وقال أحد أعضاء التيار المدني العراقي في بغداد، لـ”العربي الجديد”، إن “العلمانيين في بغداد كانوا قد توقفوا عن الاحتجاج خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بسبب تدخل مقتدى الصدر على خط التظاهر، وهو زعيم حزب سياسي إسلامي ساهم في إخضاع البلد لمفهوم المحاصصة الطائفية والحزبية، فضلاً عن أن التيار متهم بالكثير من ملفات الفساد والفتن الطائفية”.
وتابع أن “العودة إلى التظاهر بصفتنا الصريحة كعلمانيين، هو من متطلبات المرحلة، فالوضع العام في العراق يحتاج إلى تدخلنا بعيداً عن الميول إلى أي جهة سياسية”، موضحاً أن “يوم غدٍ الثلاثاء سيكون بداية لعودتنا للساحة، من خلال ساحة التحرير وسط بغداد، بعد أن كنا تركنا الاحتجاجات لأننا أدركنا تماماً أن المدنيين المتحالفين مع الصدر والشيوعيين سيصادرون الجهود الشعبية خلال الأعوام الماضية إلى مصالح ومكتسبات سياسية”.
وأشار إلى أن “موعد تظاهراتنا هو بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لتظاهرات البصرة، حينما قُتل الشاب منتظر الحلفي بنيران القوات العسكرية التي أرادت قمع الاحتجاج الذي طالب بالخدمات وأبرزها الكهرباء والماء”، مؤكداً أن “العلمانيين في بغداد سيستمرون خلال المرحلة المقبلة بالتظاهر، ولن نتحاور مع أي جهة سياسية مثلما فعل الشيوعيون، أو نتحالف مع حزب أو نرضى بالوعود الحكومية الفارغة”، وفقًا لقوله.
يشار إلى أن “مدنيون”، وهي التسمية التي اختارها الجناح الرافض بالتيار المدني العراقي للتحالف مع التيار الصدري، كانوا قد أقاموا، خلال العاميين الماضيين، عدداً من المؤتمرات الصحافية، أكدوا من خلالها أن تظاهرات الأعوام السابقة “انحرفت” عن مسارها، وتحولت إلى مصالح شخصية وسياسية لرموز الاحتجاجات في بغداد.
من جانبه، انتقد الناشط من بغداد حيدر المرواني، “ظهور العلمانيين خلال هذه المرحلة”. وقال لـ”العربي الجديد” إن “أمراً غريباً أن يظهر علمانيو بغداد الآن، أي بعد ثلاثة أسابيع من انطلاق التظاهرات وسقوط العشرات من القتلى والجرحى”.
وأضاف أن “العلمانيين كان عليهم أن يحتجوا مع انطلاق التظاهرات وليس بعدها، يبدو أن هؤلاء المثقفين يترفعون من أن ينصهروا مع باقي العراقيين. علمانيون لا يتظاهرون إلا مع علمانيين، إنهم لا يختلفون عن الإسلاميين فكلاهما يفعل من أجل هويتهِ لا من أجل عراقهِ”.
من جهته، أكد عضو المجلس المحلي بمدينة البصرة غانم حميد المياحي، ان “التعهدات الحكومية والإصلاحات واستجابة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي أدت إلى تراجع أعداد المتظاهرين”، مبيناً أن “عقلاء القوم من المطالبين بالحقوق المشروعة، أثرت فيهم استجابة العبادي لإكمال مشاريع البصرة وسلسلة الاصلاحات بالإضافة إلى متابعة الحكومة المحلية لنتائج المطالب، لاسيما بعد تعيين أكثر من 10 آلاف شاب من جنوب البلاد”.
ولفت في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “المتظاهرين الذين انسحبوا، أعطوا مهلة للحكومة، لا تتجاوز الشهر الواحد، لتنفيذ المطالب من قبل العبادي، وهي فرصة مهمة للحكومة لإعادة الثقة بينها وبين المواطن”، مؤكداً أن “عدم تحقيق الحكومة لمطالب المحتجين، يعني أن التظاهرات ستعود من جديد وبأعداد أكبر، ولا نضمن ماذا سيحدث، وسنكون كمجلس، داعمين لها بشكل مباشر، بشرط أن تكون سلمية”.
من جانبه، قال النائب السابق في البرلمان العراقي حبيب الطرفي، أن التظاهرات التي خرجت في البلاد كانت “مفاجئة” للحكومة العراقية، مشيراً إلى أن “العبادي تعامل مع الاحتجاجات بإيجابية وما يزال يعمل على ذلك، وهناك استجابة واضحة لمطالب الشعب وفق مستوى زمني قريب ومتوسط وبعضها يحتاج إلى أوقات اضافية”.
وبيَّن لـ”العربي الجديد”، أنه “لا يمكن الاستجابة لكل طلبات المتظاهرين دفعة واحدة لأنها متنوعة، والظرف الذي يمر على الحكومة العراقية يعد استثنائياً وخطيراً، وأن الحكومة تتخوف من الانحراف، لذا فالعبادي يعمل على ترضية الناس بكل الطرق المتاحة لديه، حتى أن خطوة سحب يد وزير الكهرباء قاسم الفهداوي كانت في محلها، ولقيت إعجاباً وترحيباً من المحتجين الذين اعتبروا الأمر بداية للإصلاح”.
وأوضح أن “مئات مليارات الدولارات صُرفت على تحسين الواقع الخدمي، لا سيما معالجة مشكلة الكهرباء، ولكن التغطية الحزبية على عمل الوزراء الفاسدين، جعلت البلد يتأخر في ترميم خدماته ومؤسساته عقب العام 2003، وعلى العبادي أن يعمل على التحقيق ومحاسبة المسؤولين الفاسدين بواسطة القضاء وليس فقط عزلهم عن السلطة”.
إلى ذلك، لم تخرج الحكومة العراقية بجديد، ولا تزال الخلايا التي شكلتها في مجالس محافظات الوسط والجنوب العراقي، تعمل على التنسيق مع لجنة الإعمار والخدمات المشكلة من قبل العبادي، وهي تمتلك صلاحية مجلس الوزراء وتتابع قضايا الخدمات، فيما تؤكد أن المشاريع الخدمية تحتاج إلى أسابيع، من أجل إنجازها.
أكثم سيف الدين
العربي الجديد