المعاملة بالمثل».
وطلبت موسكو في المقابل استجواب مسؤولين أميركيين تشتبه في أنهم مارسوا «نشاطات غير قانونية»، خصوصاً في قضية المستثمر البريطاني المناهض للكرملين وليم برودر الذي دانه القضاء الروسي غيابياً بالتهرب الضريبي.
ورحّب ترامب بفكرة بوتين. لكنّ عدم إعلان البيت الأبيض رفضه لها وقوله الإربعاء إنّ ترامب يدرس القضية أثارا غضب الطبقة السياسية في واشنطن.
وفي نهاية المطاف، أعربت الرئاسة الأميركية الخميس عن أملها بأن يسمح بوتين لـ«الروس الإثني عشر المتهمين، بالمجيء إلى الولايات المتحدة لإثبات براءتهم من عدمها».
واتخذت القضية بعداً أكبر، حين أعلن القضاء الروسي الثلثاء أنه يريد استجواب 11 أميركياً بينهم السفير الأميركي السابق في موسكو (2012-2014) مايكل ماكفول الذي عينه الرئيس السابق باراك اوباما.
وسبق لماكفول أن وجّه انتقادات شديدة إلى إدارة ترامب عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام. وحظي بتأييد وزراء الخارجية السابقين جون كيري وهيلاري كلينتون ومادلين اولبرايت، وكذلك عدد من النواب الجمهوريين بينهم السناتور ماركو روبيو.
وكتب كيري على «تويتر» انه «على الإدارة أن تقول بوضوح وبشكل لا لبس فيه إنها لن تأخذ مثل هذه الفكرة في الاعتبار، حتى في غضون مليون عام. نقطة على السطر. إنها (الفكرة) لا تستحق حتى نصف ثانية من المشاورات. (هذا) خطير».
من جهته قال روبيو انه «لا ينبغي السماح لمسؤولي بوتين تحت أيّ ظرف من الظروف بأن يأتوا إلى الولايات المتحدة وبأن يقوموا باستجواب الأميركيين (الموجودين) على لوائحهم»، داعياً البيت الأبيض إلى استبعاد هذه الفكرة «علناً».
وفي محاولة للضغط على ترامب، طرح مجلس الشيوخ الخميس على التصويت نصاً يُعارض أي قرار محتمل من جانب الإدارة الأميركية يسمح للسلطات الروسية باستجواب مسؤولين أميركيين. وأيّد 98 سناتوراً النص بالإجماع، في مقابل صوت واحد معارض له.
ورأى زعيم المعارضة الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في هذا التصويت «تحذيراً»، وقال إنّ «الكونغرس لن يسمح أبدًا بشيء كهذا».
من جهته قال مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية دان كوتس إنه لا يعلم ماذا حدث خلال الاجتماع الثنائي بين الرئيسين ترامب وبوتين في هلسنكي.
ويطلب جمهوريون وديموقراطيون في الكونغرس إجابات في شأن الاتفاقات التي ربما توصل إليها ترامب خلال الاجتماع الذي استمر ساعتين يوم الاثنين واقتصر الحضور فيه على مترجمي الرئيسيين.
وواجه البيت الأبيض غضباً يتعلق بعدد من القضايا الخاصة بالقمة ومن بينها عدم مواجهة ترامب لبوتين بما توصلت إليه وكالات الاستخبارات الأمريكية في خصوص تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية العام 2016، واقتراح بوتين السماح للسلطات الروسية باستجواب مواطنين أميركيين.
وقال كوتس خلال منتدى «أسبن» الأمني في كولورادو: «حسناً أنتم على حق، لا أعلم ماذا حدث في ذلك الاجتماع». وأضاف: «أرى أننا سنعرف المزيد بمرور الوقت وبعد أن تحدث الرئيس بالفعل عن بعض ما حدث. لكن هذا من صلاحيات الرئيس».
وخلال مؤتمر صحافي مع بوتين بعد القمة، أجاب ترامب سؤالاً عن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام 2016 بطريقة ألقت بظلال من الشك على ما توصلت إليه الاستخبارات في الولايات المتحدة، كما ندد «بحماقة» السياسات الأميركية.
ورد كوتس فوراً على ذلك يوم الاثنين بإصدار بيان يؤيد فيه بشدة النتائج الأميركية بأن روسيا تبذل «جهوداً مستمرة وواسعة النطاق لتقويض ديموقراطيتنا».
ورداً عما دار بخلده عندما سمع تصريحات ترامب في هلسنكي قال كوتس: «حسنا رأيت حينها أنه يتعين علي أن أضع الأمور في نصابها الصحيح.. تمنيت لو صدرت عنه تصريحات مختلفة، لكنني أعتقد أنه تم توضيح الأمر».
وقال ترامب يوم الثلثاء إنه أخطأ التعبير خلال المؤتمر الصحافي، مضيفاً أنه يؤيد ما توصلت إليه وكالات الاستخبارات.
ووصف ترامب قمته مع بوتين بأنها «نجاح عظيم»، لكنه تحدث بغموض عما ناقشه مع الرئيس الروسي.
وكتب الرئيس الأميركي تغريدة أمس قال فيها إن الإرهاب وإسرائيل والانتشار النووي والهجمات الإلكترونية والتجارة وأوكرانيا والشرق الأوسط وكوريا الشمالية من بين القضايا التي تحدث في شأنها مع بوتين.
بدوره قال بوتين إن القمة كانت ناجحة وأشار الخميس إلى أنها «أدت إلى بعض الاتفاقات المفيدة»، لكنه لم يقدم تفاصيل أيضاً.
وكان نائب وزير العدل الأميركي رود روزنشتاين قدم أمس تقريراً من أجل مكافحة تهديدات التدخل في الانتخابات الأميركية، في حين لا يزال الرئيس الاميركي دونالد ترامب عرضة للانتقادات منذ قمته مع فلاديمير بوتين وتصريحاته التي اعتُبرت متساهلة حيال نظيره الروسي.
وشدد روزنشتاين خلال حديثه في منتدى «أسبن» على «عمليات التأثير الأجنبية الخبيثة التي تستهدف عمليتنا السياسية».
وسأل روزنشتاين «ما الذي يمكن القيام به للدفاع عن قيمنا في مواجهة الجهود الخارجية للتأثير في انتخاباتنا وإضعاف نسيج المجتمع ودفع الأميركيين ضد بعضهم البعض؟»
ودعا إلى وحدة الإدارة الاميركية، قائلاً: «على غرار الإرهاب والتهديدات الأخرى لأمننا القومي، فإنّ تهديد النفوذ الأجنبي الخبيث يتطلب نهجاً استراتيجياً عبر جميع الوكالات الحكومية».
وكان مدير الاستخبارات الاميركية دان كوتس دافع الإثنين عن الاستنتاجات «الواضحة» لأجهزته حول حصول تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية العام 2016، وحول «المساعي المتواصلة» التي تقوم بها روسيا لـ«ضرب الديموقراطية الاميركية».
وأكد روزنشتاين وجود تهديد سيبراني روسي للولايات المتحدة، وقال إن مكتب التحقيقات الفيديرالية ووكالات أخرى مستعدة لانتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
واضاف أن «الجهد الروسي للتأثير في الانتخابات الرئاسية العام 2016 هو مجرد شجرة واحدة في غابة آخذة في الاتساع».
الحياة اللندنية