ناقش خبراء إعلام وصحافيون من دول مختلفة المخاطر التي يتعرض لها إعلاميون عرب بدءا من قطع الأرزاق مرورا بالخطف والاعتقال وصولا إلى التصفية الجسدية، خلال جلسة حوارية في ملتقى أريج الذي أنهى أعماله مساء الأحد في العاصمة الأردنية عمان.
وتحت عنوان “الحياة على الحافة”، تحدّث الصحافي اليمني خالد الهروجي عن تعرض زملائه إلى “عقاب جماعي” منذ أربع سنوات مع اتهامات جاهزة “بالخيانة والعمالة” من جميع الأطراف لكل من يجرؤ على كشف الحقائق هناك.
وأكد الهروجي أمام قرابة 450 صحافيا وخبيرا عربيا وأجنبيا، أن “من لم يمت بالرصاص أو تحت التعذيب مات من الجوع” بسبب توقف رواتب الصحافيين منذ دخول الحوثيين إلى صنعاء عام 2014.
ووثقت الهيئات الإعلامية 1180 انتهاكا خلال السنوات الأربع الماضية بين حجب، إقفال واقتحام مواقع الكترونية وإذاعات ومحطات تلفزيون.
ومنذ احتدام الحرب اليمنية “قتل 27 إعلاميا، أغلقت جميع الصحف اليومية الثلاث و300 مطبوعة دورية وخمس صحف أهلية وحزبية”.
ونبّهت الإعلامية روان الضامن التي أدارت جلسة الافتتاح، إلى أن مسلسل قتل الصحافيين يشكّل ”إنذارا لنا جميعا بأن ما حدث معهم قد يحدث مع آخرين”. وأكدت أن استهداف الصحافيين يجعل “السعي وراء الحقيقة أكثر أهمية من أي وقت مضى”.
ومن جهتها تحدثت الإعلامية السورية لينا الشواف عن تكالب جميع الأطراف المتصارعة في سوريا على قمع الصحافيين وتصفيتهم. وقالت “كان الخط الأحمر والرقابة محصورين بالنظام السوري قبل الحرب، أما اليوم فجميع الأطراف تفترس الصحافيين”.
وأضافت الشوّاف، مستذكرة مقتل الناشطين الإعلاميين رائد الفارس وحمود الجنيد، لأن الأول تجرأ ورفض إملاءات تنظيم هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) بحجب الصوت النسائي عن إذاعته المعارضة ووقف بث الموسيقى.
وتطرقت بدورها الإعلامية المصرية لينا عطاالله إلى حجب المواقع في مصر، ولفتت إلى أن منصة ”مدى مصر” الإلكترونية التي ترأس تحريرها، تندرج ضمن 500 موقع تعرض للحجب. وانتقدت عطالله القوانين المقيدة للحريات الإعلامية في مصر، خصوصا “الجرائم الإلكترونية” و”تنظيم الإعلام”.
وبدوره، أكد غوسبر هوغبرغ مدير برنامج دعم الإعلام الدولي (الدنماركي) أن “شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية، خاضت رحلة ملهمة في الشراكة القوية لنشر صحافة استقصاء ممنهجة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط اضطرابات مقلقة، وتراجع مؤسف في الحريات الصحافية، وتفاقم الصراعات وغياب الأمن”.
وأضاف غوسبر “كل ذلك يشكّل تهديدا لتطور صحافة الاستقصاء، فغدت مهمّة الصحافي محفوفة بالمخاطر الجسدية والقانونية، لكن رغم ذلك يزداد التصميم على مواصلة الطموح المهني بحمل شعلة الاستقصاء”.
وشهد اليوم الأول ثلاث ورشات تدريب في السرد القصصي والتكنولوجيا الرقمية. وفي ورشة حول “السرد القصصي التلفزيوني”، استعرض فروده ريكف رئيس المعهد النرويجي للصحافة، والإعلامي توربنشو آليات بناء النص التلفزيوني وقدّما “نصائح حول بناء (سكربت) القصص المرئية وطرق صناعة التعليق الصوتي ليكون أكثر تشويقا وتأثيرا في المتلقي”.
وقال شو للمشاركين “ابدأوا من النهاية. ابدأوا من المهم جدا، ويجب أن تخبروا الناس أين ستنتهي هذه القصة”.
وحول التعليق الصوتي دعا شو نظراءه العرب إلى استخدام ”لغة سلسة ومصطلحات سهلة الفهم غير قابلة للتأويل” حتى يتمكنوا من جذب الجمهور والمحافظة عليه.
وحثّهم على “إظهار الفرق بيننا كمحترفين وبين الهواة في رواية القصص”.
واطلع مارتن سميث الذي يختزن خبرة 40 عاما في مجال التقارير التلفزيونية المشاركين على قواعد اللجوء إلى إعادة تمثيل المشاهد كـ“خيار أخير” يلجأ إليه الإعلامي لتوضيح السرد التلفزيوني. وأوضح الخبير الذي نقل أحداثا ساخنة حول العالم لجيل الاستقصاء الجديد أنهم سيواجهون صعوبة في تجسيد التفاصيل كاملة عند اللجوء إلى هذه التقنية.
وغطّى سميث الثورة في أميركا الوسطى وسقوط الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفييتي وظهور القاعدة ثم داعش وحربي العراق وأفغانستان.
ومن جانبه أكد ديفيد هيفيه مدير منطقة البحر المتوسط وآسيا في الوكالة الفرنسية لتطوير الإعلام، التزام هيئته في دعم صحافة الاستقصاء “لما تلعبه من دور كبير في كشف الحقائق وتمكين المواطن من الحصول على المعلومة بشفافية، وبالتالي تحافظ على النسيج الاجتماعي وتضمن تعددية الأفكار”.
وتعرّف المشاركون في ورشة (Bellingcat) على آلية استخدام الأدوات المتوافرة عبر الإنترنت للتحقق من صدقية المعلومات، المصادر، الصور ومقاطع الفيديو. وشرح الفريق خاصية تحديد المواقع الجغرافية لمكان التقاط صورة أو مقطع فيديو بشكل دقيق، في سياق التحقّق من صدقية المصادر والبيانات.
وشهد اليوم الثاني من الملتقى ورشات تدريب حول تقنيات استخدام الموبايل في التصوير، وإنجاز التحقيقات الرقمية، فضلا عن تدريب الإعلاميين على أدوات الأمن الرقمي والسلامة البدنية.