كشفت تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في مؤتمر “حوار المنامة 14″، عن تزايد الرهان الدولي على إحراز تقدم في جهود السلام في اليمن من خلال الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي مارتن غريفيث والتي من المفترض أن تتوج، في نوفمبر القادم، بعقد جولة جديدة من المشاورات في إحدى العواصم الأوروبية.
ونقلت مصادر إعلامية عن ماتيس السبت، قوله إنه قد حان الوقت لوقف الحرب في اليمن، وإن التسوية السياسية يجب أن تكون بديلا عن القتال، مشيرا إلى أنه يجب التطرق للقضايا الرئيسية في المشاورات المرتقبة التي قال إنها الفرصة الأفضل للحوثيين للتعاون مع المبعوث الأممي إلى اليمن.
ووصف ماتيس المعالم الرئيسية لرؤية المجتمع الدولي لنهاية الحرب في اليمن والتي تقوم على محاولة تقديم ضمانات لدول المنطقة تتضمن حماية أمنها القومي، عبر حزمة ضمانات تشمل حدودا منزوعة السلاح، ويمن دون صواريخ بعيدة المدى.
وقال مراقبون يمنيون إنها المرة الأولى التي يتحدث فيها وزير الدفاع الأميركي صراحة عن هذا الأمر، حيث أكد أن تلك الخطوات كفيلة بدفع عجلة التسوية السياسية في اليمن.
واعتبر المراقبون تصريحات ماتيس، التي خلت من أي إشارة للقرارات الدولية المتعلقة بالملف اليمني، أو شروط الحكومة اليمنية بشأن اي تسوية سياسية، بأنها محاولة لإعادة إحياء خطة وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري العابرة للمرجعيات اليمنية والدولية، والتي قوبلت برفض شديد من الشرعية اليمنية حينها.
وأشار الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى في تصريح لـ”العرب”، إلى تصاعد الرغبة الدولية بشكل غير مسبوق في إغلاق الملف اليمني والتفرغ لمعالجة الملفات الأخرى العالقة في المنطقة.
وأكد مصطفى أن ذلك بدا واضحا في تصريحات المبعوث الأممي مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي في سبتمبر الماضي، حول فشل تحضيراته لمشاورات جنيف3 التي ألغيت بسبب امتناع الحوثيين عن الحضور، عندما قال “الجهود لم تنجح، لم ينجح الأمر، أعدكم بأن هذا الأمر لن يتكرر”.
ماتيس: قد حان الوقت لوقف الحرب في اليمن، والتسوية السياسية يجب أن تكون بديلا عن القتال
ولفت إلى أن اللهجة الصارمة التي استخدمها غريفيث ربما تدل على محاولته عدم فقدان تعهدات تقدمت بها الدول الكبرى للضغط على طرفي الحرب في اليمن للوصول إلى تسوية.
ويعتقد مصطفى “أن مغادرة الرئيس هادي الأسبوع الماضي إلى الولايات المتحدة دون الإعلان رسميا من مكتبه عن سبب الزيارة قد تكون على علاقة بالضغوط التي تمارسها واشنطن عليه للقبول بتنازلات كبيرة لصالح الحوثيين تمهيدا لتسوية تنهي الحرب”.
وأضاف “خاصة أن الرئيس هادي امتنع عن مقابلة غريفيث بداية أكتوبر في إطار سعي الأخير للتحضير لمشاورات جديدة سبق وأعلن أنها ستعقد في نوفمبر المقبل، وقد عرقل امتناع هادي عن لقاء المبعوث الأممي تلك التحضيرات؛ على الأقل الإعلان عن مكانها وزمان انعقادها”. وأشار مصطفى إلى أن غريفيث بدا أكثر ثقة في عقد جولة جديدة من المشاورات قبل نهاية العام، ما يمكن أن يكون ناجما عن مراهنته على الضغوط الدولية الممارسة على هادي.
ويرجّح إمكانية لقاء هادي في واشنطن بغريفيث المتواجد هناك بالتزامن مع زيارة الرئيس اليمني للولايات المتحدة.
ويرى مصطفى أنه بالرغم من أن الحرب في اليمن تبدو أقرب من أي وقت إلى نهايتها بالنظر إلى التحولات اليمنية والإقليمية والدولية، إلا أن ظروف تحقيق سلام حقيقي لم تكتمل بعد في ظل استمرار حالة التمترس الداخلي في المشهد اليمني.
ويتصف الموقف الأميركي بالتناقض تجاه القضايا العالقة في المنطقة، فبينما تتخذ واشنطن موقفا متصلبا إزاء إيران وحزب الله، فإنها تتبنى في ذات الوقت الرؤية الأوروبية المتساهلة مع الميليشيات الحوثية.
وعلى صعيد متصل، قام وفد المفاوضات الحوثي برئاسة محمد عبدالسلام بزيارة إلى العاصمة موسكو حيث التقى بمسؤولين في الخارجية والاستخبارات الروسية. وأكدت مصادر سياسية أن تلك الزيارة على علاقة بإشارات سابقة بعثتها موسكو بشأن إمكانية مشاركتها بفاعلية في الملف اليمني كضامن دولي لالتزام الميليشيات الحوثية بأي تسوية سياسية، إلى جانب الضامن الإقليمي المتمثل في سلطنة عمان.
ومن ناحية أخرى وعلى وقع زيارة مرتقبة لغريفيث إلى المنطقة في جولة جديدة تشمل لأول مرة مدينة تعز اليمنية، أكدت مصادر محلية في مدينة الحديدة تجدد المعارك بشكل غير مسبوق بين القوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي والميليشيات الحوثية.
وتحدثت مصادر إعلامية يمنية عن انتقال المعارك إلى مناطق جديدة جنوب مدينة الحديدة بإسناد من طائرات تابعة للتحالف العربي الداعم للشرعية، في ظل مقاومة من قبل الميليشيات الحوثية التي تتحصّن بالمنازل وبين المناطق المكتظة بالسكان. ووفقا للمصادر فقد امتدت الاشتباكات إلى محيط جامعة الحديدة ومطارها.
وفيما تسعى قوات المقاومة المشتركة لإحراز نصر عسكري سريع وخاطف قبيل انطلاق الجولة القادمة من مشاورات السلام، تهدف الميليشيات الحوثية إلى تثبيت مواقعها وإفشال أي تقدم عسكري للتحالف العربي قد ينعكس على المسار السياسي في الأيام القادمة.